ألمانيا أمام موجة حقيقية لتسريح موظفين بسبب انكماش الاقتصاد

28 فبراير 2024
سعي ألماني لتنشيط الصناعات الثقيلة والحربية (Getty)
+ الخط -

تعيش ألمانيا هذه الفترة مرحلة انكماش اقتصادي واضح، الأمر الذي بدأ يؤثر على التوظيف، وجعل آفاق سوق العمل في حالة من عدم اليقين، وفقاً لما أظهرته أخيرا مسوحات معاهد الأبحاث، التي أظهرت أن مؤشرات التوظيف تراجعت خلال يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط من العام الجاري، وأن عمليات التسريح الأولى للعمال أضحت أكثر احتمالا، خاصة في المجال الصناعي ومبيعات التجزئة.

وبينت شبكة "إيه آر دي الاخبارية"، اليوم الثلاثاء، نقلاً عن رئيس قسم الاستطلاعات في معهد "إيفوكلاوس فولرابي"، تعليقا على انخفاض مستوى التوظيف خلال الفترة التي مضت من 2024، أن التنمية الاقتصادية الضعيفة تجعل الشركات تتردد عنما يتعلق الأمر بتعيين موظفين جدد بسبب المستقبل الغامض، حيث لم يعد فقدان الوظائف مستبعدا، كما أصبح ضعف الاستهلاك يشكل مشكلة، خاصة بالنسبة لتجار التجزئة.   

وفي ظل التقارير التي تشير إلى أن العديد من الشركات الصناعية، بينها "ميله" و"باير" للأدوية، و"بي إيه إس إف" الرائدة في مجال الصناعات الكيميائية، بدأت بتخفيض الوظائف، بينت صحيفة "تاغسشبيغل"، الثلاثاء، أن هناك خشية من بروز موجة حقيقية لتسريح العمال، يفقد فيها الآلاف وظائفهم، حيث أبرزت آراء خبراء، بينهم كلاوس بيترستيلر، المدير العام للجمعية الكيميائية الفيدرالية، أن قطاع الصناعات الكيميائية يعاني في ألمانيا أكبر أزمة منذ تأسيس الجمهورية الاتحادية، وأن التوظيفات انخفضت بنسب كبيرة خلال الأشهر الأخيرة. وأشار الخبير إلى أن نقص الطلب والعيوب الهيكلية يضع "أم الصناعات" تحت ضغط مزدوج، لا سيما وأن الإنتاج تراجع عما كان يتم إنتاجه في عام 2005، الأمر الذي يُتوقع أن يكون له تأثير على المستقبل الاقتصادي في البلاد.

وأضاف: "ليس هناك من حاجة لكلام السياسيين، بل نحتاج للتحرك الحاسم في هذا البلد الصناعي لحماية سوق العمل، ويجب اتخاذ إجراءات سريعة من أجل أسعار طاقة تنافسية وبنية تحتية حديثة، والحد من البيروقراطية"، مؤكداً أنه "إذا ما نجحنا في السيطرة على الأزمة والتحول، فيمكننا خلق 25 ألف فرصة عمل إضافية في عام 2030، وفي حال الفشل فإن أكثرمن 60 ألف وظيفة ستكون في خطر".

هذا المعطى أكدت عليه أيضا باربرا ريش، مديرة منطقة ولاية بادن فورتمبيرغ في نقابة "آي جي ميتال"، التي تمثل عمال الصناعات المعدنية والهندسية، مشيرة إلى أن الدراسات الهيكلية تبين أن قطاع صناعات السيارات في الولاية معرّض لخطر فقدان 32% من الموظفين، البالغ عددهم أكثر من 480 ألف موظف، بحلول عام 2040. وأبرزت أن الشركات غالبا ما تواجه الافتقار إلى استراتيجيات تحول موثوقة، ومن أجل بناء المستقبل يتم اللجوء إلى تمويل إنشاء مرافق إنتاج في الخارج.

وخلصت إلى أنه "على الحكومة أن تشجع الاستثمارات، وأن تدعم التوسع في تطوير البنية التحتية، لأننا نريد أن تبقى ألمانيا بلدا يتميز بقطاع صناعة السيارات، وموقعا تجاريا قويا، ذا قيمة مضافة عالية، وبفرص عمل آمنة".

وفي السياق، قال رئيس قسم معهد سوق العمل والبحوث المهنية التابع لوكالة التوظيف الفيدرالية أنزو فيبر، مع الصحيفة عينها، إن "أي شخص يسمع حاليا الأخبار من الشركات الكبرى يتكون لديه انطباع بأننا في خضم موجة من تسريح العمال. والواقع، أن التحولات الوظيفية وانكماش الاقتصاد أدت إلى تزايد أعداد العمال الذين خسروا وظائفهم نهاية العام الماضي، إلا أنه أوضح بأن المعدلات لا تزال عند مستويات مقبولة".

وأشار إلى أن التحدي الحقيقي ليس في تسريح العمال، لكن في التحول الاقتصادي العميق، مبينا أنه "في حالة تراجع إنتاج محركات الاحتراق مثلا، فإن الأمر يقتضي أن نكون قادرين على تطوير العاملين في المجالات ذات الصلة، مثل تكنولوجيا المعلومات وتحول الطاقة وصناعة الاستشارات".

وتجدر الإشارة إلى أن التقرير السنوي للحكومة الفيدرالية الذي عرضه الأسبوع الماضي وزير الاقتصاد الاتحادي روبرت هابيك خفّض بشكل كبير توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 من 1.3% إلى 0.2%، وهذا ما سيشكل أساسا واضحا لمرحلة انكماش اقتصادي لعامين متتاليين للمرة الثانية فقط في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية.

المساهمون