قفزت أسعار فواتير الكهرباء في الولايات المتحدة بنسبة 15.8% خلال شهر أغسطس/ آب الماضي على أساس سنوي، في أكبر وتيرة زيادة منذ عام 1981، مع استمرار الضغوط التضخمية وزيادة أسعار السلع والخدمات.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي الصادرة الثلاثاء، زيادة فواتير الغاز الطبيعي بنسبة 33% على أساس سنوي.
ورغم انخفاض أسعار البنزين والسولار، إلا أن تكاليف الطاقة الإجمالية لا تزال مرتفعة بنحو 24% عن المستويات المسجلة في شهر أغسطس 2021.
ويأتي ذلك الارتفاع في تكاليف الكهرباء والطاقة مع صعود أسعار أكبر نوعين من أنواع الوقود لمحطات الطاقة وهما الغاز الطبيعي والفحم خلال العام الماضي مع انتعاش الاقتصاد الأميركي من الوباء، إلى جانب تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا التي أدت إلى اندلاع أزمة طاقة في أوروبا.
وكانت بيانات مكتب العمل الصادرة الثلاثاء في واشنطن قد أظهرت ارتفاع معدل التضخم خلال شهر أغسطس/ آب أكثر من التوقعات، وصاحب الزيادة انهيار في أسواق الأسهم والسندات وارتفاع معدلات الفائدة وانقلب منحنى عائد السندات، إلا أن تفاصيل البيانات أظهرت بعض ما خفي من معاناة المستهلكين، إذ زادت فواتير الكهرباء عليهم بنسبة 15.8% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.
ومع تسجيل أسعار الكهرباء هذه الزيادة، التي تعد الكبرى منذ عام 1981، ارتفعت أيضاً أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، رغم أن البلد يعد أكبر منتج له في العالم، ويتمتع بالاكتفاء الذاتي فيه، على عكس بلدان أوروبا الغربية التي تستورد كميات ضخمة منه.
ويعد الغاز الطبيعي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة، وقد تضاعفت أسعار عقوده الآجلة منذ بداية العام، كما ارتفعت تكلفة الغاز المسال، والتي تشمل الغاز الذي يتم ضخه عبر الأنابيب إلى منازل المواطنين، بنسبة 3.5% على أساس شهري، و33% على أساس سنوي، خلال شهر أغسطس.
وارتفع أيضاً زيت الوقود، الذي يستخدم في تدفئة المنازل في الولايات المتحدة، بنسبة 68.8% على أساس سنوي، وهو ما سيشكل تكلفة إضافية كبيرة للأسر الأميركية هذا الشتاء.
ورغم الانخفاض الشهري لأسعاره في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي، والذي تجاوز عشرة بالمائة، ما زال سعر وقود السيارات أعلى مما كان عليه خلال نفس الشهر من العام الماضي بنسبة تتجاوز 25%، وهو ما اعتبره البعض علامة على محدودية تأثير جهود البنك الفيدرالي، حتى الآن، في السيطرة على معدل التضخم الأعلى في أكثر من أربعة عقود.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أغسطس بنسبة 8.3% على أساس سنوي، منخفضاً من 8.5% في يوليو/ تموز. وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار بنسبة 0.1%.ويقول أفي سالزمان محلل سوق المال والتكنولوجيا إن "تراجع أسعار وقود السيارات ساهم في تخفيض الصورة الكلية للتضخم.
وانخفضت أسعار وقود السيارات في الولايات المتحدة منذ منتصف شهر يونيو/ حزيران الماضي، بعد أن تجاوز متوسطها على مستوى كل الولايات خمسة دولارات، ليصل المتوسط حالياً إلى 3.71% "بعد نجاح الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في إقناع الشركات الأميركية بزيادة إنتاجها، وتزامناً مع تراجع الطلب، بالإضافة إلى إطلاق كميات كبيرة من مخزون النفط الاستراتيجي في البلاد"، كما يقول سالزمان.
ولا تستخدم سيارات نقل البضائع وقود السيارات المعتاد، وإنما تعتمد على زيت الديزل، الذي ينتمي إلى مجموع من المنتجات التي يطلق عليها "أنواع الوقود الأخرى".
وخلال شهر أغسطس، ورغم تراجعها مقارنة بالشهر السابق بنسبة 8.4%، ارتفعت أسعار "أنواع الوقود الأخرى" بنسبة 53% مقارنةً بنفس الشهر من العام الماضي، وهو ما يبدو أن آثاره امتدت لتكلفة شحن كل شيءٍ تقريباً، وتسببت في استمرار ارتفاع الأسعار.
ولا تبدو الإدارة الأميركية حالياً قادرة على إطلاق كميات مؤثرة من مخزونات زيت الديزل في الأسواق، إذ وصلت تلك المخزونات إلى مستويات شديدة التدني، نتيجة للحرب في أوكرانيا.وكانت روسيا واحدة من أكبر مصدري الديزل لدول أوروبا الغربية، لكن بعد العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، اضطرت الولايات المتحدة إلى تصدير كميات كبيرة منه، لتعويض النقص في الأسواق الأوروبية، وهو ما أثر على مستوى المخزون لديها.