اغتيال هنية يُدخل الأسواق الإيرانية في اضطراب وترقب

05 اغسطس 2024
سوق طهران للأوراق المالية (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير اغتيال إسماعيل هنية على الاقتصاد الإيراني**: أدى اغتيال هنية إلى اضطراب كبير في الاقتصاد الإيراني المتأزم، مما زاد من المخاوف من هروب رؤوس الأموال وتراجع الاستثمارات.

- **السياسة الخارجية والتوترات الإقليمية**: جاء الاغتيال بعد يوم من أداء الرئيس الجديد بزشكيان اليمين، مما أثر سلباً على استراتيجيته في تحسين الظروف الاقتصادية ورفع العقوبات.

- **ردود الفعل الإيرانية وتداعياتها الاقتصادية**: توعد القادة الإيرانيون بالانتقام، مما زاد التوترات وأدى إلى خسائر في البورصة وارتفاع سعر الدولار، مما يفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور.

أدخل حادث اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في طهران، إسماعيل هنية، فجر الأربعاء الماضي، الاقتصاد الإيراني المتأزم وأسواقه في حالة اضطراب وترقب جديدة، تضاف إلى حالات مماثلة عدة مرات خلال الشهور الأخيرة نتيجة عدة أحداث سياسية وأمنية في البلد، فما إن يخرج الاقتصاد الإيراني من صدمة حتى يقع في أخرى، وهو ما أدى إلى إطالة فترة الاضطراب والترقب، وذلك بدءاً من حادث استهداف السفارة الإيرانية في دمشق من قبل الاحتلال والرد الإيراني عليه يوم 13 أبريل/نيسان الماضي، مرورا بتحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه في 19 مايو/ أيار الماضي، إلى فترة انتقالية، على خلفية وفاة رئيسي وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة واختيار رئيس جديد للبلاد، ووصولا إلى الحادث الأمني الجديد الصعب بعد اغتيال هنية.

وجاء حادث اغتيال هنية بعد يوم من أداء الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان اليمين الدستورية، الذي وعد الشارع بتحسين ظروفه المعيشية وإعطاء الأولوية للاقتصاد، والسعي لرفع العقوبات وتطبيع العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع العالم من خلال استراتيجية "التعامل البناء". عن هذه النقطة، يقول الخبير الإيراني صلاح الدين خديو لـ"العربي الجديد" إن السياسة الخارجية لبزشكيان الرامية إلى رفع العقوبات أيضاً "كانت المستهدفة" في عملية الاغتيال.

ويضيف خديو أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتوتير الأجواء في المنطقة، واستمرار التوتر في العلاقات الإيرانية الغربية، في محاولة لإفشال استراتيجية الرئيس الجديد في تطبيع العلاقات الاقتصادية الإيرانية والتأسيس لظروف يصعب فيها رفع العقوبات. أما عضو غرفة إيران التجارية، مرتضى ميري، فيقول لـ"العربي الجديد" إن "عوامل، كعدم الاستقرار، وهذه الحوادث لا شك في أنها ستؤثر سلباً في الاقتصاد، حيث تخلق وضعاً غامضاً لا يمكن للناشطين الاقتصاديين التخطيط واتخاذ قرار في ظلها"، مضيفاً أنهم في سلوكهم التجاري والاقتصادي سيحتاطون أكثر "وإذا استمرت التوترات فقد يحدث هروب لرؤوس الأموال".

ويضيف ميري أن جميع الأسواق والمجالات الاقتصادية في العالم تتأثر بأحداث كهذه "خصوصاً في إيران بسبب وضعها الاقتصادي وتأثير عامل الدولار فيه"، مشيراً إلى أن الاغتيال نفسه يحدث اضطراباً في الأسواق، ثم الترقب للرد الإيراني أيضاً يدخلها في "حالة معلقة لفترة، لأن الرد ليس واضحاً متى وكيف وكذلك ما إذا كان الطرف الآخر سيرد أو لا"، موضحاً أنه نتيجة لهذه الحالة "بطبيعة الحال فإن الأسواق تدخل في حالة توقف وترقب".

ويضيف الخبير الاقتصادي الإيراني أن هذا الوضع قد يعدو إلى دول أخرى في المنطقة نتيجة إلغاء الرحلات وتوقف رحلات تجارية، متوقعاً دخول اقتصاد الشرق الأوسط في حالة ركود خلال الفترة المقبلة بسبب هذه التوترات، و"ربما يتراجع تدفق رؤوس الأموال إلى الدول الجارة نتيجة ذلك".

