البحرين: ترقب تداعيات ضريبة الـ15% على الاستثمارات

18 سبتمبر 2024
سوق في البحرين (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **قلق الشركات الكبرى**: محمد السيد، مدير شركة تكنولوجيا، يعبر عن قلقه من ضريبة 15% على الشركات الكبرى في البحرين، مما قد يدفع بعض الشركات لمغادرة البلاد.

- **التماشي مع المعايير العالمية**: المستشار الاقتصادي علي متولي يشير إلى أن الضريبة تتماشى مع المعايير العالمية، مما يعزز الشفافية ويقلل المخاطر القانونية، رغم احتمال إعادة تقييم بعض الشركات لوجودها في البحرين.

- **تنويع الإيرادات**: الخبير الاقتصادي حسام عايش يؤكد أن الضريبة تهدف إلى تنويع مصادر الإيرادات وتحسين الوضع المالي، مما سيسهم في تحسين الخدمات العامة وتحفيز الاقتصاد البحريني.

"لن نستطيع الاستمرار هنا بعد فرض الضريبة الجديدة".. هكذا عبر مدير شركة تكنولوجيا في البحرين، محمد السيد، لـ "العربي الجديد" في اتصال هاتفي، عن قلقه من قرار المملكة فرض ضريبة 15% على الشركات الكبرى، خاصة في ظل اتجاه دول الخليج الأخرى إلى تقليل نسب الضرائب على الشركات أو إلغائها لجذب الاستثمارات الأجنبية.

غير أن تقريراً أصدرته وزارة المالية البحرينية في مارس/آذار الماضي، يقدر أن تطبيق هذه الضريبة فقط على الشركات التي تتجاوز إيراداتها السنوية 750 مليون يورو (ما يعادل 828 مليون دولار تقريباً) ابتداءً من يناير/كانون الثاني 2025، من شأنه أن يعزز الإيرادات الحكومية ويحسين الوضع المالي للمملكة.
وبحسب إفادة خبيرين لـ"العربي الجديد" تهدف خطوة الضريبة الجديدة إلى ضمان مساهمة الشركات الكبرى في الاقتصاد البحريني بشكل عادل، مع توقعات بأن تؤدي إلى تحسين الخدمات العامة وتعزيز جهود تنويع الاقتصاد المحلي.
 

المعايير العالمية

وفي هذا الإطار، يشير المستشار الاقتصادي في إحدى الشركات الاستشاراتية بلندن، علي متولي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن قرار البحرين بفرض الضريبة الجديدة سيكون له تأثيرات متعددة على بيئة الأعمال، خاصة أن المملكة الخليجية الصغيرة كانت تاريخياً مستقطبة للاستثمارات الأجنبية عبر تقديم نظام ضريبي منخفض الضرائب أو خالٍ منها.

لكن خطوة فرض ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات تأتي في إطار التماشي مع المعايير العالمية، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالسمعة القانونية للشركات التي تعمل في بيئات ضريبية منخفضة أو معدومة، خاصة تلك التي قد تقوم بأعمال غير رسمية أو غير منظمة، بحسب متولي.
ويوضح متولي أن هذه الخطوة قد تدفع بعض الشركات إلى إعادة تقييم وجودها في البحرين، خاصة تلك التي كانت تستفيد بشكل أساسي من الحوافز الضريبية، ومع ذلك أنّه من المتوقع أن تستمر العديد من الشركات في العمل بالبحرين بسبب الموقع الاستراتيجي للمملكة والبنية التحتية المالية القوية.

ويلفت متولي، في هذا الصدد، إلى أن القطاع المالي يمثل أحد الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي في البحرين، والاستقرار في بيئته التنظيمية يعزز جاذبية البلاد للمستثمرين، معتبراً أن الضريبة الجديدة من شأنها أن تؤدي إلى تصفية الشركات التي تركز فقط على دفع ضرائب أقل أو لا تدفع ضرائب على الإطلاق، ما يتيح للشركات التي تهدف إلى النمو المستدام أن تزدهر وتساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.
ومن هذا المنطلق، يرى متولي أن فرض ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات سيساعد البحرين على تحسين نوعية الشركات المستثمرة فيها، ورغم التحديات التي قد تواجه بعض الشركات، ستوفر الضريبة فرصة لتحسين المملكة لخدماتها العامة وتعزيز جهودها لتنويع الاقتصاد.

