بعد أن شهدت أسعار الإيجارات السكنية في قطر، خلال الأشهر التسعة الماضية، انخفاضاً وصل إلى نسبة 35%، أكد سماسرة وخبراء عقارات، لـ"العربي الجديد"، أن الأسعار ستمر بمرحلة استقرار الفترة المقبلة، وستستمر حتى استضافة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم نهاية 2022.
ولفتوا إلى أن تطبيق قانون تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، في 9 مناطق للتملك الحر و16 منطقة للانتفاع بالعقارات لمدة 99 عاماً، ساهم في استقرار السوق العقاري بيعاً وشراء وتأجيراً، إذ أقر حزمة من المزايا المغرية التي يتمتع بها مستثمرو العقارات، على غرار برنامج إقامة على مستويين، والتمتع بفرص الرعاية الصحية والتعليم، وإمكانية ممارسة الأنشطة التجارية.
وتشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع المعاملات العقارية خلال عام 2020، فضلاً عن التعافي السريع للسوق من آثار جائحة كورونا، وإدراج مشروعات تنموية مهمة ضمن موازنة الدولة لعام 2021.
ويقول الخبير والمثمن العقاري، خليفة المسلماني، لـ"العربي الجديد"، إن "السوق العقاري يُحكم بمبدأ العرض والطلب، وحالياً العرض كبير والطلب قليل، لا يعني ذلك الكساد، فثمة حركة شراء وبيع وتطوير، وحركة البناء متواصلة شاملة على مستوى جميع المناطق، لكن حصل انخفاض في أسعار الإيجارات بشكل عام".
وأضاف أن "الشقة التي تتكون من ثلاث غرف انخفضت قيمة إيجارها من 7500 ريال و8 آلاف ريال، إلى ما بين 5 آلاف و5500 ريال (الدولار = 3.65 ريالات)، والشقة المكونة من غرفتين انخفضت من 5 آلاف إلى 3500 ريال، والشقة من غرفة وصالة انخفضت إلى 2500 ريال من 4 آلاف ريال سابقاً".
وحول تأثير تطبيق قانون تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، يرى المسلماني أنه شجع المقيمين، ما زاد من الإقبال على شراء العقارات في المناطق المحددة، إذ يوفر أي استثمار عقاري بقيمة 3.65 ملايين ريال (مليون دولار) أو أكثر لصاحبه إقامة دائمة، بالإضافة إلى مزايا الرعاية الصحية والتعليم المجاني، فيما سيحصل المستثمرون الذين يشترون عقاراً بقيمة 730 ألف ريال (200 ألف دولار) وما فوق على إقامة لأنفسهم وعائلاتهم.
من جانبه، يرى الخبير العقاري والمدير العام لشركة روتس للعقارات، أحمد العروقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أسعار الإيجارات السكنية وصلت إلى مرحلة الاستقرار ولن تشهد ارتفاعات خلال العامين المقبلين حسب توقعاته، نظراً إلى أن العرض لا يزال يفوق الطلب.
وضرب العروقي مثالاً على استقرار الإيجارات في منطقة اللؤلؤة منذ دخول المدينة إلى الخدمة قبل نحو 10 سنوات، مع وجود استثناءات لا تذكر في أوقات الأزمات، ورأى أن مدينة لوسيل الجديدة ستحذو حذو اللؤلؤة عندما تستكمل الخدمات من حدائق وشوارع ومراكز تجارية وغير ذلك، لافتاً إلى أن الأسعار غير مبالغ فيها في هاتين المدينتين لما تقدمانه من مستوى رفاهية وخدمات عالية.
وتدل مؤشرات حركة السوق العقارية منذ سنة إلى الآن، إلى عرض أكثر من الطلب في سوق العقارات، وتساوي الطلب على نوع العقار (الإداري - المنزلي) لتساوي القيمة الإيجارية للنوعين، علماً أنه سابقاً كانت هناك زيادة في القيمة لنوع العقار الإداري على السكني، وفقاً لمدير شركة لافينير للاستشارات الهندسية، أحمد هنداوي.
وأوضح هنداوي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، ظهور مؤشرات مهمة من خلال قيام بعض الشركات الاستثمارية العقارية بتخفيض قيمة الإيجار الشهري لعملائها مثل ما أعلنته شركة بروة في مساكن مسيمير والسيلية.
وتعزّز الموازنة العامة للدولة لسنة 2021 القطاع العقاري، إذ يبلغ إجمالي المصروفات المخطط لها 194.7 مليار ريال (53.4 مليار دولار)، منها 72.1 مليار ريال للمشروعات الرئيسية، ما يؤكد استمرار العمل على إتمام المشاريع التنموية في مختلف القطاعات، ومنها المتعلقة باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، بالإضافة إلى مخصصات تطوير أراضي المواطنين، وتنفيذ مشروعات البنية التحتية والمشروعات الجديدة.
وتستمر العقارات بتصدر المركز الأول بين القطاعات الاقتصادية كافة، من حيث معدلات الإنفاق خلال العام الحالي، كما يتوقع أن يواصل تحقيق قفزات نوعية مصحوبة بنمو متزايد في عمليات الإنشاء، وفقاً لتقرير شركة الأصمخ للمشاريع العقارية.
تعزّز الموازنة العامة للدولة لسنة 2021 القطاع العقاري، إذ يبلغ إجمالي المصروفات المخطط لها 194.7 مليار ريال (53.4 مليار دولار)، منها 72.1 مليار ريال للمشروعات الرئيسية
أما في ما يخص اقتراب موعد استضافة كأس العالم ومدى تأثر الإيجارات بذلك، يرى هنداوي أنه جرى الترتيب لهذا الحدث المهم بشكل جيد من قبل القائمين عليه من تهيئة الفنادق والمرافق العامة وبالتالي سيكون تأثيره على سوق العقاري والسكن تحديداً قليلاً، متوقعاً أن يؤثر سلباً على سوق العقار في بداية 2023.
ومن المرتقب أن تقوم اللجنة العليا للمشاريع والإرث بتأجير آلاف الشقق على عقود إيجار إسكان تتراوح ما بين سنة وخمس سنوات اعتباراً من أواخر عام 2021. ومن المرجح أن تعوض عن زيادة العرض ودعم مستويات الإيجار على المدى القصير إلى المتوسط.
ووفق بيانات رسمية، تجاوزت قيمة التعاملات العقارية في قطر، خلال العام الماضي، 31 مليار ريال (8.5 مليارات دولار)، مسجلة نمواً بنسبة 36.2% على أساس سنوي، ليعكس نمو قيم التعاملات العقارية، وإقبال المستثمرين على القطاع العقاري كاستثمار آمن، رغم الظروف الاقتصادية المتأثرة بتداعيات جائحة فيروس كورونا.