الأردن: ارتفاع كبير لمديونية الأفراد والشارع يترقب مهلة حبس المدين

21 أكتوبر 2021
جائحة كورونا تسببت في صعوبات اقتصادية (فرانس برس)
+ الخط -

بعد مرور أكثر من عام على قرار الحكومة الأردنية، منع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحبس المدين، في إطار إجراءات مواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا، يترقب الشارع، خاصة قطاعات القانون والاقتصاد، بشكل كبير الموقف الرسمي من ذلك القرار الذي يفترض أن ينتهي العمل به أواخر العام الحالي 2021.

ويخشى خبراء اقتصاد وقانون من تمديد العمل بالقرار الذي أصدره رئيس الوزراء بشر الخصاونة في مارس/ آذار 2020، مشيرين إلى احتمال حدوث انعكاسات سلبية على مجمل النشاط الاقتصادي، كون غالبية التعاملات التجارية والخدمية في السوق تتم بواسطة الشيكات المؤجلة التي شهدت بشأن عدم الوفاء بها مئات آلاف المطالبات القانونية، لافتين إلى أنه ربما يحجم البعض عن قبول الشيكات لاحقا لضمان حقوقهم وبالتالي اقتصار التعاملات على الدفع النقدي المباشر.

ورغم منع حبس المدين حتى نهاية العام الجاري، إلا ان قرار رئيس الوزراء شدد على استمرار إجراءات التقاضي وطلب تثبيت الحقوق بين الدائن والمدين. وبمقتضى الخطوة الحكومية، قرر الجهاز القضائي في مارس/آذار من العام الماضي، تأجيل تنفيذ الأحكام الجزائية على المدين الذي لا تتجاوز قيم الشيكات المحكوم عليه فيها 100 ألف دينار (141 ألف دولار).

وبحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي، وصلت مديونية الأفراد إلى نحو 12 مليار دينار (17 مليار دولار) بنهاية العام الماضي، بزيادة بلغت نسبتها 6.9% عن عام 2019 الذي سجل مديونية بقيمة 11.2 مليار دينار.

وأشارت البيانات إلى أن عدد المقترضين الأفراد من البنوك، بلغ حوالي 1.17 مليون مقترض، مقابل 1.16 مليون في نهاية عام 2019، بزيادة نسبتها 0.9%. وبلغ عدد المقترضين الذكور 81.3% من إجمالي المقترضين في 2020.

ولفت البنك المركزي إلى أن نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد إلى دخلهم، تعتبر من أهم النسب التي تقيس مخاطر مديونية الأفراد على البنوك وعلى الأفراد أنفسهم، مشدداً على أن لارتفاع هذه النسبة آثارًا سلبية على الاستقرار المالي والاقتصادي إذ يؤدي ذلك الى تراجع قدرة الأفراد على السداد، مما يزيد من نسب التعثر لدى البنوك ومؤسسات التمويل الأخرى.

وقدر ارتفاع العبء الشهري في نهاية العامة الماضي بنحو 45.2%، مقارنة مع 43% في نهاية 2019 و42.5% في 2018 وذلك نتيجة لانخفاض دخل الأفراد العام الماضي بسبب تداعيات جائحة كورونا، لكنّه اعتبر أنّ هذه النسب ما زالت مقبولة وفقا للمعايير الدولية حيث يتراوح متوسط النسبة لدى معظم البلدان من 40% إلى 50%.

وبحسب البنك المركزي، فقد بلغت قيمة الشيكات المعادة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري حوالي 1.2 مليار دولار غالبيتها لعدم وجود رصيد مالي لتغطيتها وبواقع 792 مليون دولار، فيما بلغت قيمة الشيكات المرتجعة العام الماضي نحو 2.43 مليار دولار.

وقال المحامي علي العودات لـ"العربي الجديد" إن تمديد قرار منع حبس المدين لفترة أخرى له العديد من السلبيات على مجمل النشاط الاقتصادي ومكاتب المحاماة ولن يتمكن أصحاب الحقوق المالية من تحصيل ديونهم المترتبة على الغير.

وأضاف العودات أن القضايا المقامة بحقوق مالية تشكل جزءاً مهماً من مجمل القضايا المنظورة أمام القضاء، إذ إنّ حبس المدين يشكل أداة ضغط كبيرة على المدينين لدفع حقوق الغير وتسديد الذمم المالية المترتبة عليهم.

وانتهت لجنة حكومية مؤخراً من إجراء تعديلات واسعة على قانون التنفيذ القضائي، تشمل عقوبات مخففة بحق المدين والحدّ من حبسه والتوسع في حالات منع إيقاع عقوبة الحبس في حال تعثره عن سداد الدين وسط تباين الآراء المؤيدة والمعارضة لحبس المدين.

ومارس نشطاء ومؤسسات مجتمع مدني ضغوطاً كبيرة على الحكومة لإلغاء حبس المدين، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، وتماشياً مع المعاهدة الدولية التي صدق عليها الأردن في 2006 ودخلت حيز التنفيذ، وبموجبها لا يجوز سجن أيّ إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقد. ويقدر عدد المطلوبين للقضاء الأردني بسبب قضايا مالية أكثر من 300 ألف شخص، بحسب بيانات رسمية.

لكن نقابة المحامين، طالبت في أكثر من مناسبة بإعادة تفعيل النصوص القانونية، التي تقضي بحبس المدين في حال تعثره عن سداد الدين للغير، بينما لاقت هذه المطالبات انتقادات واسعة في الشارع الذي يرى فيها تضييقاً على المواطنين الذين يعانون من صعوبات مالية بالغة تعمقت بسبب جائحة كورونا.

وقال المحلل الاقتصادي، عوني الداوود، لـ"العربي الجديد" إن "التعديلات التي تنوي الحكومة إدخالها على قانون التنفيذ القضائي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المواءمة بين الأوضاع المعيشية للأفراد وتأثر القطاعات الاقتصادية بجائحة كورونا".

وأضاف الداوود أن "معدلات البطالة والفقر تفاقمت إلى مستويات غير مسبوقة بسبب جائحة كورونا، ما حد من قدرة المدينين على الوفاء بالتزاماتهم المالية للغير، ومن ناحية أخرى من حق أصحاب الديون خصوصاً من التجار الحصول على حقوقهم حتى يتمكنوا من الوفاء بالتزامات أخرى مترتبة عليهم للغير".

المساهمون