أموال الحرب تنعش قطاع المطاعم في اليمن

23 ديسمبر 2020
مطعم في صنعاء (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من الأزمة الإنسانية وانتشار الفقر والجوع في اليمن، جراء الحرب التي يشهدها منذ أكثر من خمس سنوات، إلا أن المطاعم تشهد ازدهاراً ملحوظاً وانتشاراً لافتاً مع ارتفاع كبير في أسعار الوجبات، بينما هناك انخفاض كبير في الدخل لدى معظم السكان في أغلب المناطق اليمنية، إذ تكلف أبسط وجبه ثلاثة آلاف ريال يمني (3.75 دولارات).

ويرجع خبراء اقتصاد سبب ذلك إلى تشكل طبقة جديدة ثرية استهلاكية كونتها السوق السوداء في الوقود والكهرباء ومختلف تجارة الحرب المزدهرة في صنعاء وعدن وتعز وأغلب المدن اليمنية.

ويجتذب قطاع المطاعم جزءاً من أموال تجارة الحرب، باعتباره قطاعاً مجدياً للاستثمار مع تكوّن طبقة ثرية استهلاكية تبحث عن الترفيه وسط غالبية سكانية طحنتها الحرب ونال منها الفقر والبطالة ولا تجد ما تقتاته في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها اليمن.

كذلك تعدّ المطاعم و"الكافيهات" استثماراً مغرياً يجتذب أموال ومدخرات كثير من المغتربين العائدين، الذين اضطروا إلى العودة لليمن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلّفتها جائحة فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط، وما تبعها من تضييق على العمالة الوافدة، لا سيما في دول الخليج العربي، حيث لجأ كثير من العائدين إلى مشاريع عمل خاصة في أغلب المدن المستقرة باليمن.

وقال الباحث الاقتصادي مختار السعيدي إن الحرب الدائرة في اليمن كان لها دور في ظهور أموال طائلة من منافذ عدة أهمها السوق السوداء للوقود والمضاربة بالعملة نتيجة تقويض مؤسسات الدولة وتحكم نافذين بالقطاعات الاقتصادية الحيوية في مختلف المحافظات، خصوصاً في صنعاء وعدن اللتين شهدتها ظهور طبقة جديدة من الأثرياء.

وأشار السعيدي في حديث لـ"العربي الجديد" إلى بروز شراكات واسعة في مختلف المدن بين قادة تشكيلات عسكرية وتجار ورجال أعمال استهدفت استيعاب أموال تكوّنت بسبب الحرب والصراع الدائر وانعكست على شكل أعمال تجارية ومشاريع استثمارية متنوعة، مثل ما تتم مشاهدته في قطاع المطاعم.

ووفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة نهاية العام الماضي، فإن الإيرادات التي تحصلها بعض المحافظات الواقعة في نطاق سيطرة الحكومة اليمنية أو في مناطق نفوذ الحوثيين، يستولي عليها مسؤولون في غياب أي رقابة فعلية للمؤسسات العامة.

ورغم تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد على العديد من الأنشطة الاقتصادية، لا سيما الخدمية، إلا أن الأموال السخية التي اجتذبها قطاع المطاعم ساعدت كثيراً في تخفيف الضربة التي وجهها الوباء إلى هذا القطاع، الذي استطاع التكيف مع الإجراءات الاحترازية التي تم تنفيذها والعودة تدريجياً إلى مستوى حركته المعتادة التي وصل إليها قبل تفشي الفيروس.

وتنتشر في صنعاء ومختلف المدن اليمنية أسماء غريبة وملفتة للمطاعم و"الكافيهات" والمحال العاملة في المأكولات والوجبات الخفيفة، تلفت أنظار المارة في طريقة جديدة ومبتكرة لجذب الزبائن، واكتظاظها بالزبائن رغم ما تشهده من ارتفاع قياسي في أسعار الوجبات.

لكنها في نفس الوقت لا تعني الكثير من المواطنين، مثل فارس النهاري (30 عاماً)، بسبب عدم القدرة على ارتيادها، قائلاً: "هذه المطاعم خاصة بطبقات أُخرى لا علاقة لها بالوضع الراهن وما يدور في البلد والمعاناة التي طاولت الجميع".

وأضاف النهاري لـ"العربي الجديد": "بالكاد أستطيع تدبير موازنة أسرتي المكونة من أربعة أفراد بما أحصل عليه من عملي في شركة مقاولات".

واستقبلت المدن المستقرة، التي لم تطاولها الحرب، مثل إب (شمالاً) وحضرموت (شرقاً) أعداداً كبيرة من النازحين من مختلف المناطق المضطربة منذ أكثر من خمس سنوات، وأغلب هؤلاء، وفق المحلل الاقتصادي محمد القدس، "أسر مقتدرة وتجار وأصحاب أعمال وأيضاً من الفئات الاجتماعية المختلفة" وساهموا كذلك في انتعاش حركة المطاعم والكافيتريات، كما تسببوا في أزمة سكنية تجسدت في ارتفاع الإيجارات.

المساهمون