كشف تقرير أعده مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية ممارسات يتعرض لها العاملون على تطبيقات النقل الذكية في الأردن، ما أثر على أوضاعهم، نتيجةً للثغرات التنظيمية والوتيرة السريعة لنمو اقتصاد المنصات في البلاد.
جاء ذلك في بيان أصدره المركز، اليوم الاثنين، حول جلسة نقاشية لإطلاق التقرير الموسوم بتقرير "العمل العادل" أقيمت أمس الأحد، الذي أعد لأول مرة حول اقتصاد المنصات في الأردن، وبدعم من الوكالة الألمانية للتنمية والوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وبتنسيق من جامعة أكسفورد ومعهد أكسفورد للإنترنت ومعهد برلين للبحوث الاجتماعية.
وبينت نتائج الدراسة الممارسات التي تتعارض مع مبادىء العمل العادل واللائق، مثل مُطالبة العاملين بدفع عمولتهم قبل أن يحققوا أي دخل من عملِهم، واختلاف ساعات العمل والدخل فيما بينهم، وغياب سياسات أو آليات أساسية لضمان الحد الأدنى للأجور، ما ولّد ضغوطا مالية ونفسية لديهم.
وكشفت نتائج الدراسة، التي قيّمت ثماني منصات مختلفة تعمل في الأردن، منها خمسة تطبيقات نقل ركاب، وثلاثة لتوصيل طعام، عن وجود مشكلة في دفع الأجور في الوقت المناسب، ما أثّر على صافي العائد للعاملين بسبب ساعات العمل الطويلة وزيادة التكاليف.
وأبرز التقرير شعور العديد من العاملين في المنصات بعدم الأمان أثناء العمل نتيجة لعوامل مختلفة، مثل السرقات والخوف والإساءة اللفظية والعنف الجسدي من قِبل بعض العملاء.
ووفق التقرير، فإن شروط العقود القانونية كانت معقدة وغير واضحة بالنسبة للعديد من العاملين على هذه التطبيقات، كما أن بعض هذه الوثائق أتيحت باللغة الإنكليزية فقط.
وقال مدير مركز الفينيق أحمد عوض إن هذه الدراسة تهدف إلى التعرف على طبيعة عمل العاملين والعاملات في هذا القطاع المتنامي، من خلال خمسة معايير أساسية جرى تطويرها كجزء من منهجية تشمل ثماني وثلاثين دولة. وتتمثل هذه المعايير بـ"الأجر العادل وشروط العمل العادلة وعقود العمل العادلة والإدارة العادلة للعاملين والتمثيل العادل لهم".
وأكد أن هذا التقييم يؤكد الحاجة الفورية إلى إجراء تحسينات في الأجور والأتعاب وشروط العمل والعقود والإدارة والتمثيل داخل هذه المنصات في الأردن لتصبح عادلة.
وأمِل أن يكون هذا التقرير مصدرا قيّما للعاملين وإدارات المنصات معاً في العمل المشترك لتحسين ظروف العمل في هذا القطاع المتنامي.
بدورها، قالت الباحثة الرئيسية ومديرة مشروع العمل العادل في معهد أكسفورد للإنترنت في بريطانيا فوندا سبيلدا إن المشروع، الذي ينفذ في 38 دولة، وجد لتسليط الضوء على هذا القطاع الذي يتنامى بشكل كبير.
وأكدت سبيلدا ضرورة تطوير أطر تنظيمية تحمي العاملين في هذا القطاع، وشددت على الحاجة إلى أن تتعاون الشركات مع الحكومات والنقابات لتحقيق ذلك.
ودعت سبيلدا إلى إعطاء دور أكبر لممثلي العمال من أجل رسم ملامح العلاقة التعاقدية بين العمال والشركات.
وقال مدير مديرية تفتيش العمل المركزية في وزارة العمل المهندس هيثم النجداوي إن سوق العمل يتطور بشكل دائم، مشيراً إلى أن العاملين في هذا القطاع لا ينطبق عليهم تعريف العامل، وبالتالي لا ينطبق عليهم قانون العمل.
وبين أن العاملين في هذا القطاع يندرجون ضمن تصنيفين، إذ يمكن اعتبارهم إما مستثمرين يستخدمون مركباتهم في خدمات النقل أو متضمنين للمركبات.
وبيّن النجداوي أن طبيعة التشريعات الحالية لا تسمح لوزارة العمل بالتدخل؛ حيث إن العلاقة بين العاملين والشركات "لا تعتمد التبعية"، وبالتالي لا تنطبق عليهم صفات العمال.
وفي مشاركته، قال مدير مديرية التوعية التأمينية لمؤسسة الضمان الاجتماعي حسام السعدي إن الضمان حاليا في مرحلة إطلاق برنامج "استدامة ++" الذي يشمل العديد من سائقي التاكسي الأصفر، حيث يمكّنهم من الاشتراك في الضمان الاجتماعي وفق نظام مدعوم يجرى تمويله عبر منح خارجية.
وأثنّى السعدي على ما قاله النجداوي من أن العاملين في هذا القطاع لا تنطبق عليهم القوانين الحالية، إلا أنه يمكنهم الاشتراك بأيٍّ من الأدوات التأمينية كأصحاب أعمال أو ضمن الاشتراك الاختياري.
وأكد السعدي ضرورة تطوير بعض السياسات لضمان حقوق هذه الفئة العمالية.
وعرض مدير مركز حقوق العمل "بيت العمال" حمادة أبو نجمة، في مشاركته، للمعايير الدولية للعمل التي تشمل هذا النوع من الأعمال.
وشدد أبو نجمة على إجراء تعديلات تشريعية وتطوير سياسات تتضمن حماية هؤلاء العاملين، وضرورة الإسراع في ذلك.
ولفت إلى أن منظمة العمل العربية تقوم حاليا بتطوير معيار (اتفاقية) لتنظيم هذا النوع من الأعمال، بحيث يُضمن الحد الأدنى من معايير العمل العادل لهم.