استمع إلى الملخص
- **أسباب الهبوط الحاد**: المخاوف من الركود الأميركي بسبب بيانات اقتصادية مخيبة للآمال، تقارير أرباح مخيبة من شركات التكنولوجيا الكبرى، والمخاوف بشأن الاقتصاد الصيني أدت إلى موجة بيع عالمية.
- **تأثير الخسائر على المليارديرات**: خسر جيف بيزوس 6.4 مليارات دولار ولاري إليسون 6.2 مليارات دولار، مع انخفاض ثروة المليارديرات الأميركيين بمقدار 84 مليار دولار بسبب نتائج مخيبة لشركات التكنولوجيا ومخاوف الركود.
التقطت الأسواق العالمية أنفاسها الثلاثاء، بعد عاصفة الخسائر التي هبطت بالأسهم يوم الاثنين إلى مستويات قياسية، جارفة معها تريليونات الدولارات، خاصة في قطاع التكنولوجيا، وامتدت لأسواق الأسهم والطاقة والمعادن. وصباح الثلاثاء، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 1 في المائة، بعد هبوط المؤشر القياسي إلى حافة تصحيح فني يوم الاثنين. وارتفعت عقود ناسداك 100 بنسبة 1.4 في المائة.
وارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 0.8 في المائة بعد هبوطه الاثنين إلى أدنى مستوى في خمسة أشهر. وقفزت مؤشرات الأسهم الرئيسية في اليابان بأكثر من 9 في المائة عند الإغلاق، بعد انخفاضها بنسبة 12 في المائة في اليوم السابق. أما في أسواق العملات، فقد تكبد الدولار خسائر حادة اليوم الثلاثاء، بينما تراجع الين بعد ارتفاع حاد في الجلسة السابقة، فيما يواجه المتعاملون ضغوطاً على صفقات المتاجرة بالفائدة واحتمال خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة بشكل كبير.
وانخفض الين واحداً في المائة اليوم إلى 145.78 مقابل الدولار في التعاملات المبكرة، بعد ارتفاعه لخمس جلسات متتالية ووصوله إلى أعلى مستوى في سبعة أشهر عند 141.675 الاثنين. وانخفض الين أيضاً مقابل الدولار الأسترالي واليورو والجنيه الاسترليني. وجاء هبوط الاثنين لأسباب مختلفة، إلا أن المحرك المباشر كان تزايد المخاوف من الركود الأميركي بسبب مجموعة حديثة من البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال وتتعلق بالبطالة وفرص العمل، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أدوات الملاذات الآمنة. في طوكيو، انخفض مؤشر نيكاي الاثنين بنسبة 12 في المائة.
وفي سيول، انخفض مؤشر كوسبي بنسبة 9 في المائة. وعندما رن جرس الافتتاح في نيويورك، انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 6 في المائة في ثوانٍ. وانخفضت العملات المشفرة؛ وارتفع مؤشر التقلبات (VIX)، وهو مقياس لتقلبات سوق الأسهم، بشكل كبير؛ وتكدس المستثمرون في سندات الخزانة، وهي الأصول الأكثر أماناً على الإطلاق.
خسائر الأسواق العالمية
وفي غضون ثلاثة أسابيع، جرى محو نحو 6.4 تريليونات دولار من أسواق الأسهم العالمية بسبب بيانات الوظائف الأميركية الأسبوع الماضي التي جاءت أضعف من المتوقع، إلى جانب الأرباح المخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا الكبرى والمخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد الصيني، ما أدى إلى موجة بيع عالمية في الأسهم والنفط والعملات ذات العائد المرتفع.
وقد دفع ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى البدء في التفكير بخفض أسعار الفائدة ربما حتى قبل اجتماع السياسة المقرر في سبتمبر/ أيلول، ويتوقع المتعاملون الآن خفض أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 109 نقاط أساس هذا العام، مع احتمال نسبته 75 في المائة لخفض قدره 50 نقطة أساس في سبتمبر/ أيلول، وفقاً لأداة فيد ووتش التابعة لمجموعة سي.إم.إي. وبالنسبة لإيد يارديني، الخبير الاقتصادي الذي يتابع الأسواق عن كثب منذ نصف قرن، فإن الانهيار المفاجئ في الأسواق أعاد إلى الأذهان ذكريات الاثنين الأسود في عام 1987، وهو هبوط ليوم واحد أدى إلى انخفاض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 23 في المائة كان الأمر مخيفاً، لكن يارديني يلاحظ أنه في النهاية لم يكن نذيراً للهلاك الاقتصادي.
وقال يارديني، الذي يدير مركز يارديني للأبحاث، لقناة بلومبيرغ التلفزيونية: "في ذلك الوقت، كنا في حالة ركود أو على وشك الوقوع فيه، وهذا لم يحدث على الإطلاق. كان الأمر في الواقع مرتبطاً بشكل أكبر بالعوامل الداخلية للسوق. أعتقد أن نفس الشيء يحدث هنا". لكن التحول في المشاعر في جميع أنحاء العالم كان صارخاً في الأيام الأخيرة، مما أدى إلى تحطيم الهدوء المعتاد في أواخر الصيف وإفساد خطط العطلات.
