أسواق الدانا السورية تزدهر.. بضائع وفيرة وإقبال كبير على الشراء

15 ديسمبر 2024
يتوافد الزبائن إلى أسواق مدينة الدانا من عدة مدن، إدلب في 13 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ازدهار تجاري: تحولت مدينة الدانا إلى مركز تجاري كبير في شمال غرب سوريا بفضل قربها من الحدود التركية وتوافر البضائع المستوردة، مما جعلها وجهة للزبائن من مختلف المناطق السورية بعد سقوط بشار الأسد.

- التأثير الاقتصادي والاجتماعي: رغم القصف الروسي، نجت سرمدا القريبة نسبياً بفضل موقعها، وازدهرت اقتصادياً منذ 2011 عندما جمدت دمشق الواردات التركية، مما جذب الزبائن من مدن سورية متعددة.

- تغيرات في نمط الحياة: يلاحظ الزبائن التباين بين الحياة في حلب والدانا، حيث تعكس الأخيرة حيوية وازدهاراً مع توفر السلع واستيراد السيارات بأسعار معقولة.

في معقل المعارضة في شمال غرب سورية، يتوافد الزبائن إلى المتاجر التي تقدّم مروحة واسعة من البضائع المستوردة من الجارة التركية. وعلى مسافة أربعين كيلومتراً من شرق حلب في منطقة كانت معزولة عن بقية البلد حتّى سقوط بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، تحوّلت مدينة الدانا القريبة من سرمدا في محافظة إدلب إلى مركز تجاري كبير بفضل قربها من الحدود التركية.

وتنتشر الماركات التركية المعروفة في مجالات مختلفة، من المواد الغذائية إلى الملابس مروراً بالأدوات الكهربائية والأثاث، في الشارع الرئيسي، وتغصّ بها المراكز التجارية الأربعة. وتدفع المشتريات إما بالليرة التركية وإما، في حالات نادرة، بالدولار.

وتقول عيشة داركالت، ربّة المنزل البالغة 54 عاماً، التي أتت مع عائلتها للتبضّع: "لم أر بضائع بهذه الكميّة منذ مدة طويلة جدّاً. ولم يعد يدري الأطفال أين يوجّهون الأنظار... ولم نكن نتصوّر أن كلّ ذلك موجود على مسافة جدّ قريبة منا، فنحن لم نعد نخرج من حلب". بعد 13 عاماً من الحرمان، وفي حين ما زالت حلب غارقة في العتمة مع أقلّ من ثلاث ساعات من الكهرباء في اليوم الواحد، تجذب المحال التجارية في الدانا الزبائن بأضوائها وزينتها البرّاقة وسلالمها الكهربائية.

وفي حين كانت حلب، ثاني أكبر مدن سورية وعاصمتها الاقتصادية قبل اندلاع النزاع المدمّر في 2011، تغرق في الفقر بفعل الحرب، وكانت بقية البلد ترزح تحت وطأة جشع دوائر الأسد التي أثقلت كاهلها بالضرائب والإتاوات والاستلاب، كانت سرمدا تزدهر من جهتها.

حمى الشراء من أسواق مدينة الدانا

وخلافا لإدلب معقل المعارضة السورية التي بقي الطيران الروسي يقصفها حتّى مطلع ديسمبر، سلمت سرمدا نسبياً من القصف لقربها من الحدود التركية. وفي العام 2021، أشار مركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى أن هذا النموّ بدأ مع بداية الحرب سنة 2011 إثر القطيعة بين دمشق وأنقرة بعدما جمّد بشار الأسد الواردات التركية.

أسواق سورية، إدلب في 13 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
يتجول الزبائن بين المحال داخل المركز التجاري لشراء مستلزماتهم (فرانس برس)

غير أن رجال الأعمال المحليين الذين تكتموا على المبادلات التجارية العابرة للحدود استفادوا من تدفّق اللاجئين، فتحوّلت المدينة الصغيرة التي تضمّ 15 ألف نسمة إلى مركز تجاري مزدهر لم تقوّض نموّه المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام. لكن تعذّر على بقيّة سكان البلد الوصول إليها. وبعد انتهاء "الأحداث" بحسب التوصيف المحلي، يتوافد إليها الزبائن من حلب خصوصاً، وأيضاً من حمص وحماة وحتّى دمشق. 

وفيما يجول الزبائن بين المتاجر وقد استولت عليهم حمى الشراء كما هي الحال عادة في موسم أعياد نهاية السنة، يقول ماهر الأحمد (42 عاماً)، صاحب متجر للأدوات الكهربائية المنزلية والموكيت: "فوجئ الناس إذ كانوا يعتقدون أننا نعيش في مكان خطر ينتشر فيه المجرمون. وعندما وصلوا، رأوا أن لدينا كهرباء وكلّ ما يحتاجون إليه".

عودة الحياة إلى سابق عهدها

ويقول عماد فارس (40 عاما) الذي يقيم في الدانا منذ ثلاث سنوات بعدما ترك بلدته معرة النعمان المدمّرة: "تبدو ملامح البؤس والتعب على القادمين من حلب، ونحن نرى من وجوههم أنهم كانوا يعيشون في سجن". هي بوادر عودة "الحياة إلى سابق عهدها" والتي يبحث عنها الزبائن هنا، بحسب ما يورد أحمد (42 عاما) الذي يضع شاشتين وألعاباً في صندوق سيارته القديمة ويقرّ: "نجد كلّ شيء لكننا خصوصاً على ثقة بأننا سنعود بلا مشاكل، من دون أن ينهبنا رجال الأسد".

وتزيد السيارات رباعية الدفع والمركبات الكبيرة التي تحمل لوحات محافظة إدلب، وراحت تنتشر هذا الأسبوع في شوارع حلب، المشهد تبايناً، لا سيما أن استيراد السيارات كان محظوراً من تركيا، ما اضطر السوريين إلى استخدام مركباتهم. 

ويخبر طبيب من حلب أتى أصدقاؤه للتبضّع في معاقل الفصائل المسلحة حيث الأسعار أرخص بثلاث مرات تقريباً من تلك في المدن: "تعود سيارتي إلى العام 2013 وكانت تعتبر جديدة، وقد عرض علي الأسبوع الماضي 50 ألف دولار لبيعها. لكن اليوم بما إنه بات من الممكن شراء سيارة جديدة في سرمدا، فهي لم تعد تساوي أكثر من 8 آلاف دولار". ويقول: "لم ندرك أننا المساكين".

(فرانس برس)

المساهمون