إيلون ماسك والعرب

22 نوفمبر 2023
ماسك تعرض لهجوم كبير من وسائل الإعلام الأميركية (فرانس برس)
+ الخط -

علّق الملياردير الأميركي، وأغنى أغنياء العالم في أغلب الأوقات، إيلون ماسك، بالموافقة على منشور على موقع X (تويتر سابقاً) يحمّل اليهود مسؤولية استبدال المهاجرين بأصحاب البشرة البيضاء، فانقلبت الدنيا، واستشاط العديد من رؤساء الشركات الأميركية غضباً، وأدان العديد من الجماعات اليهودية التعليق، واصفين إياه بمعاداة السامية، ما أدى إلى قيام بعض المعلنين على موقع التواصل الاجتماعي الشهير، بما في ذلك شركات أبل وديزني وآي بي إم وأودي وجنرال موتورز، بسحب إعلاناتهم.

وقالت ديزني إنها أوقفت الإنفاق على X مؤقتاً، وكذلك فعلت شركة ليونزغيت Lionsgate، شركة توزيع برامج الترفيه والأفلام، وشركة باراماونت غلوبال Paramount Global، عملاق الإعلام الذي يمتلك شبكة سي بي إس. وقال شخص مطلع على الوضع إن شركة آبل، التي تنفق عشرات الملايين من الدولارات سنوياً على X، علقت أيضاً الإعلانات على المنصة، وذلك بعدما أعلنت شركة آي بي أم خفض إنفاقها على الإعلانات مع X يوم الخميس الماضي.

وكان ماسك، الذي اشترى تويتر العام الماضي وأعاد تسميته X، قد وُضع تحت التدقيق لعدة أشهر، بسبب ما اعتبر سماحاً، بل إذكاءً، لمعاداة السامية على الموقع، وهو ما تصاعد الأسبوع الماضي، بعد تعليقه الأخير على المنشور.

ويوم الجمعة، أدان البيت الأبيض ما كتبه ماسك، معتبراً أنه يعزز نظرية المؤامرة المعادية لليهود. وقال أندرو بيتس، المتحدث باسم البيت الأبيض، في بيان، إنّ "من غير المقبول تكرار الكذبة البشعة وراء أكثر أعمال معاداة السامية فتكاً في التاريخ الأميركي في أي وقت، فضلاً عن مرور شهر واحد على أكثر الأيام دموية في تاريخ الشعب اليهودي منذ الحرب العالمية الثانية".

ولم تبدأ مشكلات ماسك مع المعلنين بعد تعليقه على المنشور، حيث بدأ توجس المعلنين بشأن X منذ اشتراه ماسك الخريف الماضي. وقال إنه يريد توفير المزيد من حرية التعبير، وإنه سيخفف قواعد الإشراف على المحتوى. وكان هذا يعني أن المنصة يمكنها نظرياً وضع إعلانات العلامات التجارية بجوار المنشورات التي تحتوي على خطاب مسيء أو يحض على الكراهية، من وجهة نظر الشركات المعلنة بالتأكيد.

ورغم رفض العديد من الشركات، ومنها شركتا إنتاج السيارات، جنرال موتورز وفولكس فاغن، في أكثر من مناسبة خلال العام الماضي ظهور عروضها الترويجية جنباً إلى جنب مع ما قالت إنه "زيادة موثقة بشكل كبير في خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والدعاية الأجنبية على X"، إلا أن ماسك أكد، في إبريل/ نيسان الماضي، أن جميع المعلنين تقريباً عادوا، لكنه أشار لاحقاً إلى أن عائدات الإعلانات انخفضت بنسبة 50%.

موقف
التحديثات الحية

وتاريخياً، مثلت الإعلانات نحو 90% من إيرادات تويتر قبل أن يشتري ماسك الشركة. والشهر الماضي، أُعلِم الموظفون أن قيمة الشركة وقتها كانت تبلغ 19 مليار دولار، وهو ما يقلّ كثيراً عن مبلغ 44 مليار دولار الذي دفعه ماسك لشرائها. وقالت شركة آي بي أم نهاية الأسبوع الماضي إنها خفضت إنفاقها الإعلاني بنحو مليون دولار، خلال الفترة الباقية من العام.

