أرسلت الدول العربية التي ترتبط بإسرائيل باتفاقات تطبيع رسالة مفادها أن تولي الحكومة، التي توصف بأنها الأكثر تطرفاً وإرهاباً في تاريخ إسرائيل، مقاليد الأمور لن يؤثر، على الأقل في الوقت الراهن، على مجالات التعاون الاقتصادي معها.
فبعد أسبوعين على تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو، التي تشارك فيها حركات تمثل اليمين الديني اليهودي المتطرف، يتوجه اليوم الأحد العشرات من المسؤولين الإسرائيليين إلى العاصمة الغماراتية أبوظبي للمشاركة في اجتماعات مجموعات العمل المنبثقة عن "منتدى النقب"، الذي عُقد قبل أكثر من عام في النقب الفلسطيني المحتل، وتشارك فيه كل من مصر، المغرب، الإمارات، البحرين، إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة.
وحسب ما ذكرته قناة التلفزة الرسمية الإسرائيلية فإن اجتماعات مجموعات العمل المنبثقة عن "منتدى النقب"، ستبحث ضمن أمور أخرى أوجه التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والدول العربية الأعضاء في المنتدى، لا سيما مجالات الطاقة، والزراعة والمياه وغيرها من مجالات.
اجتماعات مجموعات العمل المنبثقة عن "منتدى النقب"، ستبحث أوجه التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والدول العربية الأعضاء، لا سيما مجالات الطاقة، والزراعة والمياه
وأشارت القناة إلى أن الاجتماعات التي ستشرع أبوظبي في احتضانها اليوم الأحد ستكون مقدمة لالتئام اجتماع "منتدى النقب" على مستوى وزراء الخارجية في العاصمة المغربية الرباط بعد شهرين، حيث يرجح أن يعلن في هذا الاجتماع عن التوصل إلى سلسلة من الاتفاقات في العديد من المجالات وضمنها مجالات اقتصادية.
أبرز المشاركين في منتدى النقب
ويدلّ التئام اجتماعات "منتدى النقب"، تحديداً بعد أقل من أسبوع من الضجة التي أثارها اقتحام وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، وما أعقبه من حملة تنديدات واسعة، صدرت أيضاً عن حكومات عربية، على أن الدول العربية المشاركة في هذا المنتدى لا تنوي الربط بين تطوير مجالات التعاون الاقتصادي مع إسرائيل والتوجهات السياسية المتطرفة لحكومتها الجديدة.
وتكتسب مشاركة مصر في اجتماعات اليوم في أبوظبي أهمية خاصة بالنسبة للحكومة الجديدة في تل أبيب، وتحديداً لوزير الطاقة الجديد الليكودي يسرائيل كاتس؛ إذ إنه يمثل مؤشراً على أنه لا توجد لدى القاهرة نية للتراجع عن الاتفاق الاستراتيجي الذي توصلت إليه كل من إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي قبل خمسة أشهر والذي ستسمح مصر بموجبه بتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
وحسب الاتفاق فإنه سيتم نقل الغاز الإسرائيلي إلى مصر أنابيب، بحيث تتم إسالته في مرافق إسالة مصرية، ومن ثم يتم نقله في حاويات إلى أوروبا من موانئ مصرية.
ويشار إلى أن كلاً من تل أبيب والقاهرة قد وقعتا في 2018 على اتفاق لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بقيمة 15 مليار دولار.
وتؤشر مشاركة المغرب في اجتماعات المنتدى على أنها بصدد مواصلة التعاون الاقتصادي مع إسرائيل الذي توسع في أعقاب التوقيع على اتفاق التطبيع، حيث وقع الطرفان العام الماضي على مجموعة من الاتفاق التي تنظم التعاون الاقتصادي بينهما، وشملت التعاون في المجال التقني والسيبراني.
ومنح المغرب فرصاً إضافية للصناعات العسكرية الإسرائيلية حيث وقعت على صفقة بقيمة نصف مليار دولار مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية يتم بموجبها تزويد الجيش المغربي بمنظومة الدفاع الجوي "براك".
لا توجد لدى القاهرة نية للتراجع عن الاتفاق الاستراتيجي الذي توصلت إليه إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي قبل أشهر وتصدر مصر بموجبه الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا
وتعدّ الإمارات أكثر الدول العربية حماساً لمواصلة تطوير التعاون الاقتصادي مع إسرائيل. فحتى قبل الإعلان رسمياً عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، سارع السفير الإماراتي في تل أبيب محمد آل خاجة لزيارة وزير المالية الإسرائيلي الجديد بتسلال سموتريتش في مكتبه في الكنيست لمناقشة آفاق التعاون الاقتصادي مستقبلاً.
وخلال عامي 2021 و2022 وسعت الإمارات من استثماراتها في إسرائيل، إذ اشترت شركة "مبادلة" الإماراتية حصة بقيمة 1.1 مليار دولار من قيمة أسهم حقل "تمار". وخلال 2023 توصلت نفس الشركة إلى اتفاق مبدئي لشراء جزء من أسهم شركة "بنكاس" الإسرائيلية للتأمين.
وحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" فقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل حتى آب 2022 حوالي 1.4 مليار دولار.
وعلى الرغم من أن الأردن ليس عضواً في "منتدى النقب" إلا أنه قدم مؤشرات تدل على أن تشكيل الحكومة الجديدة في تل أبيب لن يؤثر على مستقبل التعاون الاقتصادي مع إسرائيل.
وبعد الكشف عن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وعندما تبين أن قوى اليمين واليمين الديني المتطرف ستشكل الحكومة الجديدة وقع الأردن وإسرائيل على اتفاقية "الكهرباء مقابل الماء"، والتي شاركت فيها الإمارات.
"يسرائيل هيوم": بلغت قيمة التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل حتى آب 2022 حوالي 1.4 مليار دولار
وحسب الاتفاقية سيزود الأردن إسرائيل بالكهرباء يتم توليدها من الطاقة الشمسية عبر تدشين حقول من الخلايا الشمسية في صحراء جنوب الأردن مقابل تزويد إسرائيل له بمياه يتم الحصول عليها من محطات تحلية تدشن على شاطئ المتوسط.
ويشار إلى أن الأردن وإسرائيل وقعا في 2019 على صفقة بقيمة 10 مليارات دولار تلزم تل أبيب بموجبها بتزويد عمان بالغاز لمدة 15 عاماً.