بدأت نتائج تخفيف نسب البطالة إثر التدخلات الحكومية في تركيا، تعطي نتائجها، بعد اقتراب نسب العاطلين عن العمل من 13% مطلع العام الجاري، بسبب زيادة إغلاقات كورونا، لتتراجع إلى 12.9% نهاية الربع الأول بنحو 4.118 ألف عاطل عن العمل، ليستمر التعافي بحسب هيئة الإحصاء التركية اليوم الثلاثاء، بتراجع النسبة 2.5 نقطة خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، مقارنة مع شهر مايو/ أيار.
وقالت الهيئة التركية الرسمية، في بيان لها، إنّ نسبة البطالة خلال يونيو/حزيران الماضي، استقرت عند 10.6%، متراجعة بنسبة 2.7 عن يونيو/حزيران عام 2020، ليبلغ عدد العاطلين عن العمل الشهر الماضي، نحو 3.399 ملايين.
ويتخوف مراقبون من ارتفاع نسبة البطالة بين فئة الشباب (15-24 عاماً) بعد ارتفاعها خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 0.2%، مقارنة بعام 2020، ليبلغ عدد الشباب العاطلين (لا عمل ولا دراسة) نحو 2.922 مليون نهاية الربع الأول؛ نظراً لأنّ آثار فقدان العمل أو عدم تأمينه بالنسبة لهذه الفئة العمرية "له انعكاسات أكثر من اقتصادية".
ويشير المراقبون إلى أنّ فقدان العمل لفترات طويلة "لأكثر من عام" يمكن أن يؤثر على أهداف تركيا التنموية وعلى دخل الأسر، فيزيد من نسبة الفقر ويكشف عن أمراض مجتمعية أخرى، بعد وصول عدد تلك الشريحة، بعد تسريحات عام كورونا، إلى 2.25 مليون شخص.
ويضيف الاقتصادي التركي خليل أوزون الوضع الآن بأنّه "ممتاز ويسير نحو الأفضل"؛ لأنّ المنشآت والمصالح التي تضررت جراء وباء كورونا، عاد معظمها للإنتاج وتقديم الخدمات "ولا سيما في قطاع السياحة"، مشيراً إلى أنّ نسبة البطالة اقتربت من 13% نهاية العام الماضي، بينما تراجع معدل المشاركة في قوة العمل إلى نحو 50%.
ويوضح الاقتصادي التركي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ أسباب تراجع نسبة البطالة تعود أولاً إلى "سياسة عدم التخلي الحكومية"، مشيراً إلى أنّ بلاده قدمت دعماً للمنشآت وتحملت جزءاً من تكاليف الأجور والتأمينات، بل ووصل الأمر، بعد الدعم، إلى حظر تسريح العمال خلال أزمة كورونا.
ويرى أوزون، أنّ سياسة بلده بدعم المنشآت، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، خلال عام كورونا، "هي السبب الأهم بمنع زيادة نسبة البطالة" التي يراها من أهم التحديات أمام الحكومة. وكانت الحكومة حظرت، منذ مارس/ آذار الماضي، تسريح العاملين، خلال أزمة فيروس كورونا.
ويلفت أوزون إلى أنّ تركيا "كانت من أقل الدول الناشئة تضرراً وارتفاعاً بنسبة البطالة"؛ لأنّ الدولة، وفضلاً عن دعم المصارف والشركات لتلافي الإفلاس والإغلاق الكامل، قدّمت، ولم تزل، معونات مالية للعاطلين "لذا في تركيا لا يمكن اعتبار العاطل عن العمل بلا دخل"، كما يقول.
لكن الإجراءات الحكومية، برأي المحلل التركي، لم تعوّض كامل التراجعات التي حدثت خلال العام الماضي، لا سيما في سوق العمل، من إغلاقات جزئية وتسريح مؤقت، وحتى تراجع تدفق الاستثمارات إلى تركيا. ويعول الأتراك هذا العام، على امتصاص أكبر لفائض البطالة، بعد مؤشرات النمو والتضخم التي يعلنها المسؤولون.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أكد، أخيراً، أنّ بلاده ستحقق نمواً اقتصادياً يفوق 7% في عام 2021. ولفت، في حديث تلفزيوني، إلى أنّ المؤشرات الرائدة في الاقتصاد تدل على استمرار منحى النمو، حيث إنّ الاقتصاد التركي نما بنسبة 1.8% العام الماضي، بفضل الإجراءات الحكومية لتكون تركيا ثاني أكبر دولة، بعد الصين، حققت نمواً إيجابياً خلال عام كورونا.
وأضاف الرئيس التركي أنّ بلاده، خلال الربع الأول من عام 2021، وبدعم من الاستثمارات القوية والاستهلاك الخاص والطلب الخارجي، بلغ النمو السنوي فيها 7%، خاتماً بالقول "لا شك في أنّ دعمنا للحفاظ على صناعتنا خلال فترة الوباء يعطي نتائجه الآن، ونرى أننا سنحقق نمواً أعلى بكثير مما كان متوقعاً".