"الأسواق مليئة بالمواطنين مع اقتراب عيد الفطر.. كأننا نعيش في بلد خالٍ من الحرب والأوجاع"، هذه كلمات أم عبد الله، ربة بيت في تعز، أكثر محافظات اليمن سكاناً (جنوب غرب)، تعليقاً على حركة السوق مع اقتراب عيد الفطر.
ورغم أوجاع الحرب التي أدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، يصرّ العديد من اليمنيين على مواصلة الأمل كسلاح فعال يقاوم آلام الصراع المستمر منذ نحو سبع سنوات.
ويحل عيد الفطر السابع على اليمنيين في ظل حرب وتوترات أمنية حادة، أوجدت أزمات إنسانية واجتماعية واقتصادية، أضعفت قدرة البلاد على الإيفاء بالتزاماتها.
تفيد أم عبد الله، بأن هناك "إصراراً من قبل الكثيرين على صنع فرحة العيد رغم الظروف الصعبة التي تعانيها معظم الأسر اليمنية"، مضيفة أننا "نخرج إلى بعض الأسواق هذه الأيام، وقد لا نستطيع التحرك بشكل سلس، بسبب ازدحام المواطنين الذين يشترون الملابس واحتياجات العيد، رغم الغلاء الجنوني في الأسعار".
تشبث بالحياة
يقول عمر صالح، وهو موظف في القطاع الخاص، ويقيم في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إنه "بعد سنوات من الحرب يتشبث المواطن بالحياة، رغم الظروف القاتلة التي تعانيها البلاد".
ويضيف صالح: "هنا تجد الأسواق ممتلئة بالمستهلكين.. نشهد ازدحاماً غير مسبوق، والكل يسعى إلى إدخال الفرحة لأسرته ونسيان كل المآسي والأحزان التي لم تسلم منها الغالبية العظمى".
ويتابع صالح الذي لديه طفلان: "تجد الأم والأب يتنقلان من سوق إلى آخر لعلهما يجدان لأولادهما ملابس بأسعار مناسبة، لكنهما يُصدَمان بجشع التجار والغلاء الفاحش الذي لم تشهده أسواق صنعاء من قبل"، مشيراً إلى أن "الأب يكتفي بشراء ثوب واحد لكل طفل من أطفاله يتجاوز سعره 7 آلاف ريال (حوالى 12 دولاراً) على أقل تقدير، في سبيل صنع الفرحة في عيد الفطر المبارك".
وأدى ارتفاع نسب البطالة والفقر، وتراجع فرص العمل، إلى عدم قدرة المواطنين على توفير السيولة، فيما مبلغ 12 دولاراً في سوق كاليمن يعتبر مرتفعاً مقارنة بالأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد.
ويلفت صالح إلى أنه في المقابل "تجد شريحة داخل المجتمع تشتري ملابس فاخرة بأغلى الأثمان، وتشتري كل ما لذ وطاب من السوق وتعيش في حالة بذخ وتعالٍ ليس له مثيل، وهذه الشريحة لا تتمنى توقف الحرب، فمن خلالها وصلت إلى ما هي عليه الآن".
غلاء الأسعار
يأتي استقبال اليمنيين لعيد الفطر، في ظل ارتفاع غير مسبوق لأسعار مختلف السلع، وخصوصاً في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية، بسبب انهيار سعر صرف العملة المحلية.
ويُصرَف الدولار الواحد هذه الأيام بنحو 900 ريال في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة، فيما سعره في المحافظات الخاضعة للحوثيين 600 ريال.
وقد كان الدولار الواحد يُصرَف قبل اندلاع الحرب بنحو 215 ريالاً، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار أربعة أضعاف.
تقول الكاتبة اليمنية المهتمة بالشؤون الاجتماعية، افتخار عبده، إن عيد الفطر يأتي في ظل شكاوى غير مسبوقة من قبل معظم السكان من ارتفاع الأسعار.
وتضيف: "أصبح الوضع مأساوياً بشكل لا يصدق بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية لمعظم السكان.. لكن هذا لم يمنع كثيراً من اليمنيين من الكفاح الدؤوب في سبيل صنع فرحة عيد الفطر المبارك".
وتردف: "من خلال متابعتي للواقع اليمني، وجدت الكثير من الناس يبتسمون وفي قلوبهم ألف غصة. يكافحون باستمرار من أجل العيش مع فرحة العيد"، مشيرة إلى أن " الكثير من السكان يتزاحمون في الأسواق، لشراء الملابس واحتياجات العيد، كل على قدر دخله وقدرته المادية".
وأكدت أن "الشعب اليمني الصبور يثبت يوماً بعد آخر أنه عصي على الانكسار، فكلما اتسعت أوجاع الحرب، تجد الكثير من الناس يتصدون لها بكل قوة، ولا ينسون أعيادهم الدينية وأفراحهم التي يصنعونها رغماً عن آلام الصراع".
ويشهد اليمن حرباً منذ نحو سبع سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياءً، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
ويزيد من تعقيدات النزاع أن له امتدادات إقليمية؛ فمنذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.
(الأناضول)