الأتراك يترقبون زيادة قريبة للأجور لمواجهة الغلاء وتهاوي الليرة

12 ديسمبر 2021
سوق خضروات في إسطنبول (Getty)
+ الخط -

يترقب الأتراك، اجتماعاً حاسماً، للجنة المكلفة بتحديد الحد الأدنى للأجور، والتي تبحث إقرار زيادة من شأنها مواجهة الغلاء الناجم عن تهاوي سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية وارتفاع أسعار الطاقة، وسط تأكيدات حكومية بأن الزيادة المرتقبة "ستكون أعلى بكثير من المعتاد".

وينعقد الاجتماع الرابع والأخير للجنة تحديد الحد الأدنى للأجور، غدا الإثنين، ليتم بعده الإعلان عن القيمة المحددة للعام المقبل 2022، والمتوقع أن تصل إلى 4 آلاف ليرة تركية، وفق مراقبين.

أردوغان تعهد برفع الأجور لتعويض أصحاب الدخل المحدود

وقبل نحو أسبوع، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مشاركته في افتتاح عدد من المشاريع الخدمية والتنموية بولاية سيرت جنوب شرقي البلاد، برفع الحد الأدنى للأجور إلى مستوى يعوض أصحاب الدخل المحدود، وجلب الاستقرار لأسعار السلع وكبح التقلبات في سعر صرف العملة الوطنية في أمد ليس ببعيد.

وبلغ معدل التضخم 21.3% في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فيما توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية يوم الخميس الماضي، أن "يرتفع التضخم إلى نحو 25% بل وأكثر في الشهور المقبلة"، مشيرة إلى "خفض آخر محتمل  لأسعار الفائدة في ديسمبر/ كانون الأول الجاري".

 الحكومة تبحث زيادة الحد الأدنى للأجور لموظفي الدولة إلى 4 آلاف ليرة شهرياً (286 دولاراً)

وفي السياق، رجحت مصادر تركية أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة بنحو 100 نقطة أساس، خلال اجتماعه الخميس المقبل، ليصل إلى 14%، وذلك في إطار خطة للوصول إلى مستوى 10% خلال العام المقبل 2022.

وتوقع الخبير الاقتصادي التركي خليل أوزون، أن يقدم البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة والتدخل بالتوازي في سوق الصرف عبر بيع الدولار لتحقيق توازن بين العرض والطلب بالسوق، معتبرا أن الخفض المتوقع لسعر الفائدة لن يؤثر على سعر الليرة.

وفقدت العملة التركية نحو 31% من قيمتها منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بعد إقدام البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة.

وخفض البنك المركزي سعر الفادئة 400 نقطة أساس (4%) منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، لتصل اليوم إلى 15%. ومنذ ذلك الحين، تشهد العملة التركية تراجعات حادة بشكل مستمر لتلامس مستوى 14 ليرة للدولار.

لكن الخبير الاقتصادي التركي قال إن "النموذج الاقتصادي الجديد الذي أعلن عنه الرئيس أردوغان، المنطلق من تعزيز النمو والصادرات والائتمان وتوجيه الأموال إلى الاقتصاد الحقيقي مستمر"، مضيفا أن "المصارف لن تبقى بمثابة خزائن للأموال الساخنة، من خلال إعطاء فائدة مرتفعة على هذه الأموال".

وأضاف: "من حق تركيا والرئيس توجيه المدخرات إلى قطاعات إنتاجية واقتصاد حقيقي، وإلا لن تصل تركيا لحلمها عام 2023 وتدخل نادي العشرة الكبار".

ورغم تدخل البنك المركزي خلال الشهر الجاري ببيع نحو 3 مليارات دولار في محاولة للحد من المضاربات وكبح تراجع سعر الليرة، إلا أن سعر صرف العملة الوطنية واصل الهبوط ليصل إلى نحو 13.88 ليرة للدولار.

 الليرة فقدت نحو 31% من قيمتها منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني بعد خفض أسعار الفائدة

ورأى أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، أن تدخلات البنك المركزي "جاءت متأخرة"، معتبرا أنه ربما كان للتدخل أثر أكبر لو جاء في نفس يوم تخفيض سعر الفائدة في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وقال شعبو، لـ"العربي الجديد"، إن "مشكلة السوق التركية اليوم هي أزمة ثقة، ولا بد من تعزيز الثقة في أداء الاقتصاد، حينها سينكفئ المضاربون ويمنون بالخسائر".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وخسرت الليرة نحو نصف قيمتها منذ بداية العام الجاري، وقت افتتحت العام بسعر 7.4 ليرات للدولار الواحد، الأمر الذي أثر على مستوى معيشة الكثير من الأتراك بعد ارتفاع الأسعار بنسب تراوحت بين 50% و120% خلال عام، كما تفشت حالات الاحتكار ونفاد بعض السلع الاستهلاكية من السوق، ما دفع الرئيس التركي، إلى تحذير التجار المحتكرين من مغبّة التلاعب بأسعار السلع، وتوعد بفرض عقوبات كبيرة عليهم.

تجار يخزنون السلع طمعاً في ارتفاع الأسعار

ووفق تقرير نشرته أخيراً وكالة أنباء دوغان التركية (DHA)، فإن هناك تفشيا لما سمته "التخزين الخفي" ولجوء بعض المراكز التجارية إلى عدم بيع أكثر من عدد محدد من المنتجات الغذائية.

وفي السياق، قال رئيس لجنة الشؤون المالية في جمعية حماية المستهلك، مراد بال، خلال تصريحات صحافية مؤخرا، إن بعض التجار لا يرغبون في بيع منتجاتهم لأنهم يعتقدون أنه سيكون هناك زيادة.

وفي ظل هذه الأجواء، يشكو مواطنون من الغلاء، الأمر الذي دفع الحكومة إلى التعهد بإقرار زيادة غير معتادة للحد الأدنى للأجور. إذ قال رئيس مجلس إدارة قمة إسطنبول الاقتصادية ووزير الدولة للشؤون التجارية سابقاً، كورشاد توزمان، على هامش انطلاق أعمال القمة، يوم الجمعة الماضي، إن الحكومة تبحث حالياً زيادة الحد الأدنى للأجور لموظفي الدولة إلى 4 آلاف ليرة شهريا (286 دولاراً).

وأضاف توزمان أن "هذه الخطوة تأتي في إطار خطة الدولة الرامية إلى مساعدة الأسر التركية على مواجهة أعباء التضخم وزيادة الأسعار، ومساعدة الأسر الفقيرة على مكافحة الفقر".

المساهمون