إفلاس شركات الطاقة البريطانية يزيد الضغوط على الأسر والمصانع

04 نوفمبر 2021
محطة كهرباء بالغاز الطبيعي في بريطانيا (Getty)
+ الخط -

تتصاعد أزمة الطاقة في بريطانيا على خلفية قفزات أسعار الغاز الطبيعي والتي بلغت خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي نحو 1300 دولار لكل ألف متر مكعب، حسب بيانات التداول على منصة "آي سي إي للعقود المستقبلية"، الأسعار ترتفع يوما بعد يوم.

المواطن يئن من قفزات فواتير الكهرباء ويدخل في دوامة ارتفاع الأسعار تفوق قدرته الشرائية، الإفلاسات تمتد للشركات الموردة للوقود في ظل عجز الحكومة عن مساعدتها وتقديم الدعم المالي لها.

الشركات الإنتاجية والمصانع تصرخ من زيادة كلفة مدخلات إنتاجها من الطاقة مع قفزات أسعار الوقود الأزرق، يتناقص الاستهلاك يوما بعد يوم وتعود الكرة إلى الشركات والمصانع المأزومة تراجعا في الطلب وتعثرا ماليا. الحديث عن تأميم قطاع الطاقة بشكل مؤقت بدأ يتسع يوما بعد يوم.

قادة قطاعات التصنيع يواصلون توجيه الانتقادات الحادة لحكومة بوريس جونسون، التي اتهموها بأنها لا تفعل شيئاً لمنع احتمال إغلاق المصانع والشركات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وفي مقدمتها الغاز الطبيعي.

يقارن هؤلاء بين ما فعلته حكومات أوروبية لمواجهة الأزمة، التي أعادت مرة أخرى سياسات دعم الطاقة لتخفيف عبء ارتفاع الأسعار عن المواطنين والمصانع، وبين تحركات الحكومة البريطانية التي باتت تواجه أزمة بعد أخرى بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وآخرها أزمات العمالة وسائقي الشاحنات والصيد مع فرنسا.
تفاقم أزمة الطاقة في بريطانيا تعكسه حالة الإفلاسات المتزايدة في قطاع الطاقة، فقد انهارت 5 شركات بريطانية موفرة للطاقة والكهرباء في ظل استمرار أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.
وأعلنت الشركات المزودة للطاقة في بريطانيا إفلاسها خلال يومين ليرتفع عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها منذ أول شهر أغسطس/آب الماضي بسبب ارتفاع الأسعار إلى 19 شركة مما يفاقم أزمة الوقود في البلاد.

وتنضم الشركات الخمس المفلسة إلى أكثر من 12 شركة موردة للطاقة تعرضت للإفلاس أخيرًا في المملكة المتحدة، بفعل الأسعار المرتفعة للطاقة بالجملة.
وبحسب مصادر في قطاع الطاقة البريطاني، فقد أدى ارتفاع سعر الغاز بنحو ثلاثة أضعاف منذ يناير/كانون الثاني، إلى إعلان شركات "أومني إنيرجي Omni Energy" و"إم إيه إنيرجي MA Energy" و"زيبرا باور Zebra Power" و"أم باوروك Ampoweruk Ltd" الإفلاس، والتوقف عن التداول في البورصة، أول من أمس الثلاثاء. وقبلها بيوم توقفت شركة "بلو غرين إنرجي سيرفسيز ليمتد"، التي كانت تزود 5900 منزل، عن التداول.

وتقدم الشركات الأربع المتوقفة الخدمات لنحو 23.7 ألف أسرة ستستمر في تلقي الخدمات إلى حين الانتقال إلى مزود آخر للطاقة. بينما تقدر وسائل إعلام بريطانية عدد الأسر التي تتلقى الخدمات من الشركات الـ19 التي أعلنت التوقف عن تقديم خدماتها بنحو مليوني أسرة.

