اضطرابات لبنان تفاقم أزمة ديونه وتهدّد مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي وبقية الدائنين

21 أكتوبر 2021
يعاني اللبنانيون سلسلة أزمات معيشية أبرزها انقطاع الكهرباء وشح الوقود والنقد (Getty)
+ الخط -

ينتظر لبنان بفارغ الصبر نتيجة إيجابية من مفاوضات لم تبدأ رسميا بعد مع "صندوق النقد الدولي" وبقية الدائنين الدوليين، في وقت تعمّقت فيه الأزمة الاقتصادية والنقدية والمعيشية، لكن مسار التفاوض أصبح مهدّدا إثر الأحداث الطائفية العنيفة والأكثر دموية منذ سنوات، التي اندلعت الأسبوع الماضي. 

فبعد تشكيلها منذ 5 أشهر، إثر 18 شهراً من الشلل السياسي، كانت أولوية هذه الحكومة الجديدة إنهاء الأزمة المالية الأكثر حدة منذ عقود، لكن الاشتباك المسلح الأسبوع الماضي في بيروت، الذي أودى بـ7 مواطنين، عزز المخاوف من حرب أهلية جديدة، حارفا الأنظار عن أولوية الإصلاح الاقتصادي.

ومن يدفع الثمن الأكبر هو المواطن الذي أصبح مستقبله على حافة الخطر، علما أنه يعاني أصلا من جموح التضخم ونقص الأدوية وانقطاع الكهرباء، ويدفع ثمن تداعيات تخلف الحكومة عن سداد سندات يوروبوندز قيمتها 32 مليار دولار منذ مارس/ آذار 2020، حسب ما أورد تقرير لشبكة "بلومبيرغ" اليوم الخميس.

وفي حين أن الدين العام الإجمالي أقل منه في بلدان أُخرى تواجه أزمة التخلف عن السداد، مثل الأرجنتين وفنزويلا، إلا أن سرعة الانهيار وغياب الجهود الرسمية لكبحه يجعلان الوضع استثنائياً.

وقد اتكل لبنان سابقا على مليارات المغتربين لتحويل العملات الصعبة عبر المصارف المحلية.

وخلال أكثر من 20 عاما اعتُمدت هذه الآلية، لكن الحكومات أبقت على الإنفاق العام المرتفع واستمرت في تكبير حجم الدين العام، في الوقت الذي كان يعاني من أوضاع مالية استثنائية أيضا المانحون الدوليون الذين دعموا لبنان خلال الصعوبات السابقة.

ثم، اعتبارا من عام 2016، قاد "مصرف لبنان" المركزي سلسلة "هندسات مالية" لإبقاء تدفق الأموال وزيادة الودائع. وفي مبادلات معقدة وتصاعدية، تم تقديم عائدات عالية للودائع الدولارية للمصارف المحلية.

عن هذه النقطة، قال صندوق النقد الدولي إن هذه العمليات جذبت 24 مليار دولار من المقرضين منذ فبراير/ شباط 2019، فيما رفعت المصارف التجارية الفوائد للمودعين، ووضعت معاشات التقاعد وأصحاب الرواتب في سلسلة خطيرة وعالية المخاطر شبهها المنتقدون بسلسلة "بونزي". 

ونبّه المصرف المركزي إلى أن الإجراءات هدفها أن تكون مؤقتة ريثما يخرج البلد من سلسلة أزماته السياسية، علما أن المجتمع الدولي حضّ لبنان على لجم الفساد وتحقيق التوازن في الموازنة، وإعادة هيكلة القطاع العام المتضخم شرطاً لتحرير مساعدات بمليارات الدولارات.

وحتى عندما بدأت التدفقات النقدية في الانحسار سنة 2019، فشلت الحكومة في التحرك، واندلعت احتجاجات في 17 أكتوبر/ تشرين الأول مطالبة بإزالة الطبقة السياسية التي أفلست خزينة الدولة.

كما أغلقت المصارف أبوابها في ذلك الوقت، وعندما أعيد فتحها بعد 10 أيام، لم يعد بإمكان المودعين تحويل أموالهم إلى الخارج، بل كانوا قادرين فقط على سحب مبالغ دولارية ضئيلة، بعدما أصبح النظام المصرفي يعاني من أزمة عميقة.

المساهمون