قال مسؤول أردني في تصريح لـ"العربي الجديد" إن منظومة الإصلاحات الاقتصادية التي تعكف حكومة بلاده على إصدارها، في مراحلها النهائية، وستشكل إطار عمل للحكومات المتعاقبة، بما يضمن استقرار الأداء الاقتصادي والعمل وفق منهجيات مؤسسية تركز على الملفات الأساسية التي تسهم في زيادة النمو والحد من مشكلتي الفقر والبطالة.
وأضاف أنّ هناك تشريعات يجري العمل على إنجازها حالياً، وخاصة قانون الاستثمار الجديد الذي سيجري بموجبه دمج وإلغاء بعض التشريعات التي تنظم الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية في الأردن ومعالجة الصعوبات التي تواجه المستثمرين وزيادة الجاذبية الاستثمارية للأردن خلال الفترة المقبلة. وتناقش اللجان الوزارية المختصة مسودة قانون الاستثمار حالياً لعرضها على مجلس النواب الذي ينتظر انعقاده في دورة استثنائية خلال الشهر المقبل.
وأعلن الملك عبد الله الثاني إطلاق رؤية اقتصادية متكاملة للسنوات المقبلة خلال الأيام القادمة، لتكون وثيقة مرجعية شاملة. وقال إنّه لا يكتمل مسار التحديث دون اقتصاد قوي يرفع من معدلات النمو ويخلق فرص العمل، مشيراً إلى أنّ الحكومة ستعمل قبل نهاية الشهر المقبل على إنجاز برنامج لتطوير القطاع العام، هدفه الأساس الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقال عضو في ورشة العمل الاقتصادية التي تواصل عملها في الديوان الملكي، وتضم عدداً كبيراً من المختصين في الشأن الاقتصادي لـ"العربي الجديد" إن اللجنة وضعت توصيات تفصيلية شاملة للمجالات الاقتصادية كافة، لتشكل أساس الرؤية الاقتصادية للأردن للمرحلة المقبلة وحتى تسير عليها الحكومات المتعاقبة بما يضمن تجويد الوضع الاقتصادي والارتقاء به.
وأضاف: "يتوقع انتهاء اللجان من عملها قريباً وربما خلال أسبوع بعد نقاشات بدأت منذ شهر مارس/ آذار الماضي وعملت بشكل مكثف لوضع التصورات والمقترحات اللازمة للنهوض الاقتصادي وتحفيز القطاعات كافة".
وأكد الملك عبد الله الثاني أيضاً أنّ تلازم مسارات التحديث والإصلاح شرط لا بد منه لتحقيق الأهداف المطلوبة، فلا يمكن التقدم في المجال الاقتصادي من دون إدارة حصيفة وكفوءة، ولا يمكن مسار التحديث السياسي والديمقراطي أن يصل إلى غايته من دون تحسين الواقع المعيشي للمواطنين وكسر ثنائية البطالة والفقر وتوفير فرص العمل لآلاف الشباب.
ومن المرجح أن يتم وفقاً لمسار الإصلاح الإداري الذي يأتي إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الأخرى، إلغاء ودمج بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية في إطار سياسة تحسين الأداء الحكومي ومعالجة الترهل الإداري وترشيد النفقات.
ويواجه الأردن تحديات اقتصادية غير مسبوقة بسبب الظروف الإقليمية والدولية وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا وما نتج منها من ارتفاعات قياسية على أسعار النفط الخام ومختلف السلع، ولا سيما التموينية. كذلك شهدت معدلات الفقر والبطالة ارتفاعاً أيضاً خلال السنوات القليلة الماضية.
وقال رئيس كتلة التيار الديمقراطي الأردني في مجلس النواب الأردني النائب أيمن المجالي لـ"العربي الجديد" إن الإصلاحات الاقتصادية ضرورة ملحة في هذه المرحلة، وأساسها توفير التشريعات المحفزة للنمو الاقتصادي والجاذبة للاستثمارات، ومنها تأتي أهمية وضع قانون جديد للاستثمار يعالج الاختلالات التي كانت قائمة سابقاً ويشكل رافعة حقيقية ومباشرة لتطوير الاقتصاد.
وأضاف أنّ التحديات الاقتصادية غير مسبوقة، وقد تتفاقم خلال الفترة المقبلة بسبب بقاء أسعار النفط والمواد الخام والسلع على ارتفاع، ما يعني زيادة كبيرة في فاتورتي النفط والغذاء والتضخم وتباطؤ النمو.
وأنهت بعثة صندوق النقد الدولي مراجعتها الرابعة لأداء الاقتصاد الأردني في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته الحكومة بالتعاون مع الصندوق. وقال رئيس البعثة علي عباس في تصريحات صحافية إنّ الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة خففت من شدّة الآثار التي أحدثتها جائحة كورونا – 19 على الاقتصاد، الذي يشهد في الوقت الحاضر حالةً من التّعافي، تساعده فيها إعادة فتح القطاعات الاقتصادية، وتدعمه التدابير المالية والنقدية الموجَّهة.
وتوقع عباس أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة تقارب 2.4 في المائة في عام 2022، ويتّجه إلى الارتفاع بنسبة تزيد على 3 في المائة على المدى المتوسط، والبطالة ما زالت عند مستويات مرتفعة جداً، ولا سيما بين الشباب.
وأوضح أنّ التّضخُّم، الذي جرى احتواؤه خلال عام 2021، ارتفع بمستوى طفيف هذا العام، فبلغَ 3.6 في المائة في نهاية إبريل/ نيسان الماضي. وأوصى بتعزيز صرف الصندوق في عام 2022 للأردن مبلغ يقارب 165 مليون دولار، بما في ذلك تعزيز تمويل البرنامج بحوالى 100 مليون دولار، في ضوء ارتفاع الاحتياجات التمويلية الخارجية الناجمة عن الظروف العالمية.
وقال إنّ الأردن يتمتع بوضع أفضل من العديد من الأسواق الناشئة في مواجهة ارتفاع أسعار الأغذية والوقود عالمياً، وذلك يعود إلى العقود طويلة الأجل التي أبرمها بأسعار ثابتة لاستيراد الغاز اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية، وإلى المخزون الاستراتيجي من القمح المجهز للتحوط من ارتفاع الأسعار عالمياً.