يعاني الاقتصاد السوري من تدهور كبير، حيث ظل سعر صرف الليرة السورية متهاوياً مقابل الدولار، كذلك واصلت القطاعات الإنتاجية أداءها الضعيف والهشّ، في ظل تخبّط سياسات النظام في التعامل مع الملف الاقتصادي على مدار السنوات الماضية.
وجاء العدوان الإسرائيلي على غزة ليفجّر تساؤلات عن مدى تأثر الاقتصاد السوري بهذه التطورات، بخاصة أن مناطق سيطرة النظام لم تكن بعيدة عن العدوان، فقد وجّه الاحتلال العديد من الضربات على بعض الأهداف داخل البلد الذي يعاني من حروب وصراعات واضطرابات منذ عام 2011.
حالة انهيار كاملة
"الاقتصاد في سورية بحالة انهيار، وعجلة الإنتاج شبه معطلة مع توقف شبه كامل للمصانع"، وفق ما أوضح الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات، خالد تركاوي، في حديثه لـ"العربي الجديد".
ولفت إلى أن السيناريوهات بخصوص الاقتصادي السوري، والدول المجاورة في الوضع الراهن وبحال توسع دائرة الحرب على غزة، شبه مقروءة.
وأضاف تركاوي أن سورية ليست طريقاً رئيسية للسلع والخدمات، وليست كذلك أسواقاً جيّدة لتصريف السلع والخدمات، فهي ليست أماكن ذات انتعاش، موضحاً أنه بالأصل سورية شبه معزولة عن العالم بسبب الحرب المستمرة منذ سنوات.
وقال إنه "في حال توسُّع الحرب لن يحصل الكثير، فالأوضاع في سورية متأزمة اقتصادياً، ولن يتعطل ما هو معطل بالأصل من ناحية البنية التحتية المترهلة، كذلك هناك مشاكل غير مسبوقة على مستوى الفقر، إضافة إلى مشاكل الأمن الغذائي والجوع وضعف الإنتاج وتوقف المصانع، أي إن ما فعله نظام الأسد في السنوات الماضية لن يفعله أحد، حيث دمر معظم القطاعات".
وتابع تركاوي: "نستطيع القول إن جهاز الإنتاج في سورية معطّل، وحالة الفقر والجوع والغلاء هي قريبة من السقف، نحن في حالة الغرق فعلياً، ولن يؤثر ما يحصل كثيراً بسورية".
وحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في يونيو/حزيران 2023، فإنّ نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وإن أكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
العيش في كوكب آخر
وتبدو سورية الداخلة في حالة حرب منذ 12 عاماً بعيدة عن كل النظريات الاقتصادية وما يجري في العالم، وكأنها من كوكب آخر، وفق مراقبين.
وفي هذا السياق، قال أحد تجار البناء في محافظة السويداء جنوبيّ سورية، رضوان أبو مصعب، لـ"العربي الجديد" إن الأسعار دائماً في تصاعد، حتى لو تحسن وضع الليرة لسبب ما، وليس هناك ميزان حقيقي للقياس.
وأوضح أن الأنابيب البلاستيكية بكل أنواعها التي تنتجها شركة وطنية شهيرة جداً، وهي من الشركات السورية القليلة التي تصدّر منتجاتها إلى الخارج، تقفز أسعار منتجاتها كل يوم.
وأكد تاجر البناء السوري أن الحديث عن حرب شاملة في المنطقة لن يؤثر عكسياً في الأسواق، لأن هذه الأسواق تأثرت بالحد الأقصى من تبعات الحرب التي لم تتوقف داخل سورية.
وعن انقطاع المواد الأولية والاحتكارات، قال لـ"العربي الجديد"، إن مواد البناء في ذروة الغلاء والأعمال شبه متوقفة، بخاصة أن مادة الإسمنت شحيحة في السوقين، الرسمي والموازي.
وتابع التاجر: "بحال توسُّع دائرة الحرب، قد يحدث سيناريو آخر غير ما هو عليه الواقع الحالي، وهو مستبعد من وجهة نظري، فقد يكون هناك إغلاق للمعابر الحدودية بين لبنان وسورية، وبين الأردن وسورية، وإخراج للموانئ عن الخدمة إضافة إلى المطارات، والتأثيرات الملموسة سيكون ضحيتها المواطن، وما سيحدث سيرتبط بالسياسة حينها، لكن الوضع لن يكون أكثر سوءاً مما هو عليه. عملياً، نحن في عنق الزجاجة كتجار ومواطنين".
وأضاف: "كتاجر خلال سنوات الحرب اتجهت للذهب كملاذ آمن، وكذلك يفعل التجار، وفعلياً عامة الناس ممن لديهم فائض مالي يتجهون للمعدن الأصفر، وبالتالي سنوات الحرب علمت السوريين دروساً في كيفية الاتجاه لمأمن مالي، وأي توسع لدائرة الحرب لن يأتي بجديد عليهم".
شح السلع الرئيسية
وفي السياق، أكد أحد تجار الخضار والفواكه المحلية في دمشق، ماجد الخضر، أن أي حرب قد تؤثر سلباً في حالة الطرق بين المحافظات، وبالتالي تؤدي إلى انقطاع بعض الأصناف، وفقد ميزة التنافس بين المنتج المحلي المزروع في المحافظة، والمنتج القادم من محافظات أخرى، وهو ما ينعكس سلباً على المستهلك.
وأردف بالقول لـ"العربي الجديد" إن السوريين عموماً لم يعد يعنيهم كثيراً الغلاء أو انقطاع سلعة ما، بعد أن جربوا كل أنواع الحصار والحروب وشحّ السلع والخدمات، وحتى المياه، ولهذا فهم يتعاملون تلقائياً مع الغلاء أو الاحتكار أو حتى نفاد السلع من أساسها "فالحرب هنا بدأت منذ فترات طويلة بسبب الاحتكار والفساد، ولم يزد عليها سوى الموت" كما قال.
وراوح سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أمس الأحد بين 14500 ليرة للشراء و14700 ليرة للمبيع وفق موقع الليرة اليوم.