يتوقع محللون أن تواصل الحرب الروسية في أوكرانيا تداعياتها السلبية على إمدادات القمح وفول الصويا والذرة في العام الجاري 2023. وتثير الحرب المخاوف والاضطراب بين التجار حول ما إذا كانت إمدادات الحبوب من أوكرانيا ستستمر أم لا، كما أنها تضرب حجم المحاصيل المتوقعة من أوكرانيا بسبب أن العديد من المزارع تضررت من الحرب.
وكان الغزو الروسي لأوكرانيا قد أدى إلى ارتفاع العقود الآجلة للحبوب الأميركية في أوائل عام 2022 إلى مستويات قياسية خاصة عندما حاصرت روسيا موانئ التصدير الأوكرانية.
وبلغت أسعار العقود الآجلة للقمح وفول الصويا مستويات مقلقة سياسياً بالنسبة للكثير من الدول في النصف الأول من العام الماضي 2022، حيث بلغت العقود الآجلة للذرة أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد وسط تراجع الإمدادات من أوكرانيا والطقس الجاف الذي ضرب معظم مناطق زراعة المحاصيل في العالم.
وحسب بيانات "وول ستريت جورنال"، ارتفعت أسعار العقود الآجلة للحبوب إلى مستويات تاريخية في الأيام الأولى للحرب الروسية الأوكرانية. إذ ارتفعت العقود الآجلة للقمح، وهي العقود الأكثر نشاطًا في بورصة شيكاغو للسلع الأولية إلى مستوى قياسي بلغ 12.94 دولاراً للبوشل في مارس/آذار الماضي، متجاوزاً أعلى مستوى سابق سجله في عام 2008.
كما سجلت العقود الآجلة لفول الصويا ارتفاعًا قياسياً هي الأخرى، حيث ارتفعت إلى 17.69 دولاراً للبوشل في يونيو/حزيران الماضي. كما ارتفعت العقود الآجلة للذرة إلى 8.14 دولارات للبوشل في أبريل/نيسان، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2012.
لكن بعد توقيع اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية قبل ستة أشهر، تراجعت أسعار العقود الآجلة، حيث أغلقت عقود الذرة الآجلة يوم الجمعة الماضي على انخفاض بنسبة 0.2% إلى 6.77 دولار للبوشل، وأغلقت عقود فول الصويا بنسبة 0.5% إلى 15.22 دولار للبوشل، وأغلق القمح على ارتفاع 2.2% إلى 7.93 دولار للبوشل.
ويرى تحليل بصحيفة "وول ستريت جورنال" أن توجهات أسعار الحبوب يعتمد كثيراً على توقف الحرب في أوكرانيا، حيث ان كلاً من روسيا وأوكرانيا من بين الدول الرئيسية في إمدادات الحبوب العالمية. وتسبب الغزو الروسي في فبراير/ شباط الماضي في وقف صادرات الحبوب من منطقة البحر الأسود وأدى إلى مواجهة بين روسيا والدول الغربية بشأن صادرات الطاقة الروسية، مما هدد نمو الاقتصاد العالمي، وهدد الأنظمة السياسية التي لم تكن لديها مخزونات كافية من القمح، وكانت الحكومة الأوكرانية أولى ضحايا ارتفاع أسعار الغذاء وسعر صرف الدولار.
وسمح اتفاق تم التوصل إليه في يوليو/ تموز بالمرور الآمن للحبوب من الموانئ الأوكرانية التي مزقتها الحرب، مما أدى إلى تحرير ملايين الأطنان من المنتجات الغذائية. وبعد فترة من التردد الروسي، مدد الجانبان الاتفاقية لمدة 120 يوماً أخرى.
ومع ذلك، فإن محللين يرون أن صفقة تصدير الحبوب من موانئ البحر الأسود اتفاقية هشة بينما الحرب لا تزال مشتعلة بين موسكو وكييف. وأدت الحرب إلى تراجع صادرات الحبوب الأوكرانية إلى مستويات دنيا خلال العام الماضي، وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
في هذا الصدد، قال محلل السلع الأميركي جيم ويكوف لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "الورقة الأساسية للحبوب هي صفقة الشحن بين روسيا وأوكرانيا وقدرتها على البقاء". وأضاف، "إنه وضع هش وسيواصل تجار الحبوب مراقبته عن كثب".
ولكن هنالك عوامل أخرى تؤثر على أسعار الحبوب في الأسواق العالمية، خاصة في السوق الأميركي، حيث تتأثر تحركات أسعار العقود الآجلة للحبوب بأسعار النفط، إذ كلما ارتفعت أسعار النفط ترتفع أسعار الحبوب بسبب استخدامها في توليد الوقود البيولوجي.
ويرى محللون أن الطلب على الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة ينبع جزئيًاً من الوقود الحيوي. وتعد الذرة هي المكون الرئيسي لإنتاج الإيثانول، بينما يستخدم كذلك زيت فول الصويا لإنتاج الوقود الحيوي.
وبالتالي تجعل أسعار النفط المرتفعة إنتاج مثل هذا الوقود أكثر جاذبية وتقلل من كميات تصديره للأسواق العالمية واستخدامه في الغذاء.