تواجه الأسواق الليبية ندرة كبيرة في بعض السلع الغذائية، خلال الفترة الأخيرة، إذ أصبح الحصول على قنينة زيت الطعام أو كيس دقيق في البلد الغني بالنفط من المستحيلات بالعديد من المناطق.
ويأتي ذلك في ظل موجات غلاء متتالية ضربت الأسواق المحلية، ما فاقم من معيشة المواطنين.
وفي هذا السياق، يقول المواطن مروان المسعودي لـ"العربي الجديد" إنه يشعر بالسعادة لأمرين؛ الحصول على سلع أساسية من زيت وشاي وسكر ومكرونة وسميد من سوق جملة الجملة، أو توفر السيولة في المصارف وهما أمران لا يلتقيان بسهولة.
وأصبحت ندرة السلع في أسواق ليبيا مشهداً مألوفاً لدى المستهلكين، فمنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا تختفي منتجات عديدة من الأسواق، وسط غياب حكومي، سواء فيما يتعلق برقابة الأسواق أو توفير السلع في ظل تراجع حاد بالمخزون الاستراتيجي من الغذاء.
ويقول عبد الناصر الغناي، وهو مورد قمح، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك نقصاً في سلعة الدقيق لذلك ارتفع سعره في الأسواق، مشيراً إلى أنّ المخزون المتوفر في القطاع الخاص لا يكفي شهراً والأسعار في تصاعد مستمر.
من جانبه، يشير شهاب المقاطي، وهو صاحب مخبز، وسط العاصمة طرابلس، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تسعيرة رغيف الخبز وصلت إلى نصف دينار نظراً لنقص الدقيق وارتفاع المكونات الداخلة في صناعته من زيوت وسكر وخميرة. ويقول إنّ سعر رغيف الخبز سوف يذهب إلى دينار في حالة استمرار نقص الدقيق وارتفاع سعره.
يضيف: "هناك صعوبة في الحصول على وقود ديزل لغرض تشغيل المخبز أو المولد الكهربائي مع الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي لفترات طويلة".
من جهته، يقول وليد التاجوري، وهو صاحب سوبرماركت، إنّ هناك نقصاً في السلع الأساسية من أسواق الجملة، تحديداً الزيت والسكر. ويتابع: "هناك طلب متزايد على هذه السلع مع محدودية العرض".
وبالتوازي مع أحوال السوق يؤكد مصرف ليبيا المركزي بطرابلس في بيانات عدة أنّ قيمة الاعتمادات المستندية لشهر يونيو/ حزيران الماضي وصولاً إلى 25 يوليو/ تموز الماضي بلغت 29.28 مليون دولار لتوريد الزيوت النباتية وعباد الشمس و17 مليون دولار لتوريد القمح للشركات المطاحن العامة والخاصة.
ويعاني الليبيون من أوضاع اقتصادية صعبة. وفي مطلع يوليو، اندلعت تظاهرات احتجاجاً على الظروف المعيشية السيئة والفوضى السياسية وأزمة انقطاع التيار الكهربائي.
يشير شهاب المقاطي، وهو صاحب مخبز، وسط العاصمة طرابلس، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تسعيرة رغيف الخبز وصلت إلى نصف دينار نظراً لنقص الدقيق وارتفاع المكونات الداخلة في صناعته
ويؤكد محللو اقتصاد لـ"العربي الجديد" أنّ بيانات الحكومة بشأن بلوغ معدلات التضخم 4.9% خلال الربع الأول من العام تأتي معاكسة للواقع. وفي هذا الإطار، يقول أستاذ الاقتصاد الجامعي، أحمد المبروك، لـ"العربي الجديد"، إنّ معدل تضخم "أسعار المستهلكين يبلغ نحو 27% على الأقل، لأنّ هناك تضخماً مستورداً (من السلع المستوردة)، مع انخفاض القدرة الشرائية للدينار وتراكم معدلات التضخم منذ عام 2017".
من جانبه، يؤكد المحلل الاقتصادي محمد الشيباني لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة لم توفر الغداء على وقع الحرب الأوكرانية الروسية، بل حتى البنزين وقع فيه عجز كبير.
يضيف أنّ الحكومة وعدت بتأسيس هيئة حبوب تنظر تخصيص الأموال لها عبر موازنة بين حكومتين، موضحاً أنّ التضخم من أكبر مُنغصات مستويات المعيشة ومن أبرز آليات الفقر وسحق الطبقات الدُّنيا من الدخل.
وتفاقمت معيشة الليبيين في ظل تصاعد الانقسام السياسي لقيام حكومتين متنافستين؛ الأولى معترف بها دولياً في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام يرأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلّا لحكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيّنها البرلمان في فبراير/ شباط الماضي ومنحها ثقته في مارس/ آذار وتتخذ من سرت (وسط) مقراً مؤقتاً لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.