طهران تتوعد بالانتقام لاغتيال هنية

ويتوعد كبار القادة الإيرانيين بالانتقام لاغتيال هنية في طهران على يد الاحتلال الإسرائيلي، في مقدمتهم المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أكد أن "من واجبنا الثأر لضيفنا العزيز". كذلك هدد قائد الحرس الإيراني الجنرال حسين سلامي، السبت الماضي، الاحتلال بـ"غضب مقدس" و"انتقام صعب".

كانت البورصة الإيرانية أول سوق إيراني تأثر بشدة بحادث اغتيال هنية، فيوم الأربعاء الماضي فتحت البورصة تعاملاتها بضغط من المضاربين لبيع أسهمهم، حيث خسرت في يوم الاغتيال أكثر من 52 ألف نقطة. كذلك أغلقت السبت الماضي مداولاتها بخسارة أكثر من 61 ألف نقطة. والخسارة الجديدة جاءت على وقع المخاوف من اندلاع حرب، إثر تصاعد التوترات والتهديدات بالرد الإيراني على حادث اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس والتهديدات الإسرائيلية بالرد.

ودفعت خسارة البورصة الإيرانية المستمرة خلال الأيام الأخيرة إلى تقييد سلطاتها عمليات البيع والشراء للحد من الخسائر. كذلك، فتحت سوق العملات الأجنبية في طهران أبوابها الأربعاء الماضي على وقع نبأ اغتيال ضيف طهران الرسمي، إسماعيل هنية، فبدأ سعر الدولار يرتفع من 580 ألف ريال لكل دولار إلى أكثر من 616 ألف ريال في معاملات السبت.

لكن حتى الآن، لم ينسحب بعد هذا الارتفاع في سعر العملة الأميركية على أسعار السلع والخدمات في إيران، وهو عادة يستغرق بعض الوقت عندما ترتفع أسعار العملات الأجنبية في البلد.

يقول الناشط التجاري الإيراني في سوق طهران الكبير، علي مصطفياري لـ"العربي الجديد" إن "السوق يمارس نشاطه كالأيام الماضية، ولم يلاحظ شيء غير عادي في السوق"، مضيفاً في الوقت ذاته أن "الجميع في حالة ترقب وحذر مما سيؤول إليه الوضع في ظل التوترات الحالية"، مبيناً أن التجار والمستثمرين والناشطين ينتظرون الرد الإيراني وطبيعته وما إذا كان الاحتلال الإسرائيلي سيرد أو لا.

ويوضح مصطفياري أن الأسواق الإيرانية مرت بظروف صعبة كهذه أكثر من مرة سابقاً، وهو ما أدى إلى أن تتعود هذه الأسواق تقريباً هذه الحالات، لافتاً إلى أنها شهدت "صدمات متعددة" مثل تعرض الاقتصاد الإيراني للعقوبات الأميركية المشددة من عام 2018 وكذلك نتيجة حوادث مختلفة، "ونستطيع القول إنها باتت تتعود مثل هذه الحالات المضطربة، لكن الحرب إن حدثت، وهو يستبعد حتى الآن، فسيكون الوضع مختلفاً".

وتعبّر المواطنة سارينا من سكان طهران في حديثها مع "العربي الجديد" عن قلقها من اندلاع حرب في المنطقة على خلفية التصعيد الراهن، قائلة إن ذلك سيفاقم الوضع الاقتصادي في البلد ويدخله إلى مرحلة صعبة للغاية، متمنية ألا يتدحرج الوضع إلى هذه النقطة. وإذا ما كانت المخاوف قد دفعتها إلى تخزين سلع أو ما شابه ذلك، تقول سارينا إنّ "الوضع لا يوحي بأننا مقبلون على حرب، لكن الوضع خطير وأتمنى احتواء الموقف".

ويشهد الاقتصاد الإيراني أزمات منذ أكثر من عقد، تزايدت حدتها مع العقوبات الأميركية المشددة منذ عام 2018، التي استهدفت جميع مفاصله، بما فيها الاستثمارات الأجنبية وموارد النقد الأجنبي. وفي ظل هذه العقوبات التي تحرم إيران عوائد صادراتها النفطية المحظورة وتحصل بطرق التفافية، يبقى من الصعب تحويل الأموال إلى داخل البلاد للاستثمار.

وطاولت العقوبات قطاع النفط والغاز الذي يستحوذ على نسبة كبيرة من إيرادات الاقتصاد الإيراني، بحيث تراجعت الصادرات إلى 300 ألف برميل يومياً من نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ليرتفع الحجم تدريجياً بعد ذلك بفعل الالتفاف على العقوبات إلى أكثر من مليون و500 ألف برميل يومياً في الوقت الراهن.

المساهمون