بعد أسابيع قليلة من تخلي رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن مشروعه للإصلاح الزراعي لوضع حدّ للمواجهة التي استمرت أكثر من عام، أنهى المزارعون الهنود رسميا حركتهم الاحتجاجية اليوم الخميس.
ونقلت وكالة الأنباء الهندية عن بالبير سينغ راجوال أحد قادة الحركة، أنه سيتم تنظيم مسيرة السبت للاحتفال بانتصار الحملة التي قادها المزارعون ضد إصلاحات مودي.
وقال ممثلو المزارعين إنهم وافقوا على إنهاء احتجاجهم، وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحكومة قبلت أيضا طلبات أخرى تقدموا بها. وأكد دارشان بال من تحالف يضم حوالي 40 اتحادا للمزارعين أنه "بدأنا في حزم أغراضنا"، مشيرا إلى خيام الاعتصام التي أقيمت في مداخل دلهي.
لكن المتظاهرين سينتظرون حتى نهاية مراسم تشييع قائد هيئة الأركان الهندية الجنرال بيبين راوات الذي توفي الأربعاء في حادث تحطم مروحية، لإزالة الخيام والعودة إلى مناطقهم في نهاية الأسبوع القادم.
ويعتصم منذ العام الماضي آلاف المزارعين في ضواحي العاصمة نيودلهي، ونظموا تظاهرات مطالبة بالتخلي عن الإصلاح الزراعي.
ورغم تراجع رئيس الوزراء، تعهدت اتحادات المزارعين مواصلة النضال حتى تتحقق كافة مطالبهم.
مسايرة سياسية لمزارعي الهند مع قرب الانتخابات
استمرت التظاهرات بمشاركة عدد أقل من المزارعين بعد إلغاء المشروع. وكان من بين مطالبهم ضمان حد أدنى ثابت لأسعار منتجاتهم الزراعية ودفع تعويضات لأسر مئات المزارعين الذين قالوا إنهم لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات.
وافقت الحكومة على هذا الطلب وتعهدت أيضا بعدم مقاضاة الفلاحين الذين يمارسون زراعة القطع والحرق التي يتسبب دخانها جزئيا في تردي جودة الهواء في نيودلهي كل شتاء.
واعتبر كثيرون أن تراجع مودي الذي لم يكن متوقعا، يعود إلى اقتراب موعد الانتخابات المهمة لحزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) القومي الهندوسي الذي يقوده.
ومن المقرر إجراء هذه الانتخابات مطلع العام المقبل في ولايات عدة، بينها ولاية البنجاب التي يتحدر منها العديد من المزارعين، وولاية أوتار براديش الأكثر سكانا في الهند ويقطنها نحو 220 مليون نسمة.
من جهته، اعتبر نائب رئيس مؤسسة "أوبزرفر ريسيرش" للأبحاث غوتام تشيكرمان أن إلغاء الإصلاح "أسوأ قرارات مودي".
وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس "إنه يوم مظلم في تاريخ الاصلاحات الاقتصادية في الهند"، معتبرا أن القطاع الزراعي "محكوم بالفشل خلال الـ25 عاما المقبلة".
ويرتدي قطاع الزراعة أهمية كبرى في الهند، إذ يضمن معيشة نحو 70% من سكانها البالغ عددهم 1,3 مليار نسمة ويساهم بحوالي 15% من إجمالي الناتج المحلي.
مخاوف مزارعي الهند من تحرير السوق
تم إقرار القوانين الزراعية التي اقترحها مودي في سبتمبر/أيلول 2020 للسماح للمزارعين ببيع منتجاتهم لمشترين من اختيارهم، بدل بيعها حصرا في الأسواق التي تديرها الدولة وتضمن للمزارعين حدا أدنى من الدعم لبعض المحاصيل.
منذ إقرارها، أعرب العديد من صغار المزارعين عن معارضتهم لها، معتبرين أن هذا التحرير يهدد بإجبارهم على بيع سلعهم لشركات كبيرة.
وأقام المزارعون مخيمات اعتصام على الطرقات، وتشكلت شبكة تضامن بينهم. واتخذت الاحتجاجات منعطفا عنيفا، خصوصا في يناير/كانون الثاني عندما تجمع مزارعون بجراراتهم في نيودلهي في عيد إعلان الجمهورية.
وتحول الاحتجاج إلى صدامات مع الشرطة لقي خلالها مزارع مصرعه وجرح المئات من عناصر الأمن. كما لقي 8 أشخاص مصرعهم في ولاية أوتار براديش في أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 4 مزارعين، في صدامات خلال زيارة وزير الداخلية أجاي ميشرا.
وهذه الحركة الزراعية واحدة من أكبر التحديات التي واجهت البلاد منذ وصول ناريندرا مودي إلى السلطة عام 2014.
(فرانس برس)