احتجاجات إسرائيل والرسائل الاقتصادية

03 سبتمبر 2024
متظاهرون يشعلون النيران خلال تظاهرة في تل أبيب، 2 سبتمبر 2024 (أمير ليفي/ Gety)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تفاقم الأزمات الاقتصادية في إسرائيل:** تواجه حكومة نتنياهو ضغوطاً متزايدة بسبب شلل الأنشطة الاقتصادية، وتفاقم العجز في الموازنة، وخفض التصنيف الائتماني، وارتفاع تكاليف المعيشة، وهروب الاستثمارات.

- **احتجاجات وإضرابات عمالية واسعة:** شهدت إسرائيل احتجاجات حاشدة وإضراباً عمالياً واسعاً بقيادة الهستدروت، شل معظم الأنشطة الاقتصادية والجامعات والمدارس، للضغط على نتنياهو لإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة.

- **تداعيات خطيرة على الاقتصاد والاستقرار:** الإضراب زاد من تعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي، وبلغت خسائره التقديرية 5.8 مليارات شيكل يومياً، مما يهدد مستقبل نتنياهو السياسي ويزيد الأعباء على المواطنين.

يزيد الخناق على حكومة نتنياهو العنصرية في إسرائيل هذه الأيام ليس من باب إخفاقات حرب غزة وتحول حلم بنيامين بالقضاء على المقاومة الفلسطينية إلى سراب، أو ضغوط أهالي الأسرى والإدارة الأميركية لإبرام صفقة، بل من باب تعمق أزمات الاقتصاد، وزيادة حالة الشلل في معظم الأنشطة، وتضرر موارد الدولة، وتفاقم العجز في الموازنة العامة، وخفض التصنيف الائتماني، والخسائر الناتجة عن زيادة الديون ونسب الفائدة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وهروب الأموال والاستثمارات إلى الخارج.

فأمس شهدت إسرائيل احتجاجات حاشدة وإضراباً عمالياً واسعاً بدعوة من رئيس اتحاد نقابات العمال (الهستدروت)، وشارك فيه آلاف العمال من قطاعات وأنشطة شتى، والهدف هو الضغط على نتنياهو للموافقة على اتفاق لإعادة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة إلى أهاليهم. الحدث ينبئ بأن الشارع ضاق ذرعاً بالحرب المفتوحة التي تخوضها دولة الاحتلال وتعمد نتنياهو إطالة أمدها.

الإضراب العمالي سياسي بامتياز، فهدفه المعلن هو تحرير الأسرى وإبرام اتفاق مع حماس، لكن في المقابل له أبعاد خطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، فعلى الرغم من محاولة نتنياهو ووزير ماليته، بتسلئيل سموتريتش، إجهاض الإضراب عبر المحاكم، وهو ما جرى بالفعل بعد ظهر أمس، فقد نجح الإضراب في حشد قطاعات كثيرة وحيوية، وأسفر عن توقف معظم الأنشطة الاقتصادية والجامعات والمدارس في إسرائيل، حيث شارك فيه عشرات الآلاف من موظفي الدولة والعاملين في ميناء حيفا، والعاملين في معظم الوزارات والهيئات ومنها وزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي والبورصة وهيئة الأوراق المالية وهيئة سوق رأس المال ومطار بن غوريون، والعاملون في البنوك وشركات التكنولوجيا الفائقة والمزارع والمدارس والمؤسسات الحكومية والنقابات العمالية.

أخطر رسالة هي تعمّق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي وزيادة خسائره، وارتفاع كلفة عدم الاستقرار وتدهور الوضع الأمني، ومن ثم زيادة الأعباء على موازنة دولة الاحتلال

وأيد الإضراب أيضاً العديد من مجموعات أصحاب العمل والقطاع الخاص ورجال الأعمال منها رابطة المصنعين الإسرائيليين وقطاع التكنولوجيا المتقدمة. وتعرض قطاع النقل للشلل، حيث توقفت خدمات الحافلات والقطار الخفيف في العديد من المناطق أو عملت جزئياً. كما توقفت البنوك عن تقديم خدماتها المصرفية. وأُغلقت جميع المستشفيات، باستثناء تلك الموجودة في منطقة الحرب وعلى خط النزاع.

إضراب أمس بعث بعدة رسائل إلى الحكومة المتطرفة في إسرائيل والخارج معاً، وأول رسالة هي تنامي حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والمخاطر الجيوسياسية داخل دولة الاحتلال، وزيادة حدة الغموض والغبن الاجتماعي، وأن رجل الشارع بدأ ينفر من الحرب المفتوحة التي يخوضها نتنياهو وتجاوزت تكلفتها نحو 100 مليار دولار، ووقفها يعني انتهاء مستقبل نتنياهو السياسي، بل محاكمته على جرائم الفساد المالي.

أما أخطر رسالة فهي تعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي وزيادة خسائره، وارتفاع كلفة عدم الاستقرار وتدهور الوضع الأمني، ومن ثم زيادة الأعباء على موازنة دولة الاحتلال التي باتت تعاني عجزاً حادّاً بسبب ضخامة كلفة الحرب على غزة، فوفق تقديرات موقع "يديعوت أحرونوت" تبلغ الخسارة التقديرية للناتج المحلي الإجمالي بسبب إضراب أمس 5.8 مليارات شيكل (1.6 مليار دولار) يومياً.

وهذا الرقم يضاف إلى الخسائر المتلاحقة التي تعرضت لها إسرائيل جراء الحرب على غزة والتي سيتحملها المواطن في صورة ضرائب ورسوم وزيادة الأسعار، وخفض أرقام الدعم، وتقليص الانفاق الحكومي على الخدمات والبنية التحتية.

المساهمون