الإغلاقات تهدّد حياة السودانيين... قرب نفاد مخزون الأدوية

07 أكتوبر 2021
صيادلة حذروا من تصاعد أزمة شح الدواء (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت ملامح أزمة الدواء في السودان تلوح في الأفق مجددا، بعد تظاهر حشود جماهيرية احتجاجاً على ما يصفونه بالأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في شرق السودان، وأغلقوا ميناء بورتسودان والطرق الرئيسية المؤدية إليه.
وكانت أزمة دواء حدثت في السودان في يناير/كانون الثاني 2020، عندما ألغى بنك السودان تخصيص 10% من حصيلة الصادرات غير النفطية، كانت توجه لاستيراد الدواء.
"مخزون السودان من الأدوية الضرورية والمنقذة للحياة يوشك على النفاد بعد أن تسبّبت احتجاجات في إغلاق ميناء بورتسودان" هذا نص ما جاء في بيان مجلس الوزراء السوداني الذي صدر مؤخراً.
وكشفت جولة لـ"العربي الجديد" شملت بعض الصيدليات عن ارتفاع كبير في أسعار الأدوية المنقذة للحياة مقارنة مع الفترات السابقة، مع ندرة حادة في بعض الأدوية الضرورية لأمراض السكري وضغط الدم.
ووفقاً لإفادات بعض الصيادلة، فإن زيادات أسعار بعض الأدوية بلغت 200%، إذ بلغ سعر جرعة الأنسولين ألف جنيه (الدولار = نحو 550 جنيها).
وأعلن مجلس الوزراء، الأحد الماضي، أن مخزون البلاد من الأدوية المُنقذة للحياة والمحاليل الوريدية على وشك النفاد. وشدد على أنه بسبب إغلاق الميناء والطريق القومي تعثرت كل الجهود للإفراج عن حاويات الأدوية المنقذة للحياة والمحاليل الوريدية، بالإضافة إلى عدد من السلع الاستراتيجية الأخرى والتي تتضمن الوقود والقمح.

من جانبه، نفى مجلس شرق السودان في بيان، نقلاً عن مقرره عبد الله أوبشار، ما جاء في بيان الحكومة، وأكد أنّ الأدوية موجودة داخل الميناء الآن ولا يستطيعون إخراجها بسبب "عدم تكملة الإجراءات القانونية من قبل الحكومة، ولا علاقة لها بالتصعيد الثوري السلمي في شرق البلاد". وأكد أوبشار السماح للأدوية المنقذة للحياة وحركة المواطنين بالحافلات، مستنكراً بيان مجلس الوزراء ووصفه بأنه "عار تماماً عن الصحة".
وسبق أن طالب مستوردو الأدوية، المجلس الأعلى لنظارات وعموديات البجا بشرق السودان، بفتح الطريق أمامهم لمرور ودخول الأدوية المنقذة للحياة من ميناء بورتسودان إلى الخرطوم والولايات.
ونقلت مواقع إلكترونية محلية أنّ هناك تكدساً لمئات الأطنان من الأدوية المنقذة للحياة وغيرها في مخازن مطار الخرطوم، بسبب مشاكل الدورة المستندية (إجراء إداري يرتبط بالمستندات) بين أجهزة الدولة، مما يعرّض تلك الأدوية للتلف.
من جانبه، يرى المستورد قاسم الصديق، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه ليس من مصلحة مجلس الوزراء هذا التصريح، إلا إذا أراد أن يستميل الشعب لمصلحته. ويضيف: "هذا لن يعفي مجلس الوزراء من مسؤوليته في توفير الأدوية، ونعتبر أن للشرق قضية عادلة مثلها مثل بقية السودان تتطلب إعمال الحوار". ويشير قاسم إلى أن بيان مجلس الوزراء سينعكس سلبا عليه من طالبي الخدمة.
الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان، يقول لـ"العربي الجديد" إن أزمة إغلاق الميناء الرئيسي والطرق المؤدية إليه أكبر بكثير من قضية الأدوية المنقذة للحياة التي تمت الموافقة على السماح لها بالشحن والترحيل وفتح المتظاهرون الطريق لها. يتابع: "أزمة الشرق تتطلب من الحكومة التحرك السريع وفتح التفاوض حول قضايا شرق السودان لجميع الفعاليات بشكل عاجل، لأن الإصرار على فرض بعض البنود يعنى فتنة عظيمة قد تؤدى إلى انفصال الشرق أو على الأقل حرب استنزاف قد تعصف باستقرار السودان".

وقبل أن تستفحل الأزمة الحالية بسبب إغلاق ميناء السودان الرئيسي "بورتسودان"، أعلنت وزارة الصحة السودانية، في إبريل/نيسان الماضي، أن نسبة توافر الأدوية الأساسية في البلاد تبلغ 40%، الأمر الذي يعكس فجوة كبيرة قدرها 60%.

ورغم تعهد وزارة الصحة بانتهاء أزمة الدواء بشكل كامل عقب اجتماعات متكررة مع مجلس الوزراء منتصف هذا العام، إلا أن شكاوى المرضي لم تبارح مكانها نتيجة لعدم وجود حلول حقيقية، رغم جدولة مديونيات الإمدادات الطبية المقدرة بـ 75 مليون دولار لدى مستوردي الدواء.
وأعلن وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، جبريل إبراهيم، استمرار الدولة في دعم الدواء، بالتزامن مع إقرار سياسة حكومية لإصلاح التشوهات الاقتصادية تشمل تحريراً كاملاً لأسعار البنزين والغازولين.
وتفاقمت أزمة الدواء بشكلٍ كبير، في ظل انتعاش كبير للسوق الموازية. وباتت عبارة "غير متوفر" هي الوصفة الأبرز في الصيدليات لمعظم الروشتات الطبية الصادرة عن المستشفيات. ويلجأ كثير من الأهالي إلى أقربائهم في الخارج، لتوفير الأصناف الدوائية، لا سيما عقاقير الأمراض المزمنة.
عُضو لجنة الصيادلة المركزية، أنس صديق، قال في تصريحات صحافية إن استفحال أزمة الدواء يعود إلى السياسات الخاطئة في معالجتها.

وأكد أنّ هناك نُدرة في أدوية الأمراض المزمنة والمُنقذة للحياة، وانعدام أدوية الأمراض النفسية والقلب والتخدير وغيرها. وتابع أن زيادة سعر الدولار ساهمت تلقائيا في زيادة أسعار الأدوية، مضيفاً: بلغت نسبة الزيادة للأدوية المستوردة إبان توحيد سعر الصرف 317%، وبلغت نسبة الزيادة لأدوية التصنيع المحلي 25%، وبلغت الزيادة الأخيرة في يونيو/حزيران الماضي 10% للأدوية المستوردة، و25% للتصنيع المحلي.

المساهمون