أسعار القمح والذرة الشامية تتجه إلى الارتفاع وسط بوادر أزمة غذاء

04 سبتمبر 2023
مزرعة قمح في جنوب أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

شنّت القوات الروسية هجوماً كبيراً بطائرات من دون طيار على منطقة ميناء أوديسا بجنوب أوكرانيا في الساعات الأولى من يوم أمس الأحد، قبل يوم من إجراء الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، محادثات حول استئناف تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بدعم مالي قطري.

وانسحبت موسكو في يوليو/تموز الماضي من الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا بشحن الحبوب عبر موانئ البحر الأسود، بدعوى عدم احترام الاتفاق لمطالبها الخاصة بإزالة العقبات أمام تصدير الأسمدة والأغذية الروسية. وأصبح نهر الدانوب منذ ذلك الحين طريق التصدير الرئيسي للحبوب في أوكرانيا.
وحسب مصادر أوكرانية، أدى هجوم الأحد، الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات، إلى إصابة البنية التحتية لشحن الحبوب على نهر الدانوب، وفق ما كتب كبير موظفي الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، على تطبيق تليغرام.

ويبدو أن روسيا استهدفت من هذا الهجوم تقوية موقفها التفاوضي، الخاص بتصدير الحبوب الأوكرانية. ومعروف أن لدى روسيا محصولاً وافراً هذا العام، وتحتاج إلى الأسواق، ولذا تصر على إبعاد منافسة القمح الأوكراني لمحصولها في الأسواق العالمية، فضلاً عن المكاسب السياسية التي تترقبها من تزويد دول أفريقيا بالقمح الرخيص.

يترقب تجار الحبوب نتائج المفاوضات بين أردوغان وبوتين حول استئناف اتفاقية تصدير الحبوب الروسية

وسبق أن نفذت روسيا هجمات على البنية التحتية للموانئ الأوكرانية الأسبوع الماضي، لكن تأثيرها في السوق لم يدم طويلاً. ويتوقع وزير الزراعة والأغذية الأوكراني أن تصدر البلاد كميات مماثلة من القمح للموسم الماضي.
وبينما يترقب تجار الحبوب نتائج المفاوضات بين أردوغان وبوتين حول استئناف اتفاقية تصدير الحبوب الروسية، شهدت العقود الآجلة العالمية للقمح والذرة حركات متباينة الأسبوع الماضي، حيث تراجعت أسعار الذرة الشامية والقمح في شيكاغو، لكن العقود الآجلة للقمح في باريس ارتفعت بمعدلات هامشية.

ويرى موقع بارتشارت الأميركي المتخصص في أسواق الحبوب أن أسعار القمح والذرة الشامية تتجه للارتفاع في الأشهر المقبلة.

ويقول إن العامل الداعم الرئيسي لأسعار القمح في الوقت الراهن، هو الطقس الحار والجاف في الولايات المتحدة.

وسلطت بيانات المحاصيل السنوية التي تنشرها شركة "بروفارمر" الأميركية، الضوء على أن معظم المحاصيل الأميركية لا تزال غير ناضجة، وبالتالي فإن الطقس يمكن أن يعوق تحقيق التوقعات لإنتاج المحاصيل التي قدرتها وزارة الزراعة الأميركية.

وقدرت "بروفارمر" تراجع محصول الذرة الشامية في الولايات المتحدة بنسبة 2% عن توقعات وزارة الزراعة الأميركية هذا العام. ومع توقع المزيد من الطقس الجاف هذا الأسبوع، ارتفعت أسعار الذرة في شيكاغو الأسبوع الماضي.

وأفادت وزارة الزراعة الأميركية بأن 56% من المحصول كان في حالة جيدة أو ممتازة حتى 27 أغسطس/آب المنصرم. لكن هذه التقديرات تراجعت في الأسبوع قبل الماضي. على صعيد المحصول الروسي، أثرت الصادرات الروسية القوية في الأسعار، وخصوصاً أسعار القمح.

موقع بارتشارت الأميركي المتخصص في أسواق الحبوب: العامل الداعم الرئيسي لأسعار القمح، هو الطقس الحار والجاف في الولايات المتحدة

كذلك رفعت شركة "سوف إي كون" الروسية تقديراتها لمحصول القمح الروسي في العام الجاري من 87.1 مليون طن إلى 92.1 مليون طن، وهو ثاني أكبر تقدير على الإطلاق. وهذه العوامل ستساهم في تهدئة أسعار القمح، حتى في حالة تراجع الصادرات الأميركية.
على صعيد دور العملات في تسعير الأسواق للقمح، أثّر ارتفاع سعر صرف الدولار في العقود الآجلة الأميركية للقمح، في حين عزز ضعف اليورو أسعار العقود الآجلة للقمح في