وأثارت تقارير الأرباح المخاوف من أن أسهم التكنولوجيا الكبرى التي ارتفعت كثيراً، لم تجن أي أرباح طائلة من الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي. وقد انخفضت أسهم أمازون وكوم وإنتل بعد نتائج مخيبة للآمال. ومع ارتفاع قيمة الين بنسبة 3 في المائة نتيجة لقرارات بنك اليابان برفع أسعار الفائدة، هبط مؤشر نيكاي طيلة الجلسة. وهرب المستثمرون من الأسهم اليابانية بسبب مخاوف من أن يؤدي ارتفاع قيمة العملة إلى تآكل أرباح الشركات اليابانية المعتمدة على التصدير. وفي نهاية اليوم، سجل المؤشر أكبر هبوط له منذ عام 1987.
وقال أوموري، كبير استراتيجيي المكاتب في طوكيو: "لقد فاق هذا كل توقعاتي. نحن نتجه نحو منطقة تداول لا يمكن تصورها هنا. استعدوا للمزيد". وقد امتدت الخسائر إلى أسواق آسيوية أخرى وأوروبا، حيث هبطت مؤشرات الأسهم الرئيسية، ثم إلى الأميركتين. وفصّلت مجلة فوربس خسائر المليارديرات يوم الإثنين، وقالت إنه إذا كان هناك أيام سيئة على الإطلاق لكي تكون مليارديراً، فإن يوم الاثنين كان بالتأكيد أحدها، مع اختفاء ما مجموعه 201.9 مليار دولار من صافي ثروات 2713 مليارديراً في العالم في أقل من 24 ساعة.
ثروات المليارديرات
وخسر رئيس مجلس إدارة أمازون والمؤسس المشارك جيف بيزوس أكثر من أي شخص آخر على هذا الكوكب بالدولار حيث انخفضت ثروته إلى 180.7 مليار دولار يوم الاثنين من 187.1 مليار دولار يوم الجمعة. وجاءت الخسارة البالغة 6.4 مليارات دولار في يوم واحد بعد انخفاض بنسبة 15 مليار دولار يوم الجمعة.
لاري إليسون، رئيس مجلس الإدارة والمؤسس المشارك لشركة أوراكل العملاقة للتكنولوجيا، تكبد ثاني أكبر خسارة في يوم واحد، بانخفاض قدره 6.2 مليارات دولار يوم الاثنين. إذ كان الخاسرون الأكبر على الإطلاق هم مليارديرات التكنولوجيا في الولايات المتحدة، وفي المجمل، انخفضت ثروة المليارديرات الأميركيين بمقدار 84 مليار دولار.
يشرح موقع فورتشن أسباب انهيار الاثنين، أولها أن أرباح الشركات كانت قوية، ولكن ربما لم تكن قوية بما يكفي، ووفقاً لمؤشر بنك أوف أميركا لتتبع الأرباح، تجاوزت نسبة 71 في المائة من الشركات المكونة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 والتي أعلنت عن أرباحها للربع الثاني حتى الآن توقعات وول ستريت المرتفعة للأرباح.
كما بلغ معدل نمو الأرباح على أساس سنوي لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 نسبة 11.5 في المائة، وفقاً لبيانات FactSet. ومع ذلك، فإن متوسط أرباح الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يتجاوز توقعات الإجماع للأرباح لكل سهم بنسبة 2 في المائة فقط، وفقاً لبنك أوف أميركا. وهذا هو أصغر تفوق منذ الربع الرابع من عام 2022، حيث إن توقعات وول ستريت أقوى من أن تتمكن العديد من شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من مواكبتها.
يضاف إلى ذلك نتائج مخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي مثل أمازون، التي فشلت في تحقيق توقعات الإيرادات في الربع الثاني وشركة إنتل، التي انخفضت أرباحها وأعلنت عن تسريح 1800 موظف الأسبوع الماضي. أما السبب الثاني فيرتبط بمخاوف الركود الأميركي التي عادت إلى الواجهة بسبب تقارير تفيد بتباطؤ إنفاق المستهلكين وتقرير الوظائف الضعيف في يوليو/ تموز.
وأضاف الاقتصاد الأميركي 114 ألف وظيفة فقط في يوليو، وهو أقل بكثير من 175 ألف وظيفة توقعها المتنبئون، وأضعف من 179 ألف وظيفة جرت إضافتها في يونيو/ حزيران. كذلك أدّى تباطؤ نمو الوظائف إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة الشهر الماضي، من 4.1 في المائة في يونيو/حزيران. مما أثار مخاوف بشأن استقرار الاقتصاد الأميركي ودفع البعض إلى القول إن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ارتكب خطأ بعدم خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي.
السبب الثالث هو العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، والصراع ما بين تل أبيب وطهران، إذ أثرت احتمالات اتساع الصراع على المستثمرين يوم الاثنين، مما أدى إلى بعض عمليات البيع بدافع الخوف. ولقد تجاهلت الأسواق إلى حد كبير العدوان الإسرائيلي على غزة. ولكن الآن ربما تكون إيران، وهي دولة منتجة للنفط، على وشك توسيع نطاق الحرب.