إسرائيل تمدد تعويضات السياحة... ولا أفق لانحسار الخسائر

02 ابريل 2024
الاقتصاد انكمش بنحو 20% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- القطاعات السياحية والتجارية في إسرائيل تعاني خسائر كبيرة بسبب الحرب، مما أدى إلى تمديد حزمة تعويضات للشركات في إيلات والجزء الفلسطيني المحتل على البحر الميت.
- تضررت إيرادات المنشآت السياحية والتجارية بشكل حاد، خصوصًا في إيلات، مع تسريح عدد كبير من الموظفين وتأثر التجارة السلعية بسبب الهجمات وتضرر الميناء الرئيسي.
- الاقتصاد الإسرائيلي يواجه تحديات كبيرة مع انكماش الاقتصاد وزيادة البطالة، وتخفيض التصنيف الائتماني يشير إلى صعوبات في التعافي الاقتصادي، خاصة مع زيادة الإنفاق الدفاعي.

تتواصل خسائر القطاعات السياحية والتجارية بشكل خاص في إسرائيل وسط استمرار الحرب، ما دعا حكومة الاحتلال إلى تمديد حزمة تعويضات للشركات العاملة في مدينة إيلات على البحر الأحمر جنوباً والجزء الفلسطيني المحتل على البحر الميت شرقاً، وسط استمرار الأضرار الاقتصادية التي لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لها.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الحكومة أقرت في اجتماعها، الأحد، تعويضات الشركات في المناطق السياحية عن الأضرار التي لحقت بإيراداتها خلال شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الماضيين.

وستتمكن الشركات في إيلات ومنطقة البحر الميت من الحصول على تعويض وفقاً للصيغة التي تم بها تعويض الشركات في بقية أنحاء البلاد في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. ويكون هذا التعويض إذا انخفض الدخل بنسبة 20% فأكثر، حيث يكون مبلغ التعويض متفاوتاً بحسب انخفاض الدخل.

وأظهرت البيانات الإسرائيلية عمق الخسائر التي تتكبدها المنشآت السياحية والتجارية، حيث تسبب إجلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من البلدات والمستوطنات المتاخمة لقطاع غزة جنوباً والمناطق الشمالية الحدودية مع لبنان وإسكانهم في الفنادق بالعديد من المناطق في تراجع مداخيل هذه المنشآت.

كما تعاني الأعمال التجارية في المدن السياحية من انخفاض حاد في دخلها. ووفق شركة "SBA" المتخصصة في خدمات الدفع، هوى نطاق استخدام بطاقات الائتمان في إيلات بنسبة 60% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي مقارنة بفترة ما قبل الحرب.

وعلى الرغم من تراجع حدة التدهور في استخدام بطاقات الائتمان خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، إلا أنها لا تزال بعيدة عن المعدل الطبيعي، حيث تسجل هبوطاً يصل إلى 30% مقارنة بما قبل الحرب.

ولا تلوح في الأفق نهاية للأضرار التي تتعرض لها المنشآت السياحية والتجارية الملاحية في إيلات تحديداً، إذ تتكرر الهجمات على المدينة التي ظلت لعقود ماضية بوابة انتعاش للاقتصاد الإسرائيلي.

وأعلن جيش الاحتلال، فجر أمس الاثنين، تضرر مبنى في إيلات في هجوم بجسم طائر، وفق ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية. ولم يذكر البيان المبنى الذي جرى استهدافه. وأعلنت جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن الهجوم.

ويقع ميناء إيلات على الطرف الشمالي للبحر الأحمر وكان من أوائل الموانئ التي تأثرت بعدما غيرت شركات الشحن مسار السفن لتجنب هجمات الحوثيين في اليمن على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وغيرها المتجهة نحو إسرائيل. وأعلنت إدارة الميناء في مارس/ آذار الماضي عزمها على تسريح نصف الموظفين البالغ عددهم 120 موظفاً.

