حذر مختصون من احتمال عودة إضراب الشاحنات ووسائط نقل عام في الأردن من جديد، لعدم تحقق مطالب العاملين في هذا القطاع والتي تمثلت بتخفيض كلف النقل وتخفيض أسعار المشتقات النفطية التي سجلت مستويات قياسية غير مسبوقة.
وحسب المختصين، فإن فك الإضراب الذي استمر حوالي ثلاثة أسابيع جاء في ضوء التداعيات التي شهدتها البلاد ونتج عنها استشهاد 4 أفراد من قوات الأمن العام خلال فترة الإضراب وبعد تدخل وساطات من قبل أعضاء في مجلس النواب والتعهد بتخفيض أسعار المشتقات النفطية استجابة لمطالب السائقين وأصحاب الشاحنات لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وقررت لجنة تسعير المشتقات النفطية، أول من أمس، بعد تطبيق المعادلة السعرية على سعر الديزل والكاز، تخفيض سعرهما بنحو 75 فلسًا، كما خفّضت أسعار البنزين بنوعيه بمقدار 20 فلسًا (الدينار = 1000 فلس).
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض لـ"العربي الجديد" إن غياب التمثيل الحقيقي لقطاع النقل والعاملين فيه من خلال تنظميهم في نقابات مهنية أو عمالية قد حال دون تحقيق مطالبهم والاستجابة لهم كون النقابة القائمة (نقابة أصحاب الشاحنات) لم تعكس كما بدا واضحاً خلال الإضراب تمثيلاً واقعياً لهم، إذ رفضوا التوافقات التي توصلت إليها النقابة مع الحكومة وهددوا بالاستمرار في الإضراب رغم دعوة نقابتهم إلى العودة للعمل.
وأضاف أنه من خلال المتابعة التي قام بها المرصد العمالي لما حدث خلال الإضراب، فإن وجود مظلات نقابية فاعلة يسهم في معالجة كثير من المشكلات والحوار البناء مع الجهات الحكومية المختصة لإيجاد الحلول المناسبة والتوافقية وعدم الاستمرار بالإضراب وتفادي آثاره السلبية على المواطنين والاقتصاد بشكل عام.
وقال عوض إن قانون العمل ما زال يحد حتى الآن من التوسع في إنشاء النقابات العمالية القطاعية التي من شأنها الدفاع عن حقوق أصحابها بشكل منظم ومستمر وبناء على أسس منطقية للحوار والتفاوض مع الحكومة، مشيراً إلى أهمية أن يؤخذ هذا الجانب على محمل الجد لدى المناقشات التي سيجريها مجلس النواب من خلال لجانه المختصة حول قانون العمل.
وقال الناشط النقابي وناشر موقع "الراصد النقابي" لعمال الأردن، حاتم قطيش، إن الجهات التي فاوضت الحكومة وأعلنت فك الإضراب لم يعترف بها المضربون والمحتجون، لأنهم لم ينتخبوهم أو يختاروهم وربما لا يعرفون علاقتهم بالقضية أصلاً.وأضاف أن القائم بالإضراب هو الجهة ذات الصلاحية في فكه والإعلان عن ذلك.
وفي تقرير للمرصد العمالي قال قطيش إنّ هذه العشوائية قد تهدد السلم المجتمعي، لأنّ بعض الفئات قد تستخدم "غياب مرجعية للنقابات وتستخدمها لأجندات لا علاقة للإضراب والمحتجين بها، على رأسها شيطنة الإضراب ومنفذيه ليقال إنّ القصد منه هو التخريب وليس المطالبة بحقوق"، وفق تعبيره.
وانتقد قطيش حصر الحكومة القوى العاملة بـ17 نقابة عمالية معترف بها فقط، وأن ذلك يمنع الكثير من العاملين والعاملات في قطاعات كبيرة من حقهم في التفاوض أو إبرام عقود عمل جماعية إلا عبر النقابة الموجودة التي لا يرى المحتجون أنها تمثلهم، وهو ما يفضي إلى أنّ أي اتفاق بين النقابات العمالية والحكومة غير نافذ ولا فائدة منه لإنهاء الاحتجاج.
وحول بيان الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، يعتبر قطيش أنّ النقابات العامة لم تكتفِ بتغيبها عن موقف الاحتجاج. وإنما أصدرت بياناً تخلي فيه مسؤوليتها عن الإضراب والاحتجاج السلمي ويحاول إفشاله أيضاً، بالرغم من أن المفترض أنهم يمثلون العمال. وقال قطيش إنّ الإضراب لو أدير من قبل نقابة مهنية أو عمالية بشكل رسمي، لكان أفضل بالتأكيد.
وقد أدى الاضراب إلى توقف حركة الشحن البري داخل الأردن وكاد يضرب الأسواق لعدم تدفق السلع وخاصة الغذائية منها كالمعتاد وتكدست حاويات البضائع داخل ميناء العقبة.
وقال السكرتير الإقليمي للاتحاد الدولي للنقل والناشط النقابي بلال ملكاوي إنّ الدولة ما تزال تصر على فكرة أن التنظيمات النقابية تشكل خطراً عليها فيما هي حماية للدولة والعمال معاً، لأنّ الحوار والنقاش الذي تدعو إليه دائماً يتمثل من خلال هذه التنظيمات النقابية التي تقدم الحوار على أصوله، فالدولة لا تستطيع إجراء حوار مع عشرة آلاف عامل في آن واحد.
وأضاف أنّ الاتحاد بعث رسالة إلى رئيس الوزراء بشر الخصاونة أبدى فيها عدم رضاه عن كيفية تعامل الحكومة مع الموضوع ومحاولات تقديم الحلول الأمنية على الحوار لإنهاء الإضراب، باعتبار أنّ الحل الأمني لم ولن يكون يوماً حلاً لقضية عمالية.
وبين أنّ توقف أي إضراب يكون باتفاق، إلّا أنّ توقف إضراب العاملين والسائقين اليوم بدون أي اتفاقات يعني أنه قد يتحول إلى قنبلة موقوتة ويعود إلى الشارع في أي وقت إذا لم تحل الأمور، وقد تخرج الاحتجاجات من أي مكان.
وقال المرصد العمالي لقد انتهى الإضراب فعلاً وما يزال السائقون وأصحاب المركبات يعانون ذات المشكلة بارتفاع أسعار المحروقات وبخاصة في الأشهر الأخيرة.