عادت أفران تونس، اليوم الخميس، إلى عملها العادي بعد التوصل إلى اتفاق مع الحكومة تم بموجبه رفع الإضراب المفتوح الذي بدأه المهنيون أمس الأربعاء احتجاجا على تأخر صرف مستحقات لهم بقيمة 250 مليون دينار (ما يعادل 70 مليون دولار).
وتوصلت الغرفة المهنية لأصحاب المخابز إلى اتفاق مع وزارة التجارة يقضي بصرف مستحقاتهم عن عام 2021 على دفعتين في انتظار صرف الدفعات المتبقية عن العام 2022.
وأمس الأربعاء، أغلقت الأفران التي تستعمل الدقيق المدعم أبوابها في كل محافظات البلاد بينما تجمّع المهنيون في مقر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية معلنين رفض العودة إلى العمل في الأفران إلى حين إيجاد حلول تنهي أزمة ديونهم لدى الدولة التي تستمر منذ ما يزيد عن السنة.
مد السوق بالخبز
وقال رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز محمد بوعنان إن المهنيين قبلوا باتفاق الحد الأدنى تجنّباً لتواصل وقف تزويد السوق بمادة الخبز الحيوية، مؤكدا أن الحكومة تعهدت بصرف قسط أولي في حدود 70 مليون دينار.
وأكد بوعنان في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الأفران تقوم بدور اجتماعي كبير في توفير الخبز المخصص للاستهلاك الأسري وللمطاعم، مشيراً إلى أن المفاوضات حول باقي المستحقات المالية للمهنيين تأجلت إلى شهر يناير/كانون الثاني 2023 بعد المصادقة على موازنة الدولة للعام الجديد.
وأفاد رئيس الغرفة بأن المهنيين وافقوا على رفع الإضراب رغم عدم اقتناعهم بالحلول التي اقترحتها الحكومة تجنّبا لمزيد من الاحتقان الاجتماعي، مؤكدا أن خدمة الأفران اجتماعية بالأساس رغم ضعف العائد الذي يحصل عليه الخبازون
وأشار أيضاً إلى أن الإضراب تسبب في انقطاع أجرة نحو 350 ألف عامل في المخابز يوم أمس يتقاضون رواتبهم بالمياومة.
وأضاف أن 3500 مخبز في كامل محافظات البلاد توفر نحو 350 ألف موطن شغل بمعدل 10 عمال في كل مخبز، وهو ما يبرز الدور الاقتصادي والاجتماعي لهذا القطاع، مشيراً إلى أن قسط المستحقات الذي ستصرفه الحكومة سيساعد أصحاب المخابز على سداد فواتير الكهرباء والغاز والضمان الاجتماعي، وأعتبر أن هذه الأموال ستعود إلى الدولة بشكل أو بآخر.
ارتفاع الأسعار
وتسبب توقف العمل في الأفران المصنفة (تحصل على الدقيق المدعم)، أمس الأربعاء، في انقطاع الخبز في المحلات والبقالات إلى جانب ارتفاع الطلب على الخبز غير المدعم الذي تبيعه الأفران غير المصنفة بثلاثة أضعاف سعر الخبز المدعم.
وتصنع الأفران التونسية يوميا 6.7 ملايين ربطة خبز، منها 3.9 ملايين كبيرة الحجم (مدعمة) و2.7 مليون "باقات" (الخبز الأقل حجما). ويبلغ السعر الحقيقي للخبز الكبير من دون دعم 465 مليما للخبزة الواحدة (دعم في حدود 235 مليما)، وتباع للعموم بسعر 230 مليما، فيما تباع الباقات (الخبز الصغير) للعموم بـ190 مليماً بدعم في حدود 84 مليماً، أي أن سعرها الحقيقي يعادل 274 مليما.
وتورد تونس 80 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يجعل كل 4 أرغفة خبز موردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي بينما واردات البلاد من القمح وحدها أكثر من 51 بالمائة من الواردات الغذائية.
ويخضع الخبز في تونس للتسعير الحكومي بالنسبة للمخابز التي تتمتع بالدقيق المدعم، فيما تبيع الأفران التي تعتمد على الشراء المباشر للدقيق من المطاحن على الأسعار المحررة، غير أنها أطلقت عنان الزيادات في أثمان الأصناف الأساسية، ما تسبب في فوضى أسعار تزيد من صعوبات العيش لدى عموم المواطنين.