الأموال العراقية المنهوبة: تشكيك في القدرة على تعقب الفساد

29 مايو 2021
تحرك ضد الفساد في ساحة التحرير (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

أثارت دعوة الرئيس العراقي برهم صالح إلى تشريع قانون لملاحقة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة تساؤلات حول مدى قدرة السلطات العراقية على محاسبة المتهمين بالفساد في ظل وجود وجوه سياسية قد تتضرر مصالحها ما قد يدفعها إلى تعطيل جهود محاربة الفساد.

وأكد الرئيس العراقي في الثالث والعشرين من الشهر الحالي ضرورة تشريع قانون "استرداد عائدات الفساد"، موضحا أن القانون يمكن أن يسهم في استرداد الأموال المنهوبة من خلال اتفاقات مع الدول، والتعاون مع الجهات الدولية.

وقال إن الفساد تسبب بخسارة أموال طائلة "تقدر بالمليارات" من مجموع واردات العراق المتأتية من النفط منذ عام 2003 والتي تقرب من ألف مليار دولار. مصادر في رئاسة الجمهورية قالت لـ"العربي الجديد"، إن فريقاً استشارياً يعكف على كتابة مسودة القانون التي تتضمن بنودا وفقرات عدة تتيح للدولة تتبع الأموال ومقاضاة المشتبه بهم داخل العراق وخارجه، بما في ذلك أقرباء المشتبه بهم.

وأكدت المصادر أن القانون في حال إقراره سيبقى رهن تطبيقه، إذ إن التوافقات السياسية تبقى الحاسم الرئيس في مختلف الملفات العراقية، ومنها الفساد. خاصة أن هناك قوانين ومواد دستورية قائمة حالياً وتتعلق بالفساد وتعتبرها جرائم مخلة بالشرف، ولو تم تفعيلها لأغنت العراق عن أي قانون جديد". وتحدثت المصادر عن "أكثر من عشر دول كانت وجهة أموال العراق المنهوبة، وأبرزها إيران ولبنان والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة واليونان، وهي تقدر بعشرات ملايين الدولارات منذ عام 2003".

واعتبر عضو البرلمان العراقي رعد الدهلكي في حديث مع "العربي الجديد"، أن القانون الذي يدعو الرئيس العراقي إلى إقراره "مهم للغاية في حال توفرت إرادة سياسية لحل ملف الفساد"، ولفت إلى أن "الجميع بات يدرك فداحة ما وصلت إليه البلاد من جراء الفساد، وتوجد تخمة لدى الطبقة المترفة التي بدأت أموالها تتزايد من دون وجود مبررات لذلك".

أسواق
التحديثات الحية

وأكد الدهلكي وجود أدوات وآليات ومؤسسات لمحاربة الفساد، وتوجد نية حقيقية لمحاربته لا بد من دعمها وتطويرها، مبينا أن القانون الذي دعا إليه رئيس الجمهورية لم يصل إلى البرلمان بعد.

وأشار إلى وجود بعض الجهات التي تناصر جهود مكافحة الفساد في العلن، وتقف ضد ذلك في السر، موضحا أن جهود مكافحة الفساد ستواجه كثيرا من العقبات، خصوصا في المرحلة الحالية التي توجد فيها سياسيون يتخوفون من كشف الفساد، لأن كثيراً منهم متواطئون ومشتركون في الفساد، معبرا عن اعتقاده بوجود علاقة بين توقيت طرح القانون وقرب الانتخابات المقرر أن تجري في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

من جهته، أكد عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، صائب خدر، أهمية تشريع قانون استرداد أموال العراق، موضحا لـ "العربي الجديد" أن المشروع كان ينبغي أن يطرح مع بداية عمل البرلمان الحالي الذي تشكل عام 2018. وتساءل "هل يمكن للبرلمان أن يمرر مثل هذا القانون المهم في الظروف الحالية؟ مضيفاً "نحن أمام 4 أشهر فقط من الانتخابات، نصاب البرلمان يكتمل أحياناً، وأحياناً أخرى لا يكتمل".

ولفت إلى أن تشريع القوانين يتطلب وجود تفاهمات سياسية، مبينا أن اللجنة القانونية مستعدة لمناقشة القانون بأقرب وقت في حال عرض عليها"، وأشار إلى أن "الفساد في العراق تحول إلى ثقافة، الأمر الذي يتطلب وجود سلطة لتنفيذ القوانين المتعلقة بمكافحته"، مؤكدا صعوبة العمل بقوانين لا توجد إرادة حقيقية لتنفيذها.

وتابع "لا بد من وجود منهاج لمواجهة الفساد"، موضحا أن طرح القانون خلال المرحلة الحالية جاء في وقت حرج من عمر البرلمان قد يعرضه للمزايدات والاعتراضات الانتخابية، إذ إن كل شيء في الوقت الحاضر يمكن أن يستغل من أجل الترويج الانتخابي.

وتوقع عضو البرلمان عن تحالف "سائرون"، قصي الياسري، أن يصطدم قانون ملاحقة الأموال المنهوبة الذي سيقدمه الرئيس العراقي، ببعض العقبات من قبل من وصفهم بـ"الفاسدين أو الأجندات التي تسعى لاستمرار الفساد في البلاد"، قائلا في حديث لوكالة الانباء العراقية الرسمية إن "رئيس الجمهورية قدم قانون استرداد عائدات الفساد الى مجلس النواب، وسيمضي القانون خلال هذه الدورة البرلمانية".

وعلى الرغم من الضغوط السياسية التي تتعرض لها، الا أن الحكومة العراقية تمكنت خلال الأشهر الماضية من اعتقال بعض الأسماء المهمة المتهمة بالفساد، أبرزهم جمال الكربولي، رئيس حزب الحل، وأحد قيادات تحالف "عزم" الانتخابي.

ونهاية أغسطس/آب من العام الماضي، شكّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لجنة لـ"التحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة"، منحت صلاحيات واسعة، وكُلِّف جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة بالمسائل التي تخص لجنة التحقيق في قضايا الفساد، وفقاً للقانون، واعتقلت عددا من المسؤولين، إلا أن اللجنة تواجه باتهامات عدم الحيادية، والتعامل "غير النزيه" بملفات الفساد، ما تسبب في تقييد عملها.

المساهمون