الاحتياطي الأميركي أكثر عدوانية... موعدنا الأسبوع المقبل

20 يوليو 2022
جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يتعرض لانتقادات حادة (Getty)
+ الخط -

يوم 27 يوليو الجاري، يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" اجتماعه الدوري، لبحث اتجاهات أسعار الفائدة على الدولار في الفترة المقبلة وتشديد السياسة النقدية، في ظل غلاء جامح هو الأعلى منذ عام 1981، واستمرار قفزات أسعار الوقود والغذاء والسلع والخدمات العامة وضعف القدرة الشرائية للمواطن.

وإذا كانت أنظار العالم كله تعلقت بالاجتماعات الأخيرة للفيدرالي الأميركي، والتي أسفرت عن 3 زيادات في سعر الفائدة، فإن الاجتماع المقبل سيكون أكثر أهمية وبريقاً وتأثيراً لأسباب عدة، منها ترقّب أسواق العالم لخطوات صانع السياسة النقدية في الولايات المتحدة لمعالجة قضايا خطيرة وتحديات كبيرة.

انتقادات للفيدرالي بعدم التعامل بكفاءة وحرفية ومهنية ومسؤولية مع أزمة التضخم وقفزات الأسعار

من بين تلك التحديات قفزة التضخم الأخيرة إلى 9.1% في شهر يونيو الماضي، لأول مرة منذ 41 عاما، وزيادة المخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة ركود تضخمي شديدة، والرد عمليا على الهجوم الشديد الذي تعرّض له البنك المركزي خلال الفترة الماضية واتهامه صراحة بعدم التعامل بكفاءة وحرفية ومهنية ومسؤولية مع أزمة التضخم وقفزات الأسعار.

الملاحظ أن نغمة تعرض الاحتياطي الفيدرالي لانتقادات قوية والحديث عن تآكل مصداقيته، زادا في الفترة الأخيرة بسبب توقعاته الخاطئة بشأن التضخم وتأكيد كبار مسؤوليه أنه أمر مؤقت.

لكن المعدل واصل التسارع بشكل أربك إدارة البيت الأبيض التي تحركت سريعا لمعالجة الأزمة، ومنها زيارة جو بايدن الأسبوع الماضي لمنطقة الخليج، في محاولة لخفض أسعار النفط ومعها المشتقات البترولية، مثل البنزين والسولار.

من بين من هاجم الفيدرالي وزير الخزانة الأميركي الأسبق لورانس سمرز، الذي قال إن مسؤولي البنك المركزي لا يزالون يقدمون توقعات غير واقعية، وإنه "في عام 2021، خذلنا الفيدرالي بشكل سيئ للغاية، ما أضر بمصداقية السياسة، لقد ارتكب البنك أخطاء في عمله الأساسي".

كما خرج علينا نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق للرقابة، راندال كوارلز، قبل أيام، قائلا إنه كان ينبغي للبنك المركزي أن يبدأ في رفع معدلات الفائدة قبل إنهاء مشترياته من السندات، لتجنب التأخر في مواجهة التضخم.

التوقعات تقول إن البنك المركزي الأميركي قد يطبق سياسة أكثر عدوانية خلال الفترة المقبلة لمواجهة التضخم المتسارع

في ظل تلك الضغوطات الشديدة التي يتعرض لها الاحتياطي، فإن التوقعات تقول إن البنك المركزي الأميركي قد يطبق سياسة أكثر عدوانية خلال الفترة المقبلة لمواجهة التضخم المتسارع، وإنه سيرفع سعر الفائدة بنسبة 0.75% على الأقل في اجتماع الأسبوع المقبل، وربما بنسبة 1% حسب التوقعات الأخيرة الصادرة عن بنوك استثمار كبرى.

وفي هذه الحالة يضرب الاحتياطي الفيدرالي بعرض الحائط كل المخاوف التي تتحدث عن تأثيرات رفع سعر الفائدة الخطيرة على الاقتصاد الأميركي خاصة على مستوى تفاقم الدين العام، ودخول الاقتصاد في حالة ركود، والأسواق في حالة شلل، وتراجع معدل النمو، وزيادة معدل الإفلاس والتعثر بين الأنشطة الاقتصادية.

وحتى موعد انعقاد جلسة الفيدرالي الأميركي المقبلة، فإنه من المتوقع أن تشهد أسعار عملات الأسواق الناشئة تراجعات وربما تذبذبات حادة مقابل الدولار، وقد لمسنا ذلك خلال اليومين الماضيين، حيث شهدنا انخفاض أسعار الليرة التركية والليرة السورية والروبية الهندية والروبية الباكستانية والجنيه المصري، وكذا عملات أفغانستان وجنوب أفريقيا وغيرها، بل إن هناك عملات اقتربت من الانهيار، خاصة عملات الدول التي دخلت دائرة الإفلاس والتعثر المالي الجهنمية مثل لبنان وسريلانكا أو اقتربت منها.

عملات تركيا ومصر ولبنان وسورية والهند وباكستان تتعرض لضغوط شديدة بسبب هروب الأاموال الساخنة

ومن المتوقع أيضا استمرار هذا التراجع مع نزوح وهروب مزيد من الأموال الساخنة من أسواق البلدان الناشئة نحو الأسواق الأميركية، للاستثمار في السندات وأدوات الدين والودائع التي باتت أكثر جاذبية للاستثمار مع عائدها المميز ومخاطرها المتدنية.

الهند مثلا من بين تلك الدول، حيث سحب مستثمرون أجانب 30.8 مليار دولار من أسواقها خلال العام الجاري على شكل أموال ساخنة كانت مستثمرة في السندات والأسهم، كما سحب المستثمرون 20 مليار دولار من مصر، وتكرر المشهد في بلدان أخرى هرب منها 4 مليارات دولار في شهر يونيو الماضي.

الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت، خاصة إذا ما أصبحت سياسات الفيدرالي الأميركي أكثر عدوانية وقراراته أكثر تشددا، وانضم له البنك المركزي الأوروبي الذي تحرك أخيرا لوقف تهاوي اليورو الذي تراجع إلى أدنى مستوى له منذ 20 سنة.

المساهمون