شرع الجزائريون المقيمون في الخارج في التصويت على التعديل الدستوري الذي تقدم به الرئيس عبد المجيد تبون، في انتظار انطلاق الاستفتاء الشعبي المقرر يوم غد الأحد داخل البلاد.
وجعلت الوثيقة الدستورية المنتظر عرضها على الشعب الجزائري قضية محاربة الفساد وحماية المال العام في صلب التعديلات المقترحة، بالنظر إلى الحجم الفساد الكبير الذي ضرب مؤسسات الدولة الجزائرية، وشوه تسيير الشأن العام في السنوات أخيرة.
واهتمت لجنة الخبراء التي صاغت الدستور الجديد، بأمرٍ من الرئيس عبد المجيد تبون، بالبحث عن كیفیة إدراج ضمانات أكثر في النص الدستوري لحماية المال العامة وإيجاد وسائل فعالة للوقاية من الفساد ومكافحته، مقترحةً في هذا الشأن أحكاماً تستهدف الرقي بالقواعد المتعارف علیھا إلى المستوى الدستوري وضمان شفافية أكثر في تسییر الشأن العام، والأموال العمومية.
ومن الأحكام المقترحة، الدعوة إلى دسترة سلطة عليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، كهيئة رسمية تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية، تعوض ديوان مكافحة الفساد التابع حالياً لوزارة العدل، والمعطلة مهامه منذ عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
كذلك أضافت الرئاسة الجزائرية مادة في مشروع الدستور الجديد الموزع على الأحزاب والشخصيات الوطنية، بالإضافة للنقابات والإعلام، تمنع الجمع بين الوظائف العامة والنشاطات الخاصة أو المهن الحرة، وذلك بعدما كشف التحقيقات القضائية تورط العديد من الوزراء والولاة في "حالات تنافي" وتضارب المصالح" بجمعهم لوظيفة رسمية وتسيير شركات خاصة.
وقصد كبح مظاهر الفساد والمحسوبية، جاء الدستور المنتظر عرضه على الشعب في استفتاء مباشر، بعدما صادق عليه البرلمان بغرفتيه، شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم، بمادة تحظر خلق وظيفة عمومية أو القيام بأي طلب عمومي لا يستجيبان للمصلحة العامة، إلى جانب منع كل عون عمومي من أن يكون في وضعية تضارب المصالح في إطار ممارسة مهامه.
كما حمل "دستور 2020" المنتظر إلزامية التصريح بالممتلكات في بداية الوظیفة أو العھدة وعند انتھائھا لكل شخص يعين في وظيفة عليا في الدولة أو منتخب أو معین في البرلمان أو منتخب في مجلس محلي، وكذلك إلزام السلطات العمومیة باحترام الحكم الراشد وفرض احترامه في تسییر الشؤون العمومیة، ومعاقبة القانون لاستغلال النفوذ.
كما جرّم الدستور الجديد التهرب الضريبي، الذي فاق بحسب أرقام حكومية عتبة 100 مليار دولار، منها 60% غرامات عن عدم الدفع.
وتعتبر الجزائر من أكثر الدول التي تشهد انتشاراً للفساد، وإن تضاربت الأرقام الرسمية حول حجمه، فإنها تتقاطع كلها فوق عتبة 200 مليار دولار طيلة السنوات العشرين الماضية، أي خلال حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وفور استقالته في إبريل/ نيسان 2019، في أعقاب انطلاق حراك شعبي واسع رافض لولاية رئاسية خامسة لبوتفليقة، شرع القضاء الجزائري في فتح ملفات فساد ثقيلة وكبيرة، كشفت حجم الفساد الذي ضرب مؤسسات الدولية الجزائرية، وأدت التحقيقات إل سجن 15 وزيراً في مقدمتهم رئيسا الحكومة السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، المتابعان في 8 ملفات فساد، بالإضافة لعشرين رجل أعمال يتصدر قائمتهم علي حداد زعيم الكارتل المالي لبوتفليقة، والإخوة كونيناف المقربين من عائلة بوتفليقة، بالإضافة لملاك مصانع تجميع السيارات ومصانع إنتاج المواد الغذائية والأجهزة الإلكترونية، كشفت التحقيقات عن استفادتهم من امتيازات إدارية، بنكية وضريبية غير مستحقة.
وتوسعت التحقيقات لتصل إلى داخل المؤسسة العسكرية التي شهدت سجن العشرات من الجنرالات بتهم الثراء غير المبرر.