استغرق الأمر بضع مراجعات إحصائية، لكن الأمر الآن رسمي: التقدير الثاني الذي صدر مؤخرًا لنمو الناتج المحلي الإجمالي الألماني للربع الأول جاء دون الصفر على أساس ربع سنوي. تقلص الاقتصاد الألماني في الربعين الأخيرين وهو يمر رسميًا بركود تقني.
فقد أظهرت بيانات من مكتب الإحصاء الألماني اليوم الخميس، أن اقتصاد البلاد انكمش بشكل طفيف في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة وبذلك يدخل في حالة ركود.
وأظهرت البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض 0.3 في المئة عند تعديله للأخذ في الاعتبار تأثيرات الأسعار والتقويم. يأتي هذا بعد انخفاض بنسبة 0.5 بالمئة في الربع الرابع من عام 2022.
ويجري تعريف الركود عموما بأنه ربعان متتاليان من الانكماش. ويبدد ركود الشتاء الآمال في أن يتمكن أكبر اقتصاد في أوروبا من الإفلات من هذا المصير وسط الحرب في أوكرانيا.
وراء هذا الانخفاض كان هناك تراجع في الإنفاق الحكومي وانخفاض في إنفاق الأسر حيث أثر التضخم المرتفع على المستهلكين. ومع ذلك، ارتفع الاستثمار بقيادة البناء.
والنتيجة، بحسب وكالة "بلومبيرغ" هي انتكاسة لألمانيا، التي رغم أنها أفلتت من أسوأ السيناريوهات التي كان يخشى منها في أعقاب الغزو الروسي، إلا أنها استسلمت لركود بدا أن المستشار أولاف شولتز قد استبعده في يناير/ كانون الثاني.
المسبب الأول لهذا الركود هو قطاع التصنيع الرئيسي، حيث يلقي التباطؤ المتزايد بظلال من الشك على الانتعاش الذي يتوقعه الكثيرون في الأرباع القادمة.
أظهر تقرير البنك المركزي الألماني هذا الأسبوع بعض التفاؤل مما يشير إلى أن الاقتصاد قد ينمو "بشكل طفيف" هذا الربع مع تراكم الطلبات الكبيرة وتخفيف اختناقات العرض وانخفاض تكاليف الطاقة لدعم الشركات المصنعة.
لكن الطلب على السلع يتأرجح حيث يفضل المستهلكون الذين يواجهون تضخماً مرتفعاً الترفيه والسفر. هذا يجعل النمو الاقتصادي متفاوتاً بشكل متزايد، وهو اتجاه يقول بعض المحللين إنه غير مستدام.
قال الاقتصادي كارستن برزيسكي لوكالة "بلومبيرغ": "شيء ما يجب أن يتزحزح، من المحتمل أن الخدمات ستعاني بشكل متزايد في ظل ضعف نشاط التصنيع وضعف الدخل المتاح".
بالنسبة للاقتصاديين في كوميرتس بنك، يبدو الآن الركود في النصف الثاني أكثر احتمالا من الانتعاش الذي ما زال معظم زملائهم يتوقعونه.
التضخم لا يزال يتجاوز 7 % وليس من المتوقع أن يتراجع بسرعة حيث تغذي الأجور المتزايدة ضغوطاً قوية على نسب التضخم، وفقاً للبنك المركزي الألماني. فيما تزداد كلفة القروض المصرفية بالفعل، ولم تكتمل زيادات أسعار الفائدة بعد، مما يهدد بعرقلة النمو بشكل أقوى.