استمرار ارتفاع أسعار المنازل حول العالم.. انفجار الفقاعة العقارية يقترب

25 نوفمبر 2024
أسعار العقارات في ولاية فلوريدا الأميركية مستمرة في الارتفاع/ 25 فبراير 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت أسعار المنازل ارتفاعاً ملحوظاً في مدن عالمية مثل بريطانيا والولايات المتحدة، مما زاد من صعوبة تملك المنازل ورفع مخاطر الفقاعة العقارية، بينما ساهمت التصحيحات السعرية وارتفاع أسعار الفائدة في تقليل المخاطر في بعض الأسواق.

- أظهر تقرير بنك "يو بي أس" أن مخاطر الفقاعة العقارية لا تزال قائمة في مدن مثل ميامي وطوكيو وزيورخ، بينما شهدت دبي زيادة في مؤشر المخاطر بسبب ارتفاع أسعار العقارات وزيادة السكان.

- أصبحت تكاليف السكن قضية اقتصادية واجتماعية محورية، حيث تدفع الزيادات المستمرة في الأسعار الأسر للبحث عن بدائل سكنية أقل تكلفة، مما يتطلب سياسات فعالة لضمان استدامة اقتصادية واجتماعية.

واصلت أسعار المنازل في العديد من المدن الرئيسية حول العالم ارتفاعها، الأمر الذي صعب على الكثيرين تحقيق حلم تملك مسكن، وهدد بالاقتراب من لحظة انفجار الفقاعة العقارية العالمية، على نحو قد يقترب مما شهده العالم خلال أزمة الرهون العقارية في 2008.

وووفق أحدث الأرقام، ارتفع متوسط أسعار المنازل في بريطانيا لمستوى قياسي جديد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليبلغ نحو 294 ألف جنيه إسترليني، ليتجاوز أعلى مستوى سابق تم تسجيله في يونيو/حزيران 2022، حسب بيانات هيئة هاليفاكس، التابعة لبنك لويدز البريطاني. وخلال سبتمبر ارتفعت أسعار المنازل في المملكة المتحدة بأسرع وتيرة منذ فبراير 2023، لكنها تراجعت في لندن.

وفي الولايات المتحدة، ارتفعت أسعار المنازل في يونيو الماضي إلى مستوى قياسي جديد، وهو الارتفاع الشهري السابع عشر على التوالي، في ظل انخفاض الوحدات المتاحة للبيع، ومع تراجع فائدة الرهن العقاري. وسجلت مدن نيويورك وسان دييغو ولاس فيغاس أكبر زيادة في أسعار المنازل على أساس سنوي، حيث ارتفعت الأسعار بها بنسب تتراوح بين 9% و8.5%.

وقبل شهرين، أظهر تقرير سنوي لبنك "يو بي أس" السويسري أن مخاطر الفقاعة العقارية لا تزال قائمة في بعض المدن، خاصة تلك التي شهدت زيادات كبيرة في أسعار العقارات خلال السنوات الأخيرة، رغم إشارته إلى أن التصحيحات الأخيرة في الأسعار وارتفاع أسعار الفائدة ساهمت في تقليل هذه المخاطر في العديد من الأسواق العالمية. ويقيم تقرير البنك مخاطر الفقاعة العقارية في 25 مدينة رئيسية حول العالم. ويُعرّف التقرير الفقاعة العقارية بأنها تسعير مفرط ومستدام للأصول العقارية وتكاليف السكن، مما لا يمكن التأكد من وجوده إلا بعد انفجار الفقاعة.

وتشكل تكاليف السكن واحدة من أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه الأفراد والمجتمعات على مستوى العالم، حيث تلعب دوراً محورياً في تحديد جودة الحياة والاستقرار المالي للأسر. ووفقاً لتقرير مؤشر الفقاعة العقارية العالمية لعام 2024 الصادر عن البنك، فإن التفاوت في أسعار السكن خلال العام الأخير عكس الفروقات الاقتصادية والاجتماعية بين المدن الكبرى، وأبرز الأثر العميق للسياسات الاقتصادية وأسواق العقارات على السكان.

الفقاعة العقارية حول العالم

وبشكل عام، انخفض خطر انفجار الفقاعة العقارية العالمية هذا العام للعام الثاني على التوالي، حيث أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى تصحيحات في العديد من الأسواق، بما في ذلك باريس وهونغ كونغ. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن أسواق المساكن قد تشهد زخماً مرة أخرى، مع ارتفاع الأسعار خلال الأرباع القادمة، مدعومة بزيادة الإيجارات في المدن.

