إدارة بايدن تبقي على"شعرة معاوية" مع الشركات الروسية

10 نوفمبر 2022
هل يفتح الباب للتسوية بين موسكو وكييف؟ (Getty)
+ الخط -

تفوق توقعات كلفة الدمار في أوكرانيا تريليون دولار، كذلك خسرت روسيا تقريباً الأسواق الغربية، وتعاني مؤسساتها من العزلة الدولية.

في ظل هذه الظروف، طلبت كل من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين من البنوك الأميركية الكبرى، بما في ذلك "جي بي مورغان" و"سيتي غروب"، بشكل غير رسمي، عدم رفض التعاون مع "بعض الشركات الروسية الاستراتيجية" لتقليل الآثار السلبية الناجمة عن العقوبات الغربية على روسيا.

وحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ قبل يومين، حثّ مسؤولون في الكونغرس البنوك التجارية الكبرى على عدم رفض تقديم "الخدمات الأساسية" التي من بينها الحوالات المالية للشركات الروسية.

وطلب المسؤولون من البنوك بشكل ضمني منح الشركات الروسية التي لا تخضع للعقوبات مثل "غازبروم" النفطية العملاقة فرصة التعامل بالدولار.

وقال مسؤولون حسب ما نقلت بلومبيرغ، إن إدارة جو بايدن تريد من البنوك والشركات الأميركية الحفاظ على تدفق الأموال إلى القطاعات غير الخاضعة للعقوبات في الاقتصاد الروسي. وقد يعني هذا أن أميركا وبعض الحلفاء الغربيين يرغبون في تهيئة الأجواء تمهيداً للتفاوض، ولكن حتى الآن لم يُبلَّغ عن محادثات جرت بين البنوك الأميركية والمؤسسات الروسية.

في ذات الشأن، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه منفتح على "محادثات سلام حقيقية" مع روسيا، بعد ضغوط من داعمين غربيين، في إشارة إلى استعداد بلاده الدخول في مفاوضات مباشرة مع موسكو.

وقال زيلينسكي إن الشروط الأوكرانية للمحادثات تشمل إعادة السيطرة الأوكرانية على أراضيها، وتعويض كييف عن غزو موسكو، وتقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى العدالة. ولكن هذه الشروط رفضتها موسكو.

وفي ذات الشأن، ومع تزايد أخطار اندلاع حرب نووية، والدمار الاقتصادي والمالي الذي تواجهه أسواق المال والدول وتفاقم اخطار الأمن الاقتصادي، حثّ 30 عضواً في الكونغرس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إدارة بايدن على متابعة الدبلوماسية المباشرة للتوصل إلى تسوية تفاوضية لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.

وقال المشرعون في الرسالة التي وجهوها للرئيس بايدن، حسب ما نقل موقع الكونغرس الأميركي، إنه "مع إدراكنا للصعوبات التي ينطوي عليها إشراك روسيا نظراً لغزوها الفاضح وغير القانوني لأوكرانيا، فإننا نحثّ بايدن على بذل جهد دبلوماسي استباقي للبحث عن إطار واقعي من أجل وقف إطلاق النار يتصاحب جانباً إلى جنب مع الدعم العسكري والاقتصادي المقدم إلى أوكرانيا".

ويقترح المشرعون في رسالتهم نهجاً يمكن أن يتضمن "حوافز لإنهاء الأعمال العدائية، بما في ذلك شكل من أشكال تخفيف العقوبات الغربية على روسيا" وإجراء ترتيبات دولية "لإنشاء ضمانات أمنية لأوكرانيا حرة ومستقلة تكون مقبولة لجميع الأطراف، بمن فيهم الأوكرانيون".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

كذلك يحذر المشرعون الأميركيون في رسالتهم من التداعيات الكارثية للبديل من الدبلوماسية واستمرار الحرب لمدة طويلة التي يمكن أن تجرّ العالم إلى كوارث إنسانية واقتصادية غير محسوبة.
ومن بين المؤشرات الأخرى على أن موسكو قد تكون في إطار بحث عن مخرج من هذه الحرب، عودتها إلى اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، رغم الخسائر التي تتكبدها عبر هذا الاتفاق على صعيد صادراتها من القمح والشعير والحبوب الأخرى.

ويلاحظ أن موسكو تواصل التقارب مع تركيا، رغم المنافسة التاريخية بين الدولتين والاحتكاك العسكري بينهما في سورية. تقارب يرى فيه محللون أن موسكو ترغب في أن تكون أنقرة بوابة الحل لأزمة حرب أوكرانيا.
ويتكشف لدى موسكو أن كلفة العقوبات الغربية تتفاقم على اقتصادها مع كل يوم تواصل فيه الحرب، وأن حساباتها المبنية على استخدام أسلحة الطاقة والقمح ضد كتلة الدول الغربية لن تفلح في كسر الصمود الغربي تجاه دعم استقلالية أوكرانيا ومجهودها الحربي.

وحتى الآن، هددت الحرب الروسية على أوكرانيا بكساد اقتصادي في العالم، وسط ارتفاع معدلات التضخم التي حدثت بسبب تفاقم أسعار القمح والأسمدة والوقود.
وكانت موسكو قد بنت حساباتها في غزو أوكرانيا على الحرب الخاطفة التي استولت بها على جزيرة القرم خلال أيام في عام 2014، وعلى أساس أن الدول الغربية ستفرض عقوبات محدودة.

لكن ثبت أن هذه الحسابات كانت خاطئة، وأن خسائرها من الحرب قد تفقدها الأسواق الأوروبية وتكبدها تريليونات الدولارات خلال العقد الجاري.

على صعيد إعادة بناء دمار الحرب في أوكرانيا، فإن الدول الغربية تتجه لإجازة "مشروع مارشال" أوكرانياً، نسبة إلى المشروع الذي نفذته الولايات المتحدة لبناء أوروبا المدمرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وتراوح كلفة إعادة بناء أوكرانيا حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بين 750 مليار دولار وأكثر من تريليون دولار.

لكن لاحظ خبراء ألمان أن كلفة بناء أوكرانيا تتزايد يوماً بعد يوم وسط شراسة القصف العنيف للمدن الأوكرانية وتدمير البنى الأساسية في البلاد من قبل القوات الروسية. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن الاقتصاد الأوكراني أو الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة تراوح بين 30-35%.

المساهمون