ارتفع التضخم في المملكة المتحدة أسرع من المتوقع إلى أعلى مستوى له في عقد من الزمن، مما زاد الضغط على بنك إنكلترا لرفع أسعار الفائدة، وتصاعد الضغط على مستويات المعيشة للأسر.
فقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 4.2% عن العام الماضي في أكتوبر/تشرين الأول، مدفوعة بأسعار الطاقة وتأثير نقص الإمدادات على نطاق واسع على الاقتصاد. كانت تلك أسرع وتيرة شهرية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011، حيث ارتفعت بشكل حاد من 3.1% في سبتمبر/أيلول، بعدما توقع الاقتصاديون زيادة إلى 3.9%.
وحذر بنك إنكلترا من أنه من المحتمل أن يرفع تكاليف الاقتراض في الأشهر المقبلة لإبقاء التضخم تحت السيطرة، مقدّراً أن الأسعار قد تقفز بنسبة 5% في أوائل العام المقبل، أي أكثر من ضعف هدفها.
وارتفع الجنيه الإسترليني بعد تقرير هيئة الإحصاءات، مع استعداد المستثمرين للتحرك بعد بيانات سوق العمل القوية يوم الثلاثاء والتي أشارت إلى ضغوط تصاعدية على الأجور.
وقال سوكديب ديلون كبير الاقتصاديين في بي أن بي باريبا للاستشارات العقارية في بريطانيا لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية إنه "مع استمرار التضخم في الارتفاع، قد يفرض ذلك استجابة من بنك إنكلترا في غضون أسابيع فقط".
تأثيرات على الفائدة
تعني قفزة التضخم اليوم أنه من "المرجح أكثر" أن يرفع بنك إنكلترا أسعار الفائدة في المملكة المتحدة في اجتماعه في ديسمبر، من 0.1% إلى 0.25%. هكذا قال بول ديلز، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في كابيتال إيكونوميكس لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
وأضاف: "قد تؤدي الآثار الأساسية غير المواتية إلى رفع معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين إلى حوالي 4.7% في نوفمبر، وقد يؤدي الارتفاع في أسعار الجملة إلى ارتفاعه إلى حوالي 5% بحلول إبريل/نيسان من العام المقبل".
علاوة على ذلك، تابع ديلز، "على الرغم من أن أسعار الفائدة قد ترتفع من 0.10% إلى 0.25% في ديسمبر وربما 0.50% في فبراير، فإننا لا نعتقد أنها ستصل إلى مستوى 1.00-1.25% بنهاية العام المقبل". ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن ارتفاع معدل ضريبة القيمة المضافة لشركات الضيافة والترفيه والسياحة إلى 12.5% في أكتوبر أدى إلى ارتفاع الأسعار التي يدفعها المستهلكون. فقد حلت هذه النسبة مكان معدل 5% المخفض الذي تم تقديمه في يوليو/تموز 2020 بعد عمليات الإغلاق الأولى للوباء.
كذا، رجحت "بلومبيرغ" أن يرتفع التضخم خلال الأشهر الستة المقبلة، على أن يبلغ ذروته عند أكثر من 5% بقليل في إبريل/نيسان المقبل عندما يؤثر التأثير الكامل للارتفاع الأخير في أسعار الطاقة على الأسر. إذ مع أزمات سوق العمل، يشعر بنك إنكلترا بالقلق من أن التضخم المرتفع قد لا ينسجم مع التوقعات. وهذا يعني على الأرجح رفع أسعار الفائدة الشهر المقبل.
أسباب متعددة للارتفاع
في الوقت الحالي، فإن التضخم مدفوع إلى حد كبير بعوامل مؤقتة مرتبطة بأسعار الطاقة وانتعاش الطلب العالمي في أعقاب الوباء. ومع ذلك، فإن بنك إنكلترا يشعر بالقلق من أنه يمكن أن يتجذر على نطاق أوسع إذا ترك دون رادع.
عزز النمو في التوظيف والأجور هذا الأسبوع الآراء القائلة بأن البنك المركزي سيسعى لمنع حدوث تصاعد في الأسعار. أطلقت مجموعات الأعمال تحذيراً، حيث سلطت الضوء على ضعف النمو الاقتصادي وعلامات ضعف الإنفاق الاستهلاكي والثقة.
كان الارتفاع في التضخم الشهر الماضي مدفوعاً بأسعار الغاز الطبيعي والكهرباء بعد أن سمح المنظم "أوفجيم" للموردين برفع التعريفات بنسبة تصل إلى 12% لتعويض ارتفاع تكاليف الجملة.
كما ساهمت أسعار المواد الغذائية ووقود السيارات والسيارات المستعملة والمطاعم والفنادق في الزيادة الحادة في التضخم. إذ أدت الاضطرابات في سلسلة التوريد إلى ارتفاع أسعار مجموعة متنوعة من السلع والخدمات. وقفز معدل التضخم الأساسي، الذي لا يشمل أسعار الطاقة والغذاء والكحول والتبغ، إلى 3.4% من 2.9%.
وقال جيمس سبراول، كبير الاقتصاديين في شركة هاندلسبانين الاستشارية في المملكة المتحدة لـ"ذا غارديان": "نتوقع أن معظم المطاعم لم تخفض الأسعار عندما تم تخفيض معدل ضريبة القيمة المضافة من 20% في يوليو/تموز 2020، لذا فإن إعادة فرض ضريبة القيمة المضافة (ومن المقرر أن ترتفع إلى 20% في نهاية مارس) أدت إلى زيادة الأسعار".