أضرار أعمق للسياحة والتجارة في الأردن حال اندلاع حرب إقليمية

13 أكتوبر 2024
مسيرة حاشدة في العاصمة الأردنية نصرة للبنان وغزة (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الاقتصاد الأردني تحديات كبيرة بسبب الاضطرابات الإقليمية، مثل العدوان الإسرائيلي، مما أثر على الإيرادات وقطاعات حيوية كالسياحة والتجارة والاستثمار، مع توقعات بارتفاع تكاليف الشحن البحري وتأثيرها على تنافسية الصادرات.

- تأثرت حركة الملاحة الجوية نتيجة الصراعات، مما أثر على نقل المسافرين، ورغم الجهود الحكومية للحفاظ على سلاسل التوريد، تستمر التحديات الاقتصادية مع توقعات بتراجع السياحة والاستثمارات الأجنبية.

- يواجه الأردن تحديات إضافية كارتفاع المديونية والبطالة والفقر، مع أعباء استضافة اللاجئين السوريين، وتوقعات بارتفاع الأسعار عالمياً، مما يتطلب تعاوناً حكومياً مع القطاع الخاص لضمان استقرار الإمدادات.

يبدو أن الأوضاع الاقتصادية في الأردن مرشحة للبقاء في دائرة التباطؤ خلال الفترة المقبلة، نتيجة لتعمق الاضطرابات والعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وتزايد احتمالات توسع الصراع ونشوب حرب كبرى في المنطقة تنذر بعواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي عامة واقتصاديات بلدان الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

وقد ألقى العدوان الإسرائيلي على لبنان بآثار سلبية مباشرة على الاقتصاد الأردني ستزيد معاناته وتضاف إلى الأعباء التي عانى وما زال يعانيها بسبب الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2023، وأدت إلى تراجع الإيرادات وسط انخفاض حاد في أداء قطاعات أساسية رافدة للنمو والخزينة، خاصة السياحة والتجارة والاستثمار.

ويتوقع خبراء اقتصاد أن تكون سلاسل التوريد وحركة التجارة الخارجية من أكثر القطاعات التي ستتأثّر بتوسع دائرة الحرب، إضافة إلى ارتفاع أجور الشحن البحري إلى مستويات جديدة ستزيد كلف السلع الموردة من مناشئ مختلفة والحد من تنافسية الصادرات الوطنية في الأسواق الخارجية.

كما تأثرت حركة الملاحة الجوية من وإلى الأردن كثيراً، بسبب تصاعد حدة الصراع وإغلاق الأجواء الأردنية عدة مرات بسبب الضربات الصاروخية التي وجهتها إيران إلى الكيان المحتل وكذلك الحال في ما يخص بلداناً أخرى مثل العراق والإمارات وتركيا التي أوقفت حركة الطيران عدة مرات واستمرت لبضعة أيام ما أثر على حركة نقل المسافرين من وإلى الأراضي الأردنية.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إنه رغم أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي وبعضها معمول به إلى الآن لانتظام عمل سلاسل التوريد والمحافظة على المخزون الغذائي وإدامة حركة الواردات والصادرات والحد ما أمكن من التداعيات على الاقتصاد الأردني، إلا أن ارتدادات سلبية أخرى للعدوان الإسرائيلي ستظهر جلياً خلال الفترة المقبلة، ومن ذلك مزيد من تراجع الحركة السياحية وضعف الاستثمارات وربما ارتفاعات جديدة على أجور الشحن نظراً لارتفاع عامل المخاطر، لا سيما في حال تنفيذ سلطات الاحتلال لتهديداتها بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران والتداعيات اللاحقة لها.

وأضاف عايش أن الحركة السياحية كانت قد شهدت تراجعاً بنسبة وصلت إلى 70% في الأشهر الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة بحسب بيانات رسمية، ثم عاودت التحسن خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن الآن وبسبب العدوان على لبنان واستمرار العدوان على غزة والضفة الغربية والمواجهة المحتملة بين إسرائيل وإيران سيعاود النشاط السياحي الانخفاض، مشيراً إلى أن السياح في حالة عزوف أصلاً عن المنطقة والتحذيرات المتوالية التي تطلقها مختلف البلدان للطلب من رعاياه العودة إلى مواطنهم تفادياً للمخاطر.

وأشار إلى أن حركة الاسثتمارات الأجنبية ستشهد أيضاً مزيداً من التراجع في انتظار تطورات الأوضاع، وهنالك مشاريع كبرى في كل المنطقة متوقفة وأخرى قلقة، وتولدت حالة جديدة من الخوف لدى المستثمرين من الإقبال على الاستثمار في الشرق الأوسط، رغم الفرص الاستثمارية الجاذبة في مختلف القطاعات والمنافسة الشديدة بين البلدان على استقطاب الاستثمارات.

ووفق تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في وقت سابق من الشهر الجاري، فإن استمرار الصراع واتساع نطاقه يؤثر بشكل أكبر مما كان متوقعاً على الاقتصاد الأردني. وتأثرت إيرادات الحكومة بحسب الصندوق هذا العام بسبب ضعف الطلب المحلي بالإضافة إلى انخفاض حاد في أسعار السلع المصدرة الرئيسية أكثر مما كان متوقعاً، وقد اتخذت السلطات إجراءات قوية لتعويض النقص في الإيرادات للحد من عجز ميزانية الحكومة المركزية هذا العام.

ويواجه الأردن ارتفاع أعباء المديونية بشقيها الداخلي والخارجي التي لامست 60 مليار دولار والبطالة التي ما زالت فوق 21% والفقر وارتفاع عجز الموازنة العامة لأكثر من 2.5 مليار دولار قبل احتساب المنح الخارجية، وكذلك أعباء استضافة 1.3 مليون لاجئ سوري والحاجة إلى تنفيذ مشروعات بنى تحتية وأساسية بخاصة في قطاعات الصحة والمياه والنقل.

وقال عضو غرفة تجارة عمان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع المحيطة والعدوان على غزة ولبنان والتطورات المرتقبة ألقت بتداعيات سلبية على القطاعات التجارية المختلفة، حيث تراجع الطلب بشكل واضح، ولا سيما محلات الألبسة والحلويات والصالات وأماكن الترفيه.

وأضاف ديرانية أن سلاسل التوريد لمختلف السلع خاصة الغذائية تعمل كالمعتاد وعزز ذلك الإجراءات التي تم اتخاذها منذ العدوان على غزة، لكن التوقعات تشير إلى معضلات اقتصادية ستواجه كل المنطقة خلال الفترة المقبلة خاصة مع احتمالات تصاعد الاضطرابات في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب وارتفاع أجور الشحن وتحول خطوط بحرية مع نذر بارتفاعات الأسعار عالمياً لبعض السلع.

ولفت إلى أن هناك عملاً متواصلاً بشراكة حكومية مع القطاع الخاص للتحوط عبر تدبير أكبر كميات ممكنة من السلع الموردة من الخارج والمنتجة محلياً تحسباً لتفادي أي اختلالات في سلاسل التوريد وارتفاعات للأسعار وأجور الشحن. ووفقاً لبيانات رسمية يحتفظ الأردن بمخزون كاف من مادة القمح التي تقوم الحكومة بتأمينها لتغطية الاستهلاك المحلي المقدر شهرياً بحوالي 90 ألف طن حيث تكفي الكميات المتوفرة حالياً حاجة البلاد لمدة 10 أشهر، إضافة إلى مخزون كاف من مادة الشعير المخصصة للثروة الحيوانية وبيعها بسعر مدعوم لبعض مزارع المواشي المنتجة للحوم.

المساهمون