- يشترط القانون لمنح التزام المرافق العامة للمستثمرين الحفاظ على التجهيزات والأجهزة الطبية وتوفر الخبرات اللازمة، مع ضمان عودة المنشآت للدولة في نهاية المدة دون مقابل وفي حالة جيدة.
- تم طرح 45 مستشفى للإيجار قبل الموافقة على القانون، مع تأجير فعلي لخمسة مستشفيات، مما يعكس خطة الدولة لجذب الاستثمارات في القطاع الصحي وسط مخاوف من ارتفاع أسعار الخدمات وتكتلات احتكارية.
وافق مجلس النواب المصري، الأحد، من حيث المبدأ، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن "تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية"، والهادف إلى تأجير المستشفيات العامة للمستثمرين لمدة تصل إلى 15 عاماً، تحت ذريعة تطويرها، وتحسين الخدمة العلاجية المقدمة للمواطنين.
ورفض النائب ضياء الدين داوود مشروع قانون تأجير المستشفيات العامة قائلاً إنه "خطير للغاية، وتعكس مواده عجز الدولة وتخليها عن دورها في القطاع الصحي، من خلال تقديم مرافقها العامة للمستثمرين"، مستطرداً: "نحن بصدد عقود تمثل تنازلاً مؤقتاً عن إدارة مرفق واجب على الدولة إدارته. والقانون خلط في مواده بين مفاهيم الإدارة والإنشاء والتطوير".
وعقب ممثل حزب "مستقبل وطن" الحائز للأغلبية عبد الهادي القصبي بقوله إن "القانون لا يعني عجز الدولة أو تنازلها عن تقديم خدماتها، وإنما يهدف إلى إشراك القطاع الخاص في إدارة المستشفيات العامة. والمشروع المقدم من الحكومة لا يخرج عن المنطلقات الوطنية للدولة"، على حد تعبيره.
وتحفظ رئيس المجلس حنفي جبالي على وصف بعض النواب القانون بأنه "ضد المصحلة العليا للبلاد"، بالقول إن "الحق في الصحة يأتي على رأس الحقوق الاجتماعية التي تشكل المقومات الأساسية للمجتمع، وقد حرصت الدساتير المتعاقبة على كفالة التزام الدولة بتقديم الخدمات والرعاية الصحية للمواطنين، وهو ما أكدته المادة 18 من الدستور الحالي بأن "لكل مواطن الحق في الصحة، وفي الرعاية الصحية المتكاملة".
وأضاف جبالي أن "أي سعي من الحكومة لتطوير المنظومة الصحية، وتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمواطن، هو سعي محمود يدعمه البرلمان ويسانده. وقد نختلف في الوسائل والآليات، إلا أننا نتفق حتماً في الأهداف والغايات"، وفق قوله. وادعى جبالي أن نصوص قانون تأجير المستشفيات العامة " وازنت بين مصلحة الدولة في جذب المستثمرين إلى هذا القطاع المهم، وعدم المساس أو الانتقاص من الخدمات المقدمة للمواطن، سواء المجانية الملزمة بها الدولة، أو غيرها من خدمات التأمين الصحي، وكذا عدم الإضرار بحقوق العاملين بهذه المنشآت سواء من الأطباء أو الإداريين أو الخدمات المعاونة".
ودعا رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان أحمد العوضي إلى تأجيل تطبيق الزيادة التي فرضتها وزارة الصحة على رسوم بطاقات العيادات الخارجية في المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية، مراعاة للظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. وقال النائب محمد عبد العزيز إن مشروع قانون تأجير المستشفيات العامة "يمثل تخلياً من الحكومة عن واجباتها الاجتماعية، إذ إنه لم يضع ضمانات لعلاج المواطنين من محدودي الدخل، والأكثر احتياجاً. وكان من الأولى إعطاء القطاع الخاص حق إنشاء المستشفيات الخاصة، ومنحه حوافز ضريبية، بدلاً من منحه إدارة المستشفيات العامة، بما يمثل تهديداً للجبهة الداخلية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة".