وخلال العام الأخير، شهدت دبي أكبر زيادة في مؤشر المخاطر بين جميع المدن التي جرى تحليلها، حيث ارتفعت من 0.14 في عام 2023 إلى 0.64 في عام 2024، مما يضعها في فئة الخطر المتوسط. وارتفعت أسعار العقارات في دبي بنسبة 17% خلال الأرباع الأربعة الأخيرة، مدفوعة بزيادة سكانية كبيرة بلغت نحو 230 ألف نسمة منذ بداية العام الماضي. وأدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض أسعار المساكن في العديد من المدن الأوروبية، حيث شهدت فرانكفورت وميونيخ وستوكهولم وباريس تصحيحات في الأسعار بنسبة 20% أو أكثر مقارنة بمستويات ما بعد الوباء. 

ووفقاً للتقرير، تصدرت مدينة ميامي، في ولاية فلوريدا الأميركية، القائمة بأعلى درجة خطر بلغت 1.79، حيث ارتفعت أسعار العقارات فيها بنحو 50% منذ نهاية عام 2019، مدفوعة بازدهار المبيعات في سوق العقارات الفاخرة، مما دفع الأسر إلى مواجهة ضغوط مالية متزايدة. وخلف ميامي، جاءت طوكيو بدرجة 1.67، ثم زيورخ بدرجة 1.51. وتشير هذه الدرجات إلى خطر متزايد لحدوث فقاعة عقارية في هذه المدن، حيث أصبح امتلاك منزل أو حتى استئجاره تحدياً كبيراً للعديد من الأسر. وتعاني طوكيو حالياً من ارتفاعات حادة في أسعار العقارات نتيجة للطلب المرتفع والتوسع الحضري السريع.

أما المدن ذات المخاطر الأقل، مثل نيويورك وسان فرانسيسكو ولندن، فقد شهدت استقراراً نسبياً في الأسعار، على الرغم من ارتفاع الإيجارات بسبب نقص العرض. وفي الولايات المتحدة بصفة عامة، أدت سياسات رفع أسعار الفائدة إلى انخفاض النشاط العقاري، حيث أصبح العديد من المشترين والبائعين مترددين في إجراء صفقات جديدة، مما ساهم في استقرار الأسعار، ولكنه زاد من صعوبة الحصول على مسكن مناسب. وفي المقابل، أظهرت التصحيحات الكبيرة في الأسعار، التي شهدتها الأسواق الأوروبية، تأثير السياسات الاقتصادية على تخفيف الضغوط التضخمية في سوق العقارات.

ولا يعتبر ارتفاع أسعار السكن مشكلة اقتصادية فحسب، حيث تحول في الآونة الأخيرة إلى ظاهرة اجتماعية تؤثر بأنماط العيش والخيارات المتاحة للأفراد. فالزيادة المستمرة في تكاليف السكن تدفع العديد من الأسر إلى البحث عن بدائل سكنية أقل تكلفة في مناطق بعيدة عن مراكز المدن، مما يؤثر بجودة الحياة ويزيد من أوقات التنقل. وتُعمّق هذه الظاهرة من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، حيث تصبح فرص التملك العقاري حكراً على الطبقات ذات الدخل المرتفع.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

من جهة أخرى، كانت هناك مؤشرات على أن مستقبل سوق السكن يعتمد بشكل كبير على التوقعات الاقتصادية والسياسات الحكومية. وفي ظل ارتفاع الإيجارات الحقيقية بأكثر من 5% على مدى العامين الماضيين، تشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع تكاليف السكن خلال الأرباع القادمة، خاصة في المدن التي تشهد نمواً اقتصادياً مستداماً وزيادة في الطلب على العقارات. ويضع هذا التطور الحكومات أمام تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار العقاري وتوفير سكن ميسور التكلفة للأسر.

وتُظهر البيانات أن تكاليف السكن أصبحت قضية اقتصادية محورية تمس الأفراد والمجتمعات بطرق متعددة. ومع استمرار الضغط على أسواق العقارات في العديد من المدن العالمية، يبقى التحدي الأساسي هو تحقيق استدامة اقتصادية واجتماعية تضمن توفير سكن ملائم للجميع دون التأثير سلباً في استقرار الأسواق العقارية.

المساهمون