الأصول الروسية المجمدة.. رسالة قاسية للعرب قبل موسكو

14 يونيو 2024
لقطة تعبيرية لأوراق نقدية بالدولار الأميركي، 3 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مجموعة السبع الصناعية الكبرى قررت مصادرة 50 مليار دولار من الأصول الروسية لصالح أوكرانيا، مما يعكس تصعيداً في الإجراءات ضد روسيا ويثير رد فعل قوي منها، مشيراً إلى تصاعد التوترات الدولية.
- القرار يحذر الدول العربية بضرورة إعادة النظر في استراتيجياتها المالية والاستثمارية لحماية أصولها في البنوك الغربية، خاصة مع امتلاك الصناديق السيادية الخليجية أصولاً تزيد قيمتها عن 4000 مليار دولار.
- يبرز التحدي أمام الدول العربية بإيجاد فرص استثمار واعدة ضمن الأسواق العربية نفسها، مع التأكيد على الاستقرار السياسي والأمني وتطبيق معايير الحكم الرشيد لحماية أصولها.

بعثت مجموعة السبع الصناعية الكبرى أمس الخميس، من إيطاليا حيث اجتمع قادتها برسالة قاسية إلى الكرملين وحكومة فلاديمير بوتين، عبر اتخاذ قرار بمصادرة 50 مليار دولار من عوائد الأصول الروسية المجمدة لدى البنوك الغربية لمصلحة أوكرانيا.

إنها رسالة قاسية لن تمر مرور الكرام على روسيا التي سارعت مهددة ومتوعدة على لسان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الذي دعا الروس إلى التعبئة لإلحاق أقصى قدر من الضرر بالمجتمعات والبنية التحتية الغربية ردا على العقوبات الصارمة المتزايدة التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها على موسكو، ولن تمر أيضا على غيرها من دول العالم التي تشاهد على مرأى ومسمع من الجميع وعلى الهواء مباشرة أحدث صور النهب والبلطجة الغربية التي تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أموال روسيا المجمدة لدى بنوكها والتي تقارب 325 مليار دولار جرى التحفظ عليها عقب حرب أوكرانيا في شهر فبراير 2022.

لكن آخر تلك الرسائل موجهة للعرب الذين يكتنزون الجزء الأكبر من أموالهم في البنوك الغربية سواء الأميركية أو الأوروبية، ويستثمرون أغلب ثرواتهم في الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات والتي تمارس نشاطها من داخل أراضي وأسواق الولايات المتحدة وأوروبا. أموال وثروات تفوق أضعاف أضعاف الأصول الروسية المجمدة في الخارج.

العرب مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالتحرك لإعادة كل أو حتى جزء من أموالهم المودعة في البنوك الغربية

فحسب أحدث الأرقام، إن الصناديق السيادية الخليجية تمتلك ثروات وأصولاً تزيد قيمتها عن 4000 مليار دولار، أي ما يعادل 32.3% من أصول الصناديق السيادية في العالم، وهذا المبلغ يفوق الناتج المحلي الإجمالي لجميع البلدان العربية. كما أن استثمارات العرب في أدوات الدين الأميركية سواء سندات أو أذون خزانة تزيد قيمتها عن 250 مليار دولار، وعوائد النفط والغاز العربية يتم إيداع معظم حصيلتها في البنوك الغربية وهي بمئات المليارات من الدولارات، أضف إلى ذلك أموال المستثمرين ورجال الأعمال والشركات العربية، وهي أموال ضخمة أيضاً، وقُدرت قيمتها في سنوات سابقة بنحو 120 مليار دولار، لكن الواقع يشير إلى أن الرقم يفوق ذلك المبلغ بكثير في ظل هجرة أموال ضخمة من دول المنطقة في السنوات الأخيرة متجهة نحو أسواق وبنوك وبورصات الغرب خاصة من دول الحروب والقلاقل السياسية مثل العراق واليمن والسودان وليبيا ولبنان وسورية وغيرها.

هذه الأموال معرضة لخطر المصادرة في حال نشوب خلاف حاد بين أصحابها العرب والولايات المتحدة، أو بين أصحابها وإحدى الدول الأوروبية، فالغرب لا حدود له في الخصام، وأكبر دليل عل ذلك تجميد أموال روسيا من النقد الأجنبي المودعة في قطاعه المصرفي، وكذا تجميد أموال دول أخرى دخلت معها في خلافات وحروب مثل إيران وفنزويلا وأفغانستان وغيرها.

بعد قرار مجموعة السبع مصادرة 50 مليار دولار من عوائد الأصول الروسية المجمدة في الغرب، العرب مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالتحرك لإعادة كل أو حتى جزء من أموالهم المودعة في البنوك الغربية، لكن الخطوة تحتاج إلى عمل جاد وجهد دؤوب وإرادة سياسية، وقبل ذلك فرص استثمار واعدة ومناخ استثمار آمن واستقرار سياسي وأمني ومالي حقيقي، وتداول للسلطة وتطبيق معايير دولة القانون والحكومة.

المساهمون