استمع إلى الملخص
- لجذب الاستثمارات الأجنبية، باع البنك سندات حكومية بفائدة تجاوزت 31.5%، مع توقعات بزيادة الفائدة إلى 36%، بعد رفعها 1900 نقطة أساس منذ مارس.
- رغم استقرار التضخم السنوي عند 26.5% في أكتوبر، تشير التوقعات إلى انخفاضه في 2025، مع استمرار البنك في مراقبة التطورات الاقتصادية.
أبقى البنك المركزي المصري، الخميس، على سعر الفائدة الرئيسي على الودائع عند 27.25%، وعلى الإقراض عند 28.25%، وعلى سعر الائتمان والخصم عند مستوى 27.75%، وذلك للمرة الخامسة على التوالي على ضوء ارتفاع معدلات التضخم في البلاد. ولجأ البنك المركزي إلى بيع سندات حكومية بفائدة فاقت 31.5% خلال الأسبوعين الماضيين، مع طلب المستثمرين في الأموال الساخنة بالسندات الحكومية زيادة الفائدة إلى 36%، وهو ما أعطى مؤشراً بتوجه البنك نحو تثبيت سعر الفائدة لجذب حملة الدولار للاستثمار المباشر، وضمان حصولهم على عوائد صافية على الاستثمار في السندات في حدود 5%.
وكان البنك المركزي قد رفع سعر الفائدة بواقع 600 نقطة أساس (6%) في أعقاب تحرير سعر الصرف في 6 مارس/آذار الماضي. ومنذ أن بدأ البنك سياسة التشديد النقدي، بلغت الزيادة الإجمالية في أسعار الفائدة 1900 نقطة أساس، تمثلت في 300 نقطة أساس في عام 2022، و800 نقطة أساس في 2023، و800 نقطة أساس في 2024. وحسب إحصائيات رسمية صادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء في مصر، واصل معدل التضخم السنوي الارتفاع خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 26.3%، مقابل 26% في سبتمبر/أيلول السابق عليه.
وسجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعاً مقداره 26.9% على أساس سنوي في أكتوبر الماضي مدفوعاً بارتفاع أسعار الحبوب والخبز بنحو 36.7%، واللحوم والدواجن بـ19.7%، والأسماك بـ21.9%، والألبان بـ29.9%، والفواكه بـ28.5%، والخضراوات بـ39.1%، والمياه المعدنية والغازية بـ29.2%، والبن والشاي بـ28.1%. ورفعت مصر أسعار الوقود ثلاث مرات منذ مارس/آذار الماضي، وكذلك الكهرباء والغاز الطبيعي للمنازل، ونفذت زيادة نسبتها 300% على أسعار الخبز المدعم ضمن برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي للحصول على شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار، ضمن برنامج القرض الموسّع بين مصر والصندوق البالغة قيمته ثمانية مليارات دولار.
وقال البنك المركزي في بيان إن قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء انعكاساً لآخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية بالبنك في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. فعلى الصعيد العالمي، ساهمت السياسات النقدية التقييدية التي انتهجتها اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة في انخفاض التضخم عالمياً، واتجاه بعض البنوك المركزية إلى خفض أسعار العائد تدريجياً، مع الإبقاء على المسار النزولي للتضخم للوصول به إلى مستوياته المستهدفة.
وأضاف البنك: بينما يتسم معدل النمو الاقتصادي باستقراره إلى حد كبير، فإن آفاقه لا تزال عرضة لبعض المخاطر، ومنها تأثير السياسات النقدية التقييدية على نمو النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية. وتابع بأنه رغم زيادة التوقعات الخاصة بانخفاض الأسعار العالمية للسلع الأساسية، لا سيما الطاقة، فإن المخاطر الصعودية المحيطة بالتضخم لا تزال قائمة، إذ تظل أسعار السلع الأساسية عرضة لصدمات العرض، مثل الاضطرابات العالمية وسوء أحوال الطقس.
وعلى الجانب المحلي، أظهرت المؤشرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بوتيرة أسرع من 2.4%، وهي النسبة المسجلة خلال الربع الثاني من العام نفسه. وتشير توقعات النشاط الاقتصادي للربع الرابع من 2024 إلى استمرار اتجاهه الصعودي، وإن لم يحقق طاقته القصوى بعد، بما يدعم المسار النزولي للتضخم على المدى القصير.
وفي ما يتعلق بمعدل البطالة، ذكر البنك أنه شهد ارتفاعاً طفيفاً إلى 6.7% خلال الربع الثالث من 2024، مقابل 6.5% خلال الربع الثاني من العام نفسه، حيث إن وتيرة توفير فرص العمل لم تواكب معدلات نمو الوافدين على سوق العمل. وبقي التضخم السنوي العام مستقراً إلى حد كبير للشهر الثالث على التوالي، عند 26.5%، في أكتوبر 2024، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إدارياً، مثل غاز البترول المسال (أسطوانات البوتاغاز) والأدوية.
وذكر البنك أن ذلك يأتي اتساقاً مع انخفاض التضخم الأساسي السنوي بشكل طفيف في أكتوبر، وتراجع التضخم السنوي للسلع الغذائية إلى أدنى معدل له منذ عامين. وتشير هذه النتائج، جنباً إلى جنب مع تباطؤ وتيرة معدلات التضخم الشهرية، إلى تحسن توقعات التضخم واستمراره في المسار الهبوطي، على الرغم من تأثره بإجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.
كذلك، تشير التوقعات إلى استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى نهاية 2024، وإن كانت تحيط به بعض المخاطر الصعودية، ومنها استمرار التوترات الجيوسياسية، وبوادر عودة السياسات الحمائية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات. ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ بداية من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس.
وفي ضوء التطورات على المستويين المحلي والعالمي، رأى البنك المركزي الإبقاء على أسعار العائد الأساسية من دون تغيير إلى حين تحقيق انخفاض ملموس ومستدام في معدل التضخم، على أن تواصل لجنة السياسة النقدية اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي المناسبة، بناءً على تقديرها لتوقعات التضخم، وتطور معدلاته الشهرية، وفعالية آلية انتقال السياسة النقدية، فضلاً عن متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، وتقييم آثارها على التوقعات الاقتصادية.