ويتعامل الميناء بشكل أساسي مع واردات السيارات وصادرات البوتاس القادمة من البحر الميت، ويعد أصغر حجماً مقارنة مع ميناءي حيفا وأسدود على البحر المتوسط. لكن ميناء إيلات، الذي يقع بجوار الميناء الساحلي الوحيد للأردن في العقبة، يوفر لإسرائيل بوابة إلى الشرق دون الحاجة إلى الملاحة في قناة السويس.

ووفق بيانات البنك الدولي، فإن التجارة السلعية لإسرائيل مثلت 34.6% من ناتجها المحلي خلال العام 2022، والذي بلغ نحو 522 مليار دولار.

وبلغت قيمة الصادرات السلعية الإسرائيلية حوالي 73.8 مليار دولار، فيما وصلت الواردات إلى 107.2 مليارات دولار.

وبحسب دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فإن موانئ إسرائيل فرغت في ذلك العام بضائع حمولتها 40.6 مليون طن، فيما حملت للخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.

أما عن الأفراد الذين مروا عبر الموانئ التجارية لإسرائيل، فقد تم تقديرهم بنحو 378 ألفاً في 2022. وهو ما قد يدفع لفقد إسرائيل جانباً مهماً من حصتها في نقل الأفراد بحرياً، سواء كان ذلك بغرض التجارة أو السياحة. والتجارة البحرية لإسرائيل لا تجري فقط من خلال سفنها فقط، ولكن قد تتم من خلال سفن مملوكة لدول أو شركات أخرى.

بين أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول 2023، انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنحو 20% على أساس سنوي، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، أي أكثر من ضعف الانكماش الذي توقعه بنك إسرائيل المركزي بعد أيام من اندلاع الحرب.

وفي الفترة نفسها، كان أكثر من 750 ألف شخص، أو سدس القوة العاملة، عاطلين من العمل، وكثير منهم من جنود الاحتياط أو الذين تم إجلاؤهم من المستوطنات والمناطق القريبة من قطاع غزة الواقعة في مرمى المقاومة الفلسطينية جنوباً أو المناطق الشمالية مع الحدود اللبنانية التي تشهد اشتباكات مع حزب الله.

وفي فبراير/ شباط الماضي، خفضت وكالة "موديز" العالمية التصنيف الائتماني لإسرائيل للمرة الأولى على الإطلاق، وذلك بسبب الانعكاسات السلبية الواسعة لكلفة الحرب على عجز الموازنة ومعدلات الاقتراض.

ولا تلوح في الأفق نهاية قريبة لحجم الأضرار التي يتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي. وبحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس، عن تقرير لبنك إسرائيل المركزي حول التحديات التي تواجه الاقتصاد بعد الحرب، فإن المشكلة الأساسية تكمن في التكاليف المستمرة بسبب الحرب التي وصفها بأنها "حدث أمني مختلف تماماً عن كل جولات الحرب السابقة".

ويشير الاقتصاديون في بنك إسرائيل إلى أن "الحرب في غزة هي أزمة فريدة من نوعها بالنسبة لإسرائيل"، وحذروا بشكل خاص من أنه "من المتوقع أن تكون للأزمة الحالية عواقب وخيمة على المدى المتوسط والطويل، وهو ما يجعل التعافي أكثر صعوبة، لا سيما على خلفية الانقسام الاجتماعي في إسرائيل في هذه الفترة".

ووفق بنك إسرائيل، فإن التغيير في النظرة الأمنية سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الموازنة الأمنية والميزانيات المصاحبة لها، لافتا إلى أن زيادة الإنفاق الدفاعي ستتطلب زيادة في مصادر دخل الحكومة (أي زيادات ضريبية) أو الإضرار بالإنفاق المدني (أي تخفيضات في الميزانية). وكلا الأمرين قد يحجب إمكانات النمو الاقتصادي. إذ إن إيقاف مشاريع البنية التحتية العامة المدنية يشكل ضرراً طويل الأمد على الإنتاجية والاقتصاد بشكل عام.

المساهمون