- الاقتصاد التركي يعاني من تحديات بسبب الاعتماد الكبير على استيراد النفط، مما يؤدي إلى زيادات في أسعار المحروقات وضريبة الاستهلاك، وينعكس سلبًا على أسعار السلع والمنتجات.
- الوضع الاقتصادي الصعب يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، حيث ارتفعت خطوط الفقر والجوع، وتؤثر زيادة أسعار المواد الغذائية على القدرة الشرائية، مما يضع الحكومة تحت ضغط لتحسين الأوضاع المعيشية.
لم يهدأ ارتفاع الأسعار في أسواق تركيا، رغم الوعود الحكومية بتخفيض نسبة التضخم وتحسين سعر صرف الليرة، ما يرجّح رفع الحد الأدنى للأجور، للمرة الثانية هذا العام، ليتناسب الدخل مع الأسعار المرتفعة التي تطاول حتى المنتجات الموسمية والسلع المحلية.
وبعد رفع أسعار الخبز "اكميك" والسجائر والمشتقات النفطية وأجور النقل، الشهر الجاري، أعلن المجلس الوطني للألبان التركي (USK) عن زيادة بنسبة 8.5% في أسعار الحليب الخام، ليصل سعر اللتر إلى 14.65 ليرة، على أن تدخل الزيادة حيز التنفيذ اعتباراً من 1 مايو/ أيار المقبل. وهي الزيادة الثانية هذا العام، بعد رفع بالنسبة نفسها في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وتتوقع مصادر تركية أن تؤدي هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار منتجات الألبان الأخرى مثل الجبن والزبادي في أسواق تركيا لارتباطها بالحليب كمادة أولية وزيادة تكاليف الإنتاج والنقل، بعد رفع أسعار المحروقات.
وتستمر تركيا التي تستورد أكثر من 95% من استهلاكها من النفط، والبالغ نحو 360 مليون برميل سنوياً، برفع أسعار المشتقات النفطية وضريبة الاستهلاك، بعد تبدل السعر العالمي، لتصل نسبة الزيادة على البنزين والمازوت إلى نحو 113% خلال عام، إذ لم يزد متوسط سعر الليتر عن 21.32 ليرة في إبريل/ نيسان العام الماضي، في حين يسجل اليوم نحو 43.56 ليرة تركية.
أدى رفع أسعار الوقود إلى زيادة أسعار السلع والمنتجات، الزراعية والصناعية، بحسب الاقتصادي التركي أوزجان أويصال الذي قال لـ"العربي الجديد" إن "استيراد النفط والغاز، رغم الاكتشافات، أهم أسباب خسارة الميزان التجاري ببلده التي تستورد سنوياً ما قيمته 50 مليار دولار من النفط الخام".
ولا يستبعد أويصال "رفع أسعار المحروقات، وحتى الكهرباء، رغم تأكيد وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار عدم رفع سعر الكهرباء والغاز بعد الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا مطلع الشهر الجاري".
ويشير الاقتصادي التركي إلى أن "استمرار تراجع سعر العملة التركية التي سجلت اليوم نحو 32.455 ليرة مقابل الدولار وعدم ضبط التضخم الذي قفز إلى 68.5% في مارس/ آذار الماضي، يرهق المستهلك التركي"، متوقعاً "رفعاً للحد الأدنى للأجور في يونيو/ حزيران المقبل، رغم إعلان وزير العمل وداد ايشيق هان عدم رفع ثانٍ للأجور هذا العام".
وكان اتحاد نقابات العمال التركية (Türk-Iş) قد كشف أخيراً عن ارتفاع خط الفقر والجوع في تركيا خلال شهر مارس/ آذار المنصرم، حيث ارتفع خط الفقر إلى 54.7 ألف ليرة تركية، فيما ارتفع خط الجوع إلى 16,793 ليرة تركية، في حين لم يزد الحد الأدنى للفقر التي حددها الاتحاد في تقريره السابق، عن 45 ألف و686 ليرة تركية وحد الجوع عن 14 ألف و25 ليرة تركية.
ويشير تقرير نقابات العمال إلى "تأثير الزيادة في أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.29٪ شهرياً و 75.09٪ سنوياً على الظروف المعيشية للمواطنين، ما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية بشكل ملحوظ"، موضحاً أن "الانخفاضات السابقة في أسعار المنتجات قبل الانتخابات، بما في ذلك التخفيضات الرمضانية، لم تكن كافية للتوازن مع الارتفاعات الحادة في أسعار المواد الغذائية، مما تسبب في تدهور القوة الشرائية لدخل الأجور بشكل ملحوظ".
وتزيد توقعات المحللين في تركيا بتحسين مستوى المعيشة وضبط الأسعار وتحسين سعر الليرة، بعد الانتخابات المحلية التي مني خلالها حزب العدالة والتنمية الحاكم بخسارة كبيرة أمام الشعب الجمهوري أكبر الأحزاب المعارضة، ولقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ، قيادات حزبه والوعود بالإصلاحات وإعادة النظر بأسباب احجام الأتراك عن انتخاب مرشحي الحزب للبلديات التركية، والتي وضع محللون الأسباب الاقتصادية بمقدمتها.
كما يرجح المحللون أن يبدأ المصرف المركزي إنهاء دروة التشديد النقدي، بعد أن رفع سعر الفائدة من 8.5 % في مايو/ أيار العام الماضي إلى50% حاليا، وتبدأ نتائج برنامج الفريق الحكومي الظهور خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وسبق أن وعد وزير المالية والخزانة التركي محمد شيمشك أن يبدأ التضخم السنوي في الانخفاض اعتباراً من منتصف عام 2024 في ظل التأثير الإيجابي لموقف السياسة النقدية للبلاد، مضيفاً، خلال تصريحات سابقة، أننا "سندعم عملية خفض التضخم بالانضباط المالي، الهدف الأساسي لسياساتنا هو خفض التضخم بشكل دائم ليصبح في خانة الآحاد على المدى المتوسط".
(الدولار= 32.45 ليرة تركية)