الاقتراض الاجتماعي الخيار الأول للسعوديين رغم نمو المصارف

26 مايو 2023
نمو كبير في المصارف السعودية (Getty)
+ الخط -

ارتفاع كبير شهده النمو الائتماني بالقطاع المصرفي السعودي خلال عام 2022، بارتفاع القروض بنسبة 14.4% على أساس سنوي، مدفوعاً بالطلب على القروض الشخصية والأنشطة العقارية، بحسب بيانات رسمية، ومع ذلك ظل "الاقتراض الاجتماعي" الخيار الأول لمواطني المملكة.

فالسعوديون يقترضون من المؤسسات المالية الرسمية مثل المصارف وشركات بطاقات الائتمان بنسبة 32%، بينما يقترضون من الأقارب بنسبة 36%، حسب تقرير نشرته شركة Bezalel Data للبيانات الدولية.
وبين دلالة هذه المفارقة على تفضيل مواطني المملكة عدم الاقتراض من المصارف وبين أرقام نمو الائتمان بالقطاع المصرفي يمكن قراءة ارتفاع منسوب الثقة في القطاع المصرفي، مع بقاء "الاقتراض الاجتماعي" خياراً أول بالنسبة للسعوديين، إذ لا تزال فوائد المصارف دافعاً نحو هذه الأولوية، والتي تؤثر على نمو القروض الشخصية ويمثل ارتفاع أسعارها قيداً على تمويل المشاريع. ويشير تقرير نشره "إكسباتيك"، في 9 مايو/ أيار الجاري، إلى أن موقف قطاع واسع من السعوديين من فوائد المصارف باعتبارها "محظورة دينياً" يشجع على زيادة نسبة الاقتراض من خارج القطاع المصرفي، و"هو ما يجعل بعض السعوديين يفضلون الاقتراض من أقاربهم أو أصدقائهم أو جهات إسلامية موثوقة"، بحسب الموقع الفرنسي.

تقليل تكلفة الاقتراض
يرى الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين أن ظاهرة الاعتماد على الظهير الاجتماعي في الاقتراض ليست سلبية بالضرورة، إذ إنها تقلل من تكلفة الاقتراض، وهو ما يستفيد منه ملايين السعوديين، خاصة أن المصارف تحصل فوائد من الإقراض في المملكة، شأنها في ذلك شأن باقي دول العالم، حسبما صرح لـ"العربي الجديد".

ويشير شاهين إلى أن الاقتراض من الأقارب يأتي في سياق اجتماعي منتشر في العالم العربي كله، وليس السعودية فقط، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن نظام الإقراض السعودي والخليجي به ميزة يتفوق بها عن باقي دول العالم العربي، وهي أن الحكومة تعلن في كثير من المناسبات إعفاء المواطنين من ديونهم البنكية في إطار "مكرمات ملكية".

ومن شأن ذلك تشجيع ملايين المواطنين في دول الخليج على الاقتراض بأريحية من المصارف الوطنية، ما جعل نسبة الاقتراض من المصارف كبيرة أيضاً مقارنة بعديد من الدول العربية الأخرى، بحسب شاهين، مشيراً إلى استمرار برامج قروض الإسكان في دول الخليج، وكثير منها قروض حسنة بلا فوائد، ولذا فإن دور الحكومات لا يزال مميزاً في خدمة المواطنين، في تلك الدول، خاصة بالسعودية.

نمو القطاع المصرفي
مع ارتفاع نسبة الاقتراض الاجتماعي، ارتفعت أيضاً نسبة الاقتراض البنكي، ما أدى إلى تسجيل ارتفاع لصافي الدخل الإجمالي لأكبر 10 بنوك سعودية بنسبة 28.4% على أساس سنوي، بفضل ارتفاع صافي هامش الفائدة وصافي الرسوم والعمولات والدخل من التداول والصرف الأجنبي، وفقاً لبيانات صادرة عن شركة "ألفاريز آند مارسال" الاستشارية الدولية.
كما تحسنت كفاءة التشغيل للبنوك العشرة إلى 37.7% في عام 2022، مع تحسن كفاءة التكلفة لثمانية بنوك منها، بحسب البيانات ذاتها. وانخفضت مخصصات خسائر التمويل في المصارف السعودية بنسبة 22.6% على أساس سنوي، مع تحسن مستويات التغطية وصافي نسبة القروض. وظل رأس مال المصارف العشرة قويا ومستقرا، مع ارتفاع نسبة رأس المال من 18.3% في عام 2021 إلى 18.6% في عام 2022، كما زادت نسبة رافد رأس المال من 16.8% إلى 17.1% في نفس الفترة.

نمو المصارف المفتوحة
إضافة لذلك، تشير بيانات مجموعة بوسطن الاستشارية BCG إلى أن تفضيل السعوديين للاقتراض من خارج القطاع المصرفي يعكس أيضاً نمواً سريعاً في التكنولوجيا المالية والابتكار في الخدمات المالية في المملكة، عبر الاقتراض من المصارف المفتوحة (Open Banking) بدلاً من تلك التقليدية.

ويسمح نظام المصارف المفتوحة للجهات الخارجية بالوصول إلى نظم وبيانات المصارف لإنشاء منتجات وخدمات جديدة. وأعلن البنك المركزي السعودي عام 2022 إطلاق إطار عمل لها ضمن أهداف رؤية 2030، ومنها "جعل المملكة مركزاً إقليمياً وعالمياً لابتكار التكنولوجيا المالية".
كما يمكن للبنوك المفتوحة مساعدة المقترضين بالحصول على صورة أكثر دقة عن الوضع ماليتهم قبل تحمل ديون جديدة، عبر ربط شبكة حساباتها البنكية التقليدية ببعضها البعض، حسبما أورد تقرير لموقع "إنفستوبيديا" في 4 إبريل/ نيسان الماضي.

ودفعت هذه المعطيات المصارف التقليدية إلى توفير خدمات أفضل وأسعار فائدة أقل على الاقتراض لمحاولة جذب المقترضين، سواء الأفراد أو الشركات، خاصة تلك الناشئة منها، ما خلق منافسة تصب في صالح المواطنين، وتحسين كفاءة الخدمات المالية وزيادة الشمول المالي وتحفيز النشاط الاستثماري، حسب تقرير لمعهد الشرق الأوسط.

المساهمون