يعوّل تاجر المواشي عبد الله حمدان، من إحدى البلدات الشرقية لمحافظة نابلس، شمالي الضفة الغربية، على عيد الأضحى، خصوصاً في يومه الأول ليعوض التراجع الكبير في شراء الأضاحي منه، إذ لم يبع حتى اليوم ربع الكمية التي كان يبيعها في الأعوام الماضية، بسبب ارتفاع الأسعار من جهة، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى.
ويأتي ذلك في وقت لجأ فيه كثيرون إلى الاشتراك بنظام الحصص "سُبع العجل" أو بحملات الأضاحي العالمية، إذ يكون سعر الأضحية مقبولاً مقارنة بسعرها داخل فلسطين.
ويعزو حمدان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تراجع الإقبال إلى ارتفاع سعر الأضحية هذا العام مقارنة بالعام الماضي، بنحو دولارين للكيلوغرام الواحد، إذ يراوح سعر كيلوغرام الخروف الحيّ بين 36 شيكلاً و40، أي ما يعادل 8 دنانير أردنية أو 11.7 دولاراً، إذ إنّ سعر الخروف بوزن 65 كيلوغراماً، يصل بالمتوسط إلى 2500 شيكل (بحدود 760 دولاراً)، بعد انخفاض سعر صرف الدولار إلى 3.25 شيكلات.
لكن درجت العادة منذ عقود طويلة أن تباع الأضحية بالدينار الأردني، ونظراً لانخفاضه أيضاً، اضطر مربو الثروة الحيوانية إلى الانتقال للشيكل (الدينار = 4.8 شيكلات).
هذه الأسباب ليست وحدها العائق أمام الإقبال على الأضاحي، فالمزارعون يواجهون تحديات تتمثل بارتفاع أسعار الأعلاف، فقد ارتفع سعر الكيس الواحد من العلف من 75 شيكلاً إلى 100، بالإضافة لعدم دفع وزارة المالية ما يعرف بـ"الاسترداد الضريبي" للمزارعين، من قيمة الضريبة التي تجبيها السلطة الفلسطينية منهم. يقول حمدان: "هذه المهنة أضحت تشكل عبئاً اقتصادياً على مربّي الثروة الحيوانية. إذا لم نبع في موسم العيد فستشهد الأسعار بعده انتكاسة كبيرة، ما يعني إلحاق خسائر فادحة بنا، ولا أحد من المسؤولين يهتم بنا". الحكومة الفلسطينية فرضت ضرائب على الأعلاف بقيمة 380 شيكلاً (نحو 116 دولاراً) للطنّ الواحد، كما حرمت التجار من أيّ تسهيلات مادية لتحفيز تجارة المواشي، ما يؤدي إلى عجز كبير في الربح"، على حدّ قول حمدان.
أما عازم الشامي، الذي يعمل في تجارة المواشي منذ نحو ثلاثين عاماً، ويملك مزرعتي أغنام وعجول، فيؤكد أنّ ارتفاع أسعار المواشي كان بشكل عام على مستوى العالم، ولا يقتصر على فلسطين، أسوة بكثير من القطاعات التي تضررت جراء الإغلاقات وتقليص حركة التجارة البحرية بسبب كورونا والشروط المشددة التي فرضتها حكومة الاحتلال على عمليات الاستيراد والتصدير، خصوصاً للمواد الغذائية والحيوانات اللاحمة مثل الأغنام والعجول بأنواعها.
ويشير الشامي إلى أنّ هناك إقبالاً ملحوظاً على شراء حصص الأضاحي من العجول، بسبب الارتفاع الباهظ في أسعار الأغنام.
ويقول الشامي: "يشترك 7 أشخاص في شراء عجل يصل وزنه إلى ما بين 400 كيلوغرام و450، إذ يتكلف الشخص الواحد مبلغاً لا يزيد عن 1200 شيكل، أي نصف المبلغ اللازم لشراء خروف" .
هذا ما دفع بالأشقاء والشقيقات من عائلة أبو عيسى بطولكرم، شمال الضفة الغربية، إلى الاشتراك بعجل كأضحية، إذ يقول محمود أبو عيسى لـ"العربي الجديد": "نحن سبعة أشقاء؛ 4 بنات متزوجات وثلاثة ذكور، والحمد لله كلّنا نعمل، لكنّنا من متوسطي الدخل، لذلك اقترحت عليهم الاشتراك بعجل، وقد اشتريناه من مزرعة قريبة، وسيتكفل صاحبها بذبحه وتقسيمه وفق الشرع والحصص المتفق عليها، لنقوم بتوزيعها على مستحقيها".
أما شاهر سيف الدين، وهو تاجر عقارات، فيقول لـ"العربي الجديد": "هذا العيد سأضحي بمشيئة الله بعجلين. هذا مال الله، وحق الفقير علينا. صحيح هناك فرق بالسعر عن العام الماضي، بنحو كبير، لكن - الحمد لله - الوضع المادي ممتاز".