أسعار الوقود تؤرق بايدن... الغلاء يجبر الرئيس الأميركي على اللجوء إلى النفط الصخري بعد محاربته
يوجه الرئيس الأميركي جو بايدن جزءاً كبيراً من جهوده لوقف ارتفاع أسعار وقود السيارات، في إطار محاولات الحد من تداعيات ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة.
وتنظر الإدارة الأميركية إلى ارتفاع أسعار الوقود على أنه أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار كل شيء تقريباً، بما يسببه من ارتفاع أسعار نقل البضائع، وارتفاع تكلفة الحاويات الواردة من الصين، الشريك التجاري الأهم للولايات المتحدة، وغيرها من الدول، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التنقل للمسافرين براً وبحراً وجواً، خاصة بعد تسجيل متوسط أسعار الوقود على المستوى الوطني أخيراً أعلى مستوى له في سبع سنوات.
وعلى الرغم من انخفاض سعر النفط الخام بنهاية الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته في ستة أسابيع، بعد تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتنامي المخاوف من تطبيق إغلاق شامل جديد، أظهرت بيانات متخصصة في متابعة أسعار الوقود يومياً أن متوسط سعر الغالون العادي (20 لتراً) في عموم الولايات الأميركية استقر عند مستوى 3.41 دولارات، مرتفعاً من 3.34 دولارات الشهر الماضي، ومقارنة بنحو 2.12 دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأشارت الأرقام إلى أن أنواع الوقود الأخرى شهدت ارتفاعات مقاربة، حيث وصل متوسط سعر الوقود المتوسط إلى 3.77 دولارات للغالون، والوقود المميز إلى 4.04 دولارات للغالون.
والأسبوع الماضي، طالب بايدن هيئة التجارة الفيدرالية بالتحقيق في ما إذا كانت شركات النفط والغاز العاملة في الولايات المتحدة تتبع ممارسات غير قانونية بهدف الإبقاء على أسعار البنزين المرتفعة، وذلك في أحدث خطوات البيت الأبيض للرد على مخاوف المواطنين، الذين يكتوون بغلاء الأسعار، والمتخوفين من عودة معدلات التضخم للمستويات التي شهدتها البلاد خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي.
وفي خطابه إلى لينا خان، رئيس هيئة التجارة الفيدرالية، قال بايدن إن "هناك أدلة متزايدة على السلوك المعادي للمستهلك من قبل شركات النفط والغاز"، مشيراً إلى ارتفاع أسعار البنزين بنحو 3% مقارنة بالشهر الماضي، رغم انخفاض سعر الخام بأكثر من 5% خلال الفترة نفسها، وهو ما اعتبره بايدن دليلاً على ارتفاع أرباح شركات النفط والغاز على حساب المواطن الأميركي.
ويؤيد كثير من أعضاء الحزب الديمقراطي وجهة نظر بايدن، التي تتهم شركات النفط بالتربح على حساب المواطن الأميركي.
ويوم الأربعاء الماضي، غرد السيناتور الديمقراطي إد ماركي، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "تعمل شركات إنتاج النفط الكبرى على تغذية تغير المناخ، وتسحب الأموال بعيداً عن العائلات التي تكافح مع ارتفاع أسعار الوقود، وتفعل ذلك وهي تنفق مبالغ ضخمة لدعم منكري قضية التغير المناخي بهدف منعنا من التحول إلى بدائل أنظف وأقل تكلفة".
لكن معهد البترول الأميركي، أكبر قوة ضغط في صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة، يدفع بأن الإدارة الحالية هي المسؤولة عن ارتفاع تكلفة إنتاج النفط الأميركي، إذ أصدر المعهد، يوم الأربعاء الماضي، بياناً ألقى فيه باللوم على إدارة بايدن بسبب إلغاء العديد من مشاريع البنية التحتية الهامة للصناعة، التي تشمل العديد من خطوط الأنابيب الرئيسية.
وخلال سعيه لخفض سعر وقود السيارات في بلاده، خصص بايدن جزءاً كبيراً في أجندته الاقتصادية لتشجيع صناعة السيارات الكهربائية.
والأسبوع الماضي، زار بايدن مصنعاً جديداً لشركة جنرال موتورز ينتج السيارات الكهربائية، وتجول خلال زيارته في سيارة هامر تعمل بالبطاريات، في إشارة قوية إلى دعمه التحول إلى السيارات والشاحنات الموفرة للطاقة.
وتشمل حزمة الإنفاق التي نجح الرئيس الديمقراطي وحزبه في تمريرها الأسبوع الماضي بقيمة 1.2 تريليون دولار، مبالغ ضخمة لدعم ذلك التوجه.
وعلى نحوٍ متصل، وفي تصعيد لاستخدام نفوذه السياسي لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الوقود عن مواطنيه، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين في البيت الأبيض، قولهم إن بايدن طلب من مجموعة من أكبر الدول المستهلكة للنفط، تضم الصين والهند واليابان، الاستعانة بمخزونات النفط لديها، في جهد منسق لخفض حجم الطلب العالمي، بهدف خفض الأسعار العالمية للطاقة.
وتأتي الخطوة الأميركية غير المعتادة بعد أقل من أسبوعين من رفض منظمة أوبك وحلفائها دعوة أميركية إلى زيادة الإمدادات، وتمسكها بخطط العودة التدريجية لأحجام الإنتاج التي كانت قبل أوامر الإغلاق الكلي التي أُصدِرَت ربيع العام الماضي، ما سبّب تراجع الطلب على الذهب الأسود بصورة غير مشهودة في عقود.
ورغم محاربته لها لما تسببه من تلوث بيئي، اضطر بايدن إلى اللجوء إلى شركات إنتاج النفط الصخري، أملاً في زيادة إنتاجها للحد من ارتفاع الأسعار.
والشهر الماضي، تضاعف سعر برميل النفط الخام مقارنة بما كان عليه عند فوز بايدن في انتخابات الرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، الأمر الذي سبّب ارتفاع سعر الغالون من وقود السيارات في أميركا في المتوسط بنحو دولار، أو أكثر من 30% من متوسط سعره العام الماضي، وحثّ بايدن إدارته على التواصل مع شركات النفط الصخري طلباً لمساعدتها في خفض أسعار الوقود، وفقاً لـ"رويترز".
وخلال عامه الأول في البيت الأبيض، تدهورت شعبية بايدن بصورة واضحة، حتى إن نسبة الرضاء عن أدائه تراجعت إلى ما دون الـ40% في أحدث استطلاعات الرأي، لأسباب عدة، كان على رأسها، وفق أغلب التحليلات، ارتفاع أسعار كل شيء تقريباً.
والأسبوع الماضي، أظهرت بيانات وزارة العمل ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته في أكثر من ثلاثة عقود، وكان سعر وقود السيارات أقرب علاماته من المواطن الأميركي.