الأزمة الاقتصادية في باكستان تدفع النساء إلى سوق العمل

08 سبتمبر 2024
21% فقط من الباكستانيات يعملن / كراتشي، 17 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تزايد دخول النساء إلى سوق العمل في باكستان**: الأزمة الاقتصادية دفعت النساء للعمل رغم التقاليد، مثل أمينة سهيل التي تعمل كسائقة أجرة لدعم عائلتها.

- **التحديات الاقتصادية والاجتماعية**: ارتفاع الأسعار دفع النساء للعمل، مما يغير نظرتهم للعالم. رغم أن 21% فقط من النساء يعملن، هناك نماذج ناجحة مثل بينظير بوتو ورائدات الأعمال.

- **تغيير الأدوار التقليدية**: النساء يواجهن تحديات اجتماعية، لكن الأزمة الاقتصادية تتيح لهن فرصًا جديدة، مثل هينا سليم وأنوم شاه زادي، مما يعزز الشراكة في المسؤولية بين الزوجين.

دفعت الأزمة الاقتصادية في باكستان أعدادا متزايدة من النساء إلى دخول سوق العمل لمساعدة عائلاتهن، غير آبهات بنظرة المجتمع المحافظ الذي لا يزال حتى الآن يرفض عملهن. وفي شوارع كراتشي، العاصمة الاقتصادية للبلاد، تجذب أمينة سهيل البالغة 28 عاما الأنظار إليها وهي تقود بخوذتها وقفازيها دراجتها النارية التي تعمل عليها سائقة أجرة.

تقول سهيل لوكالة فرانس برس: "لا أهتم بآراء الناس، لا أتحدث مع أحد وأتجاهل من يتحرش بي، أنا أقوم بعملي فحسب". وتضيف الشابة التي أصبحت أول امرأة تعمل في عائلتها: "في السابق، عندما اضطر والدي إلى التوقف عن العمل بسبب مرضه، كنا نتضور جوعا". وتوضح أن "الوضع في المنزل كان مؤلما لأن العائلة كانت تضطر إلى طلب المساعدة من الأقارب"، مضيفة "عندها قررت أن أعمل". وتؤكد أنّه منذ ذلك الحين "أصبح بإمكاننا تناول وجبتين أو ثلاث في اليوم".

ويمثل عملها تحديا في باكستان التي تعاني أزمات سياسية متتالية وركودا اقتصاديا باتت معه البلاد تعتمد على ما يمنحه إياها صندوق النقد الدولي وعلى قروض من "الدول الصديقة". وبسبب التضخم الذي وصل مؤخرا إلى مستويات قياسية ارتفعت خلال عام واحد أسعار المواد الغذائية بنسبة 100% والكهرباء والغاز بنسبة 300%. وبالإضافة إلى أنه باتت صاحبة مدخول مالي، تؤكد سهيل أن دخولها إلى سوق العمل أتاح لها تغيير "نظرتها" إلى العالم واتساع "مداركها".

نزعة محافظة

وبحسب الأمم المتحدة، فإن 21% فقط من الباكستانيات يعملن، معظمهن في القطاع غير الرسمي ونصفهن يساعدن أسرهن في الحقول. لكنّ الفارق كبير بين ما يقال والواقع. ففي عام 1988، أصبحت باكستان أول دولة مسلمة في العصر الحديث تقودها امرأة هي بينظير بوتو.

وغالبا ما تضم قوائم فوربس للأشخاص الأكثر نفوذا في العالم رائدات الأعمال الباكستانيات، كما يضم الجيش والشرطة العديد من الضابطات برتب عالية. لكنّ النزعة المحافظة لا تزال سائدة لدى العديد من الأسر. وبنبرة ملؤها الفخر تقول هينا سليم (24 عاما) التي تعمل موظفة استقبال في مصنع للسلع الجلدية في كراتشي: "أنا أول امرأة عاملة في عائلتي، سواء من جانب والدي أو والدتي".

لكن على الرغم من مساندة والدتها للأسرة بعد وفاة والدها، حاول أفراد أسرتها الكبيرة التأثير على أخيها الأصغر لمنعها من العمل. وتضيف: "قال له أعمامي دعها تتزوج". وتتابع "تعرضت والدتي لضغط كبير"، فقد كان أقاربها يخشون من أن يتسبب خروجها المتكرر من المنزل بدخولها في علاقة غرامية بدلا من قبولها بزواج مدبر.

أما زميلتها في المصنع، أنوم شاه زادي (19 عاما)، فقد شجعها والداها على العمل بعد المدرسة الثانوية. وتقول الشابة التي توفر الآن دخلا للأسرة إلى جانب شقيقها "ما فائدة الحصول على شهادة إذا كنا لا نستطيع أن نتمتع بالاستقلالية".

وفي هذا الأمر ترى بشرى خالق، العضو في منظمة "النضال من أجل تمكين النساء" غير الحكومية، "نقطة تحول" في الحقوق السياسية والاقتصادية للنساء في باكستان، وخاصة في الطبقة المتوسطة الحضرية، و"فرصة سانحة" في خضم الأزمة الاقتصادية الحالية. وتقول: "حتى الوقت الراهن، كان المجتمع يقول لهنّ إنّ الزواج والعناية بالمنزل هو هدفهن الرئيسي في الحياة".

شركاء في المسؤولية

وإذا كانت أنوم شاه زادي قد بدأت العمل في سن 19 عاما، إلا أن فرزانا أوغسطين حصلت على أول راتب لها العام الماضي، وكانت حينها تبلغ 43 عاما عندما فقد زوجها وظيفته بسبب كوفيد. ويشير زوجها إلى أنه "كان يتعين على زوجتي أن تتولى المسؤولية". ويضيف أوغسطين صادق، يبلغ 45 عاما: "لا يوجد ما هو مؤسف في الأمر، نحن شركاء ونهتم بهذا المنزل معا". لكنّ فرزانا تعترف بأنّ أطفالهما "لا يخبرون أحدا أن والدتهم تعمل، فهم لا يستسيغون ذلك".

ويستقطب الميناء والمنطقة الصناعية في كراتشي التي تعدّ رسميا 20 مليون نسمة، وربّما أكثر من ذلك في الواقع، مهاجرين ومستثمرين من جميع أنحاء البلاد على أمل أن تساعدهم الوظيفة على الارتقاء في المجتمع. ومن هؤلاء زهرة أفضل (19 عاما) التي انتقلت من قريتها في وسط باكستان الزراعي للعيش مع عمها قبل أربع سنوات فور وفاة والديها. وهي تعمل الآن مربية أطفال لدى عائلات في كراتشي.

يقول عمها كمران عزيز بصوت لا يخلو من بعض الاعتزاز: "لو استقبل أفراد آخرون من العائلة زهرة، لكانت قد تزوجت". لكن على العكس "قررتُ مع زوجتي أن أسبح عكس التيار وأن أربّي بناتي حتى يتمكنّ من إعالة أنفسهنّ قبل الزواج". أما زهرة فأكثر ما تعتزّ به هو أنّ أختها وابنة عمها يعتبرانها مثلاً أعلى لهما. 

(فرانس برس)

 

المساهمون