قال البنك المركزي المصري، يوم الاثنين، إن مصر باعت أذون خزانة مقومة باليورو لأجل عام بقيمة 626.4 مليون يورو (683 مليون دولار) وبمتوسط عائد 4%.
وكان البنك المركزي المصري قد عرض، اليوم الاثنين، أذون خزانة بقيمة 600 مليون يورو، لتوفير السيولة اللازمة عبر الاقتراض من البنوك، وجرت تغطية العطاءات بالكامل. وتستحق الأذون الجديدة منتصف شهر أغسطس/آب من العام القادم.
وفي حين يقول البنك المركزي إن المبلغ مطلوب لتنفيذ موازنة العام المالي الذي بدأ مع بداية الشهر الماضي، تظهر بيانات صادرة عن البنك نفسه، وعن وزارة المالية، حاجة البلاد الشديدة للنقد الأجنبي، وفاء للالتزامات الخارجية، بما فيها فتح اعتمادات شراء القمح، الذي تعد مصر من أكبر مستورديه في العالم.
وعاني الحساب الجاري المصري من عجز دائم خلال العقود الأخيرة، إلا أنه اشتد في السنوات الأخيرة ومنذ سيطرة الرئيس عبد الفتاح السيسي على مقاليد الأمور في البلاد، على خلفية التوسع في تنفيذ المشاريع العملاقة الممولة بقروض خارجية ضخمة، والتي يرى كثير من الخبراء أنها لا تعود بالنفع على الاقتصاد أو المواطن.
وكان أبرز تلك المشاريع مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الذي قدرت كلفته بأكثر من 55 مليار دولار.
وارتفع الدين الخارجي للبلاد من نحو 43.2 مليار دولار في يونيو/ حزيران 2013، إلى 165.4 مليار دولار بنهاية مارس/ آذار من العام الحالي، بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 283%.
وعلى الجانب الآخر، تراجعت تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 26.1% في الفترة من أول يوليو/ تموز 2022 حتى نهاية مارس/ آذار 2023، مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي السابق عليه.
وبينما جاء متوسط العائد على أذون الخزانة الأخيرة عند مستوى منخفض مقارنة بالمستويات العالمية الحالية وأخذاً في الاعتبار معامل المخاطر الخاص بمصر، نفى نائب رئيس بنك أجنبي يعمل في مصر قدرة البنوك المشترية على طلب معدلات عائد أكثر ارتفاعاً.
وأكد المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "معدلات العائد التي تتقدم بها البنوك المصرية لشراء تلك الأدوات يجرى إملاؤها من البنك المركزي"، مضيفاً: "العائد الحقيقي في تقديري لا ينبغي أن يقل بأي حال عن 12%".
وتظهر بيانات موقع World Government Bonds ارتفاع تكلفة التأمين على الديون المصرية بالدولار، والتي تعتبر مؤشراً على نظيرتها باليورو غير المتاحة في الأسواق، لتسجل 1402 نقطة أساس (14.02%)، فوق الفائدة التي تدفعها أكثر الجهات المصدرة أماناً في العالم.
وتعني تلك التكلفة أن العائد الحقيقي الذي ينبغي أن يدفعه البنك المركزي المصري على أوراقه المصدرة لخمس سنوات، وفقاً لمخاطر التخلف عن السداد الحالية، سيكون في حدود 18% على أقل تقدير.
ولا توجد سوق حقيقية يمكن من خلالها معرفة تكلفة التأمين على السندات التي تستحق خلال سنة (الأذون).
ورفض نائب رئيس بنك حكومي مصري التعليق على مفارقة العائد الصارخة، واكتفى بالقول إن "الوقت الحالي يتطلب الاصطفاف خلف الحكومة، لحين عبور الأزمة الحالية".
وتسعى الحكومة المصرية لإيجاد بدائل غير تقليدية لتوفير المزيد من النقد الأجنبي، حيث أطلقت عدة مبادرات، كان من بينها منح أفضلية لبيع الأراضي والعقارات المملوكة للدولة لمن يدفع بالدولار، وتيسير إجراءات استيراد السيارات من الخارج للمغتربين، وتسوية الموقف التجنيدي لهم مقابل سداد خمسة آلاف دولار أو يورو.
أيضاً، طرح أكبر بنكين حكوميين شهادات دولارية بفوائد أعلى من أي مثيل لها في السوق المصرية، في محاولة لإعادة تدفق أموال المصريين بالخارج، أو تلك المخزنة لدى الأشخاص أو المؤسسات المالية العاملة في الدولة.
(الدولار = 0.9174 يورو)