وقالت شركة ميديا ماترز فور أميركا Media Matters for America، وهي مجموعة يسارية، إن إعلانات من شركات أبل وآي بي أم كانت تظهر على X بجوار المنشورات الداعمة لمناصري "تفوق العرق الأبيض" والنازية. وقال أنجيلو كاروسوني، الرئيس والمدير التنفيذي للشركة، إن شركة X "لن تخسر المال مع شركة أبل فحسب، بل سيتعين عليها تعديل استراتيجيتها لجذب المعلنين مرة أخرى".

وتعرّض ماسك لهجوم كبير من وسائل الإعلام الأميركية، حيث قالت إحداها إن الرجل، الذي فقد موقعه على رأس قائمة أغنى أغنياء العالم، قد لا يعود إليه مرة أخرى.

ويوم الاثنين، قال جيري براكمان من مجلس إدارة شركة تسلا إنه يجب على مجلس الإدارة إيقاف ماسك بسبب آرائه التي اعتبرها معادية للسامية على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويريد براكمان، رئيس فرست أميركان تراست، أن يرسل رسالة واضحة، مفادها أن ماسك ذهب بعيداً الأسبوع الماضي من خلال الموافقة على منشور معادٍ للسامية يدعي أن المجتمعات اليهودية تدفع "الكراهية ضد البيض".

وقال براكمان في بيان له: "أنا أؤمن بحرية التعبير، لكن ليس هناك عذر لنشر الكراهية من قبل الرئيس التنفيذي لشركة عامة".

ولا يُنظر إلى ماسك على أنه الشخص الأكثر أهمية في شركة تسلا فحسب، حيث إنه عضو في مجلس الإدارة، وأكبر مساهم فردي، وكان لديه 411 مليون سهم حتى نهاية مارس/ آذار الماضي، أي ما يعادل حوالى 13% من الأسهم، تقدَّر قيمتها اليوم بحوالى 96 مليار دولار.

وقالت نيل مينو، وهي مساهمة يهودية في شركة تسلا، ونائبة رئيس شركة فاليو أيدج أدفيزورز، التي تقدم المشورة إلى المستثمرين المؤسسيين بشأن مسائل حوكمة الشركات، إن مجلس إدارة تسلا يجب أن يستأجر شركة لتقييم التأثير بالعلامة التجارية لشركة السيارات من "سلوك ماسك الفظيع".

وأردفت مينو بأنها كانت تفكر في "شراء سيارة تسلا، ولكن هذا الأمر غير مطروح على الطاولة الآن"، لكونها لا ترغب في دعم ماسك، بحسب ما أدلت من تصريحات لشبكة سي أن أن. وأضافت أن "لدى مجلس الإدارة الكثير من الأسباب لخلع إيلون ماسك عن منصب الرئيس تنفيذي".

ولم يتفاجأ ماسك بالتأكيد من ردود الأفعال من الشركات الأميركية التي أعلنت نيتها تقليل إنفاقها الإعلاني مع X، حيث يدرك الجميع الحساسية المتزايدة تجاه كل ما يمكن أن يمتّ بصلة إلى معاداة السامية، إلا أن الرجل لم يتراجع، رغم الخسائر المادية المتوقعة، عن موقفه، الذي قد لا يعني معاداة إسرائيل أو تأييد الحقوق الفلسطينية، بقدر ما يعكس شجاعة في التمسك بالمبادئ والقيم التي يؤمن بها، بينما يخشى بعض المليارديرات والفنانين والرياضيين العرب من ضياع بضعة آلاف من الجنيهات، أو الدولارات، لو قالوا كلمة دعم لإخوانهم الفلسطينيين!

المساهمون