ومن الناحية القطاعية، سيتعين على قطاع الخدمات المالية التكيف مع هذه الضريبة، بينما قد تجد قطاعات مثل الخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا، والتصنيع فرصاً جديدة، بحسب متولي، الذي نوه إلى أن البحرين تعمل على تنويع اقتصادها، ومن ثم تعتبر السياسة الضريبية خطوة نحو مزيد من الشفافية والقدرة على التنبؤ، مما يزيد من ثقة المستثمرين على المدى الطويل.
وفي ما يتعلق بالإيرادات، ستمكن الضريبة الجديدة الحكومة البحرينية من تعزيز الخدمات العامة ودعم الأهداف الاقتصادية للبلاد، مثل تحسين قطاعات الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، ومن شأن هذه الاستثمارات أن تجعل البحرين أكثر جاذبية للمواهب والشركات الدولية، مما سيعزز المنافسة مع دول المنطقة، بحسب ما يرى متولي.

ويخلص الاستشاري الاقتصادي إلى أن اقتصاد البحرين مرشح للنمو بنسب أكبر، خاصة في القطاعات الناشئة مثل التكنولوجيا والطاقة النظيفة، مما يقلل من اعتماد المملكة على النفط والغاز، معتبراً أن خطوة فرض ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات ستسهم في تعزيز الاستقرار المالي للبلاد من خلال تقليل العجز والدين العام، وهو تحدٍّ كبير واجه البحرين بعد جائحة كورونا.

إيرادات ضرورية

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن فرض البحرين لضريبة الـ 15% على الشركات متعددة الجنسيات يأتي جزءاً من توجه عالمي تقوده منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يستهدف الشركات التي تتجاوز إيراداتها السنوية 750 مليون يورو.
ولا يقتصر هذا التوجه على البحرين فقط، بل يشمل ما لا يقل عن 140 دولة، ومن المتوقع أن يبدأ تطبيقه في مطلع عام 2025، بحسب عايش، الذي يشير إلى أن البحرين تضم مقرات لشركات كبرى مثل مايكروسوفت وبيبسي وأمازون، ما يعني أن فرض ضريبة جديدة سيؤدي إلى توفير إيرادات إضافية للحكومة البحرينية.

يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن فرض البحرين لضريبة الـ 15% على الشركات متعددة الجنسيات يأتي جزءاً من توجه عالمي

ورغم أن بعض الدول الخليجية الأخرى، تفرض ضرائب أقل، ما قد يدفع الشركات متعددة الجنسيات إلى التفكير في الانتقال إلى الاستفادة من فارق الضريبة، يرى عايش أن فرض هذه الضريبة يعد خطوة جديدة للبحرين في ما يتعلق بتنويع الإيرادات، خاصة أن المملكة لاتزال تعتمد كثيراً على الإيرادات النفطية، التي تشكل ثلثي إيرادات الحكومة.

وعلى التوازي مع عدم ثبات الإيرادات النفطية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية مثل تراجع الاقتصاد الصيني والمخاوف من الركود في الولايات المتحدة، أثرت تخفيضات إنتاج النفط التي فرضتها منظمة "أوبك+" على الإيرادات النفطية، ونتيجة لذلك تسعى الحكومة البحرينية للبحث عن مصادر إضافية لتغطية العجز المالي، الذي يُقدر بنسبة 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي، ويرتفع أحياناً إلى 3%.
ويلفت عايش، في هذا الصدد، إلى أن المديونية العامة للبحرين وصلت إلى مستويات مرتفعة جداً، حيث تقدر بحوالي 111% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى أنها تجاوزت في مراحل سابقة نسبة 120%، وفي ظل هذا الوضع تأتي الضريبة الجديدة أداةً لتعزيز الإيرادات الحكومية، حيث يُتوقع أن توفر حوالي 220 مليار دولار إضافية لحكومات العالم التي تطبق النظام الضريبي نفسه.

ورغم أن البحرين تفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 10% بعد زيادتها من 5%، تظل في وضع مالي أضعف مقارنة بدول الخليج الأخرى، ولهذا السبب يُعد فرض الضريبة الجديدة على الشركات محاولةً لزيادة الإيرادات الحكومية وتحسين الوضع المالي العام، بحسب عايش.
ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن الضريبة الجديدة قد تؤدي إلى تحسين مستوى الخدمات العامة وتحفيز الاقتصاد البحريني من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، ومع ذلك قد تواجه المملكة تحديات إذا قررت بعض الشركات مغادرة البلاد والانتقال إلى دول خليجية أخرى.

المساهمون