بينما زعم النائب محمد عبد الرحمن راضي ،لتبرير قانون تأجير المستفيات العامة، أنه "كان لزاماً على الدولة إيجاد موارد جديدة لتقديم خدمة صحية أفضل للمواطنين، خصوصاً أن أقل تكلفة للسرير في المستشفى هي 350 ألف دولار، بحساب سعر الأرض المقامة عليها وتكلفة الخدمة، وذلك قياساً بخطة وزارة الصحة الرامية إلى توفير 17 ألف سرير بحلول عام 2025، بتكلفة تقديرية تبلغ مليارين و450 مليون دولار، أي ما يعادل 117 مليار جنيه بسعر الصرف الحالي".
تفاصيل قانون تأجير المستشفيات العامة
وأجاز مشروع القانون منح التزام المرافق العامة للمستثمرين المصريين أو الأجانب، سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين، لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، شرط الحفاظ على ما تشمله من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، وأن تتوفر في الملتزم الخبرات اللازمة للتشغيل. ونص القانون على ألا تقل مدة الالتزام عن ثلاثة أعوام، ولا تزيد على 15 عاماً، مع أيلولة جميع المنشآت الصحية إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام من دون مقابل، وفي حالة جيدة.
ويصدر بمنح الالتزام وتحديد سائر شروطه وأحكامه، أو تعديلها، وحصة الحكومة، وأسس تسعير مقابل الخدمات الصحية، ووسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية التي تكفل حسن سير العمل بالمنشأة الصحية بانتظام واضطراد، والإجراءات اللازمة للحفاظ على الأوضاع الوظيفية والمالية للعاملين بها، قرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير المختص، وموافقة الجهة أو الهيئة التي تتبعها المنشأة الصحية.
وتسري على المنشآت الصحية محل الالتزام التشريعات ذات الصلة، والضوابط والالتزامات السارية على المنشآت الطبية الخاصة. وتحدد نسبة الأطباء، وأفراد هيئة التمريض، والفنيين الأجانب العاملين بالمنشأة الصحية محل الالتزام بقرار من الوزير المختص، بالاتفاق مع وزير العمل، وبعد أخذ رأي الجهات المعنية. ويصدر لكل منهم ترخيصاً مؤقتاً لمزاولة المهنة داخل المنشأة بحسب الشروط والضوابط التي يصدر بها قرار من وزير الصحة، على أن يصدر رئيس الوزراء اللائحة التنفيذية (التفصيلية) للقانون خلال شهر من تاريخ العمل به.
ويتزايد القلق بشأن التكتلات الاحتكارية في القطاع الطبي في مصر، الذي يشكو المصريون بمعظمهم من انفلات أسعار خدماته، بعد أن صار جاذباً بصورة كبيرة لمستثمري الخليج، نتيجة الأرباح والعوائد الضخمة التي تحقّقها المستشفيات الخاصة، لتحتلّ الاستحواذات المالية في هذا القطاع المرتبة الثانية من إجمالي القطاعات الاقتصادية المصرية.
وكانت الحكومة قد استبقت موافقة البرلمان على مشروع القانون بطرح 45 من مستشفيات مصر للإيجار، من بينها مستشفيات أبو تيج في محافظة أسيوط والقاهرة الجديدة، ومستشفى هليوبوليس في القاهرة، ومستشفى العجوزة التخصّصي في محافظة الجيزة، ومستشفى حميّات الغردقة في محافظة البحر الأحمر، ومستشفى كوم حمادة المركزي في محافظة البحيرة.
وأعلنت وزارة الصحة عن إتمام التأجير الفعلي لخمسة مستشفيات عامة في محافظتَي القاهرة والجيزة، وهي "مبرّة المعادي" و"العجوزة" و"هليوبوليس" و"زايد آل نهيان" و"أورام دار السلام".
(الدولار = 46.90 جنيهاً)