اقتصاد ليبيا المنهار بانتظار آمال الإنعاش بعد الاتفاق السياسي

10 فبراير 2021
تراجع اقتصادي ليبي ينتظر الحلول السياسية ووقف الحرب (فرانس برس)
+ الخط -

حولت عشر سنوات من الحرب ليبيا التي تملك أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا، من بلد ينعم بالوفرة إلى اقتصاد منهار تحول سكانه إلى فقراء ومعدومين.
وأحيت المحادثات السياسية الأخيرة الآمال في إنعاش اقتصاد البلاد الذي كان من أكثر اقتصادات المنطقة ازدهارًا، ولا سيما بفضل انتعاش إنتاج الذهب الأسود.
يلخص مهندس النفط المهدي عمر الوضع، بقوله إن "كل ما يخص ليبيا له علاقة بالنفط دون أدنى شك".
ابتزاز نفطي
في العام الماضي، أغلقت فصائل موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر منشآت إنتاج النفط الرئيسية، للمطالبة بتوزيع أفضل للإيرادات التي تديرها طرابلس. لكن فشل الهجوم للسيطرة على العاصمة دفعها للتخلي عن هذا الابتزاز.

انتعش الإنتاج ليبلغ 1,3 مليون برميل يوميًا في كانون الأول/ديسمبر، أي عشرة أضعاف ما كان عليه في الربع الثالث من عام 2020. لكنه ظل أقل من 1,6 مليون برميل كما كان قبل عشر سنوات.
تهاوٍ في 2020
كان العام الماضي صعبًا إلى حد كبير، فقد تسبب الهجوم على طرابلس والحصار النفطي "بأخطر الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا منذ عام 2011"، وفقًا للبنك الدولي.
قال الباحث في الشؤون الاقتصادية كمال المنصوري إن "ليبيا تمر بتراجع اقتصادي غير مسبوق، خاصة مع الأضرار التي لحقت ولا تزال بقطاع النفط وهو المورد الوحيد للبلاد، جراء الإغلاقات المتكررة التي أثرت سلبا على إيرادات الحكومة من النفط".
تُضاف إلى كل ذلك أزمة نقدية كبيرة بوجود مصرفين مركزيين: مصرف ليبيا المركزي في طرابلس التابع للحكومة المعترف بها دوليا، ومصرف آخر موازٍ له في الشرق، الأمر الذي يعيق السيطرة على سياسة البلد النقدية بينما ينهار الدينار.
في هذا السياق، يعجز الليبيون عن تصريف أمورهم الحياتية اليومية، في ظل نقص حاد في السيولة والبنزين والكهرباء والتضخم المتسارع.
قالت سليمة يونس (57 عامًا) التي عملت "لأكثر من 20 عامًا مع شركات نفط أجنبية" وكانت تحصل على "أجر مجزٍ"، إن هذه الشركات "غادرت جميعها البلاد ولم تعد قط".
وأضافت: "صعب علي أن أبدأ من جديد في مثل عمري. لقد وجدت للتو وظيفة سكرتيرة بدوام جزئي ... لمجرد تغطية احتياجاتي الأساسية".
وتابعت: "الناس غاضبون تمامًا ... كثيرون يعيشون ... في فقر متزايد، في بلد غني. ليس من العدل أن نرى كل هذا الهدر".
أقرت وزارة الاقتصاد في حكومة الوفاق الوطني، أخيرًا، بأن غالبية الضروريات الأساسية ارتفعت أسعارها بأكثر من 50% في عام 2020.
ويُعزى الأمر إلى القيود التي فرضها المصرف المركزي في طرابلس، وكذلك جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى تفاقم الأزمة.

اتفاق سياسي
قال كمال المنصوري إن "الخطة الاقتصادية التي طبقت أولى مراحلها أخيرا بتعديل سعر الصرف، لم تغير الكثير من أحوال المواطنين المعيشية، إذ لا يزال غلاء الأسعار مستمرا والمصارف خالية من السيولة النقدية، إلى جانب استمرار الفجوة في سعر صرف الدولار في السوق السوداء".
من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي نوري الحامي من أنه "في ظل استمرار التراجع الاقتصادي الحاد، ستتجه ليبيا باعتقادي في نهاية المطاف للاقتراض الدولي، وفي حال الوصول إلى هذه المرحلة، ستواجه البلاد أزمات مضاعفة وربما نشهد أرقامًا مفزعة لليبيين الذين يعيشون تحت خط الفقر للمرة الأولى في تاريخ البلاد الحديث".

لمنع حالات الاختلاس، وضعت الأمم المتحدة الأصول والاستثمارات الليبية الأجنبية التي تديرها هيئة الاستثمار الليبية تحت الحراسة القضائية في عام 2011.
بعد سنوات من الجمود، استؤنف الحوار السياسي وتم الاتفاق على تنظيم انتخابات رئاسية في نهاية السنة، وهو استحقاق مهم جدا.
وقال كمال المنصوري: "لا يمكن لأي خطة أن تحقق النجاح دون تحقيق الاستقرار السياسي، عبر توحيد المؤسسات الرسمية وإنهاء انقسامها. ... ولا فرصة أمام المستثمرين الأجانب للعودة حالياً، لأن ذلك يتطلب توفير مناخ أمني يشجع الشركات الأجنبية على العودة".


(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون