تعود إيران إلى توريد النفط الخام نحو سورية لسد العجز في دمشق بين الإنتاج، الذي لا يزيد عن 20 ألف برميل، والاستهلاك الذي يصل، بحسب خبراء، إلى نحو 150 ألف برميل يومياً.
ويأتي ذلك بعد توقف لنحو شهر، إثر تعرض ناقلة إيرانية لحريق قبالة ساحل بانياس غربي سورية الشهر الماضي.
وكشفت بيانات نظام تتبع السفن الدولي "تانكر تراكرز"، اليوم الخميس، عن توجه ثلاث ناقلات تحمل النفط الخام من إيران إلى ميناء بانياس؛ ناقلتان بسعة 1.4 مليون برميل تصلان غداً الجمعة، والثالثة بسعة 300 ألف برميل تتجه نحو سورية عبر قناة السويس.
وتحدث الخبير النفطي السوري، عبد القادر عبد الحميد، عن هذه الناقلات ذات "الشحنات الكبرى" التي ترسلها إيران دفعة واحدة، مشيرا إلى أنه "خلال الحصار على إيران، قبل بدء التصدير والمفاوضات حول ملفها النووي، كانت ترسل ناقلات أقل حمولة وبطرق التفافية، كأن ترفع أعلاما غير إيرانية أو تطيل طريق إرسال النفط إلى سورية. لكن طهران هذه المرة ترسل رسائل راحة، بعد تصديرها النفط لأول مرة إلى الولايات المتحدة منذ عام 1991، وإلى فنزويلا قبل أيام، وإعلانها رفع إنتاجها اليومي إلى 4 ملايين برميل".
وأضاف عبد الحميد، لـ"العربي الجديد"، أن "إيران وروسيا تتنافسان على دعم نظام بشار الأسد وتعويمه، فبعد إعلان موسكو قبل أيام عن تقديم قرض لسورية لشراء المواسم الزراعية، تستمر إيران بتقديم النفط الخام، لأن المناطق التي يسيطر عليها الأسد عادت للمعاناة بسبب شح المشتقات النفطية، ما أوصل ساعات تقنين الكهرباء إلى أكثر من 16 ساعة يومياً".
وأشار إلى تحول النفط من أهم موارد الخزينة، جراء تصدير نحو 150 ألف برميل قبل عام 2011، وقت كان يساهم النفط بنحو 40% من عائدات التصدير، ونحو 24 % من الناتج الإجمالي لسورية، و25% من عائدات الموازنة السورية، إلى أكبر مستنزف للقطع الأجنبي، بعد زيادة فاتورة الاستيراد السنوية عن ملياري دولار.
وكشف المتحدث عن "خلافات بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) والنظام السوري" أدت إلى تراجع توريد النفط من مناطق شمال شرقي سورية، التي تسيطر عليها "قسد"، وكانت تزود النظام بالنفط الخام عبر "شركة قاطرجي"، وأن "الخلافات تصاعدت بعد انتخابات الرئاسة وإعلان "قسد" إغلاق "الحدود" ومنع إجراء الانتخابات بمناطق سيطرتها".
وبحسب مصادر خاصة من دمشق، أعلنت شركة محروقات "حكومية" أن سورية ستشهد انفراجاً تدريجياً مع وصول توريدات من نواقل النفط الخام إلى مصفاة بانياس غداً، للبدء، بعد التكرير، بزيادة الكميات المخصصة للمحافظات من المشتقات النفطية.
ولفتت المصادر إلى أن التخفيض وصل إلى نحو 75% خلال الفترة السابقة، ولا يزيد ما يتم توزيعه حالياً من مادة البنزين عن 3.5 ملايين ليتر بنزين، وحوالي 3.8 ملايين ليتر مازوت يومياً.
وكان رئيس حكومة النظام، حسين عرنوس، قد أعلن بعد وصول آخر شحنات إيرانية، في مارس/ آذار الماضي، أن بلاده استوردت 1.2 مليون طن من النفط الخام الإيراني مع منتجات بترولية أخرى بقيمة 820 مليون دولار في الأشهر الستة الأخيرة، كاشفاً، في الوقت ذاته، عن تراجع إنتاج بلاده من 380 ألف برميل عام 2011، إلى 20 ألف برميل يومياً الآن، فـ"سورية أصبحت تعتمد على واردات النفط، واستخدمت قدرا كبيرا من العملة الصعبة لشراء المنتجات البترولية".