من المتوقع أن ينهار عدد أكبر من موردي الطاقة في الأشهر المقبلة، حيث لا تزال أسواق الغاز عند مستويات قياسية

ومما يزيد من تفاقم الوضع في المملكة المتحدة أنه يأتي مع دخول فصل الشتاء وازدياد حاجة المواطنين لمصادر الطاقة خاصة في التدفئة، فضلا عن تراجع صادرات روسيا من الغاز لأوروبا وانخفاض المخزون.
كما أن القواعد المنظمة لأسعار خدمات تزويد الطاقة لنحو 15 مليون أسرة والتي تفرضها هيئة تنظيم الطاقة (Ofgem) زادت الضغط على المزودين مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز عالميا وأوروبيا.
ووفقا لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإنه من المتوقع أن ينهار عدد أكبر من موردي الطاقة في الأشهر المقبلة، حيث لا تزال أسواق الغاز عند مستويات قياسية قريبة، ويضطر الموردون لتحمل التكاليف المرتفعة دون رفع تعريفاتهم الجمركية فوق سقف أسعار الطاقة للجهة التنظيمية.
وفي وقت سابق حذر وزير الطاقة البريطاني كواسي كارتنغ، من احتمال إفلاس المزيد من شركات الطاقة وسط أسعار قياسية، لكنه استبعد تقديم أي دعم للشركات المتعثرة. وقال إن الحكومة لن تنقذ الشركات الفاشلة، ولا يمكن أن تكون هناك مكافأة على الإدارة غير المسؤولة".
ووفقا لموقع "بي بي سي" باللغة الإنكليزية، فإن غالبية الشركات المنهارة حتى الآن تعد صغيرة نسبياً لكن الأزمة قد تزداد حدة وتمتد لشركات أكبر، نظراً لأن سقف أسعار الطاقة لبعض المستهلكين يعني أن شركات البيع بالتجزئة غير المتحوطة بالقدر الكافي ستتكبد خسائر فادحة.
وأكد مكتب أسواق الغاز والكهرباء في بريطانيا Ofgem قبل أيام أن هناك زيادة غير مسبوقة في أسعار الغاز الطبيعي عالميًا، مما يزيد الضغوطات المالية على الموردين. وشدد على أنه يعمل عن كثب مع الحكومة وقطاع الطاقة لضمان استمرار حماية العملاء في فصل الشتاء.

وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغز" إن خطط (Ofgem) لإعادة تصميم سقف الأسعار لن تساعد على الأرجح المورِّدين خلال الشتاء الجاري. وأضافت الوكالة أن "المورِّدين سيواصلون تكبد الخسائر من فرق السعر بين أسعار الطاقة الفورية (بقدر عدم تحوطهم) وسقف الأسعار خلال الشتاء الجاري".
ورغم ذلك، فإن جمعيات حماية المستهلك حذرت من أن "الأسر المتعثرة ستدفع الثمن في نهاية المطاف، حيث سترتفع قيمة الفواتير التي تدفعها مع مزيد من تساقط مزودي الطاقة مثل أحجار الدومينو".

وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "فيتش" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين البريطاني (CPI) بشكل حاد في الأشهر الستة المقبلة نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة والسلع العالمية.

كانت صحيفة "ذا إندبندنت" قد نقلت في سبتمبر/أيلول الماضي، عن وزراء بالحكومة البريطانية أنها تدرس إجراء تأميم مؤقت لشركات الطاقة العاجزة، بغية منعها من الانهيار بسبب ارتفاع أسعار الغاز.

ووصفت الصحيفة تصريحات الوزير كوارتينغ بأنه سيكون على استعداد لتعيين "مسؤول خاص" مكلف الإشراف على الشركات التي ستخضع لرعاية الحكومة، بمعنى تأميمها فعلياً بشكل مؤقت.

وذكر وزير الطاقة في حكومة الظل العمالية، إد ميليباند، في الشهر ذاته، أنه يجب تحويل شركات الطاقة إلى ملكية عمومية.

المساهمون