سجل مجموع الإيرادات في ليبيا في العام 2021 أعلى معدل في تاريخ ليبيا عند 105 مليارات دينار ليبي (23.6 مليار دولار)، في مقابل نفقات بنحو 86 ملياراً (19.3 مليار دولار)، بفائض مالي قدره 19.7 ملياراً.
ووفق التقرير السنوي لسنة 2021، الذي نشره ديوان المحاسبة يوم أمس الأربعاء ، فقد ارتفعت إيرادات العام الماضي عن سنة 2020 التي لم تتجاوز إيرادات الموارد السيادية فيها 25 مليار دينار، فيما ناهزت سنة 2019 مبلغ 59 ملياراً (الدولار الواحد يساوي 4.45 دنانير).
ولفت التقرير إلى أن إيرادات 2021 تعادل نسبة 176% و418% في مقارنة مع عامي 2019، 2020، لافتا إلى أن هذه الزيادة في الإيرادات "لم تتحقق نتيجة نمو في الدخل"، بسبب قيام مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي "بتخفيض قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية سنة 2021"، لتصبح قيمة الدينار مقابل الدولار 4.4548 منذ مطلع السنة.
وبلغت إيرادات الدولة النفطية بالعملة الأجنبية للعام 2021 نحو 22.9 مليار دولار، تم إيداعها في حسابات الدولة بمصرف ليبيا المركزي. وفي المقابل، بلغت التحويلات التي قام بها البنك المركزي خلال نفس العام 24.5 مليار دولار، أي بعجز قدره 1.6 مليار دولار استعملت من الاحتياطات.
واعتبر التقرير في ذلك إشارة لارتفاع الطلب على النقد الأجنبي، بما يفوق إيرادات الدولة، في ظل سعر الصرف الحالي، والبالغ 4.59 دنانير مقابل الدولار.
وكشف الديوان عن تأثر الموارد المالية سلبا خلال السنوات التي تعرضت فيها الدولة لحالات إقفال قسري للحقول والموانئ النفطية، والتي تسببت في عجوزات مالية بالميزانية، أدت إلى تنامي الدين العام الذي ارتفع رصيده التراكمي نهاية العام 2020 بنحو 84 مليار دينار، كما أدى الإقفال لعجز بميزان المدفوعات، والتي ترتب عليه استنزاف للاحتياجات بنحو 50 مليار دينار حتى نهاية 2021.
وبالعودة لإيرادات 2021، فقد تحقق جلها من الإيرادات النفطية، بواقع 103,369 مليارات دينار، فيما توزع الباقي بين الإيرادات السيادية الأخرى، وجزء بسيط من الإيرادات العارضة.
وفيما يخص النفقات في العام ذاته، جاءت المرتبات أولا كالعادة، بواقع 33 مليار دينار، تلاها باب الدعم بـ20.9 مليارا، بينما شهد باب التنمية ارتفاعا عن السابق بنحو 17.4 ملياراً. وأنفق على باب الطوارئ 6.5 مليارات، وفاقته المصروفات العمومية بـ8 مليارات.
وكشف ديوان المحاسبة عن "انحراف جسيم أدى لتشوه البيانات العامة المركزية اللازمة، وإظهار إيرادات الدولة ونفقاتها على غير حقيقتها"، وتجسد ذلك في تصرفات فردية لمؤسسة النفط، قامت خلالها بتصدير شحنات نفط دون جباية إيراداتها، واستبدالها بشحنات محروقات خارج الموازنة العامة، بقيمة تجاوزت 16 مليار دينار، ودون الإفصاح عن ذلك لوزارة المالية.
كما قامت بتأجيل تحصيل قيمة ضرائب وإتاوات على الشركات الأجنبية بقيمة 10.4 مليارات دينار، كان من المفترض أن تكون ضمن إيرادات 2021. وبالخصوص، نشر الديوان جداول بيانات تبين الموقف المالي الحقيقي وصلت فيها جملة الإيرادات إلى 122 مليار دينار، وتمت فيها تسوية باب دعم المحروقات بقيمة 37.4 ملياراً.
وحذر التقرير من أن مثل هذا التشوه يؤدي للتضليل عند اتخاذ الاستراتيجيات، مثل إعداد تقديرات موازنة السنوات القادمة بأقل انحراف، ورسم السياسات المالية للدولة، وعلى الأخص ما يتعلق بالإنفاق الحكومي، وتحديد أولويات وسياسات الدعم، ناهيك عن إجراءات إقفال الحساب الختامي للدولة وفق أرقامه الصحيحة.