أفغانستان تصدر النفط فما تداعيات ذلك على اقتصادها؟

14 يونيو 2024
محطة وقود في كابول، 24 فبراير2024 (شام مارا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاقتصاد الأفغاني يشهد تحولاً إيجابياً بفضل استخراج وبيع النفط، مما يعزز قيمة العملة، يخفض التضخم، ويخلق فرص عمل جديدة لتقليل البطالة.
- استثمارات في البنية التحتية وتنويع التجارة مع الإصلاحات المالية تعد ضرورية لاستمرار الانتعاش الاقتصادي، بما في ذلك مشاريع مثل خط أنابيب TAPI واستخراج النحاس.
- النفط والمعادن يقدمان فرصاً لإعادة بناء البنية التحتية وجذب الاستثمارات، مما يدل على تحسن الثقة بالاقتصاد الأفغاني ويعد بمستقبل أكثر إشراقاً للبلاد.

يتوقع خبراء أن يشهد الاقتصاد الأفغاني الصغير، الذي يقدر حجمه بنحو 14.7 مليار دولار، تحولات إيجابية كبيرة بعد استخراج النفط وبيع كميات منه بقيمة 81 مليون دولار في 10 أيام. ويتوقع هؤلاء أن تنعكس مبيعات النفط إيجاباً على سعر صرف العملة الأفغانية "أفغاني" التي تراوح حالياً بين 70 و74 أفغانياً للدولار، وأن يتراجع معدل التضخم، وأن يساهم النفط في توفير فرص العمل وبالتالي تقليل معدل البطالة المرتفع في البلاد. ويقول تحليل بموقع "ساوث أشيان فويسس"، يوم الأربعاء، إن الانتعاش الاقتصادي في أفغانستان يتوقف على الاستثمارات الاستراتيجية في البنية الأساسية، وتنويع التجارة، والإصلاحات المالية. ومن المتوقع أن يساهم استخراج النفط بكميات تجارية في تمويل الإنفاق في البنية الأساسية التي دمرتها الحرب وجذب الاستثمارات الخارجية.

ويقول التحليل: "بالتالي، يتعين على حكومة طالبان أن تعطي الأولوية لمشاريع مثل خط أنابيب TAPI، واستخراج النحاس في عيناك، وهي مشاريع يمكن أن تفتح فرص نمو جديدة، وتخلق فرص العمل، وتعزز الاتصال الإقليمي لتحقيق النمو الاقتصادي بالبلاد". كما يرى التحليل أن معالجة القيود المصرفية وتعزيز الشفافية المالية أمر ضروري لإعادة بناء الثقة وجذب الاستثمار إلى البلاد. ولاحظت تقارير غربية أن التضخم في أفغانستان تراجع، خلال العام الحالي، من 26% في يونيو/ حزيران 2022 إلى 13.8% في مارس/آذار 2024. وبالتالي، فإن مستوى معيشة المواطنين يتجه إلى التحسن خلال الأعوام المقبلة.

وحول التحولات المرتقب أن يحدثها استخراج النفط، يقول الخبير الاقتصادي الأفغاني معاذ الله جمال زاده، لـ"العربي الجديد"، إن استخراج النفط وبيعه سيكون له تأثير كبير على الوضع الاقتصادي بشكل عام، لأن مبيعات النفط ستنعكس على الوضع المعيشي في البلاد، فالشركات المحلية الكبيرة التي كانت تستثمر في الخارج، ربما يدفعها للعودة والاستثمار في داخل أفغانستان. كما سيساهم في توظيف أعداد كبيرة من الناس وسيخفض البطالة ويزيد من دخل الأسر.

ويوضح زاده أن العملة الأفغانية لا بد أن ترتفع قيمتها مقابل الدولار؛ لأن الشركات عندما تشتري النفط تشتريه بالعملة الأفغانية، وبالتالي سيرتفع الطلب على العملة " أفغاني"، وهو ما سيرفع من سعر صرف العملة المحلية. ويرى أن ارتفاع قيمة العملة سيقود تلقائياً إلى تراجع الأسعار، لا سيما أن رقابة حكومة طالبان قوية جداً على الأسواق، فهي لا تترك التجار يعبثون بالأسعار من أجل مصالحهم. ووفق الخبير الاقتصادي، فإن الشركات المحلية التي تشتري الآن النفط والأحجار الكريمة وغيرها من المعادن لها شراكات مع شركات أجنبية؛ لديها استثمارات في أفغانستان. ويقول إن الكثير من الشركات الأفغانية الكبيرة كانت تستثمر في الإمارات وتركيا ودول العالم المختلفة، والآن كل تلك الشركات بدأت تستثمر في أفغانستان، خاصة أن حكومة طالبان توفر للمستثمرين الأراضي والتراخيص والأمن والحراسة، كما تخفض الضرائب للمستثمر. وبالتالي، يرى أن هناك فرصاً كبيرة جداً في أفغانستان، لا سيما بعد استخراج النفط وفرص الاستثمار بالمعادن.

كذلك، يقول المحلل الاقتصادي والأستاذ الجامعي محمد نعيم عبد الستار في تعليق له على مبيعات النفط، لـ"العربي الجديد"، إن من الآثار الايجابية لبيع النفط توفير العملة الصعبة في أفغانستان، فعندما تعلن طالبان أنها باعت نفطاً بـ81 مليون دولار خلال عشرة أيام، فهذا يعني أن تلك الاموال دخلت إلى الأسواق الأفغانية، ومن الطبيعي أن ترتفع قيمة العملة الأفغانية. ويشير عبد الستار إلى أن طالبان أكدت أن 15 في المئة من احتياجات البلاد من النفط سيجرى توفيرها من الحقول الأفغانية، ما يعني أن أسعار النفط والوقود سوف تنخفض في البلاد. ويذكر أن حكومة طالبان استثمرت في تعبيد الطرق الرئيسية المؤدية إلى تلك الحقول وإلى المناطق التي يتوقع أن تكون فيها الحقول حيث عملت على حفر الآبار، واستثمرت في الطرق وتشييد المباني التي يشتغل فيها آلاف الأفغان. كذلك، من المتوقع أن يساعد النفط في خفض عجز الميزانية. وكانت ميزانية أفغانستان قبل طالبان تعتمد على الدعم الأجنبي. وحاول الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني أن تشكل مصادر الدخل المحلية جزءاً من الميزانية، وفشل في ذلك، لكن طالبان تمكنت ولأول مرة من تمويل نفقات الميزانية من الدخل المحلي، وفق الخبير عبد الستار.

وتحتاج أفغانستان بسبب الحرب خلال العقود الأربعة الماضية إلى ميزانية خاصة لتطوير البنى الأساسية. ومن المتوقع أن يسهم استخراج النفط، ولاحقاً ربما المعادن، في إعادة بناء دمار الحرب في أفغانستان. من جانبه، يقول التاجر الأفغاني محمد يونس عزيزي لـ"العربي الجديد": "أنا تاجر عادي لا أعرف القواعد ولا أصول الاقتصاد، لكني أقول من خلال تجربتي وما أشاهد، أن مستقبل أفغانستان زاهر جداً، نرى أن حكومة طالبان تعمل بجد وتسمع للتجار، وتوفر الأمن وفرص العمل". وبالتالي هذا يشجع شريحة كبيرة من التجار الأفغان وغير الأفغان على أن يستثمروا في أفغانستان عندما ينظرون إلى التطورات الإيجابية الخاصة بمبيعات النفط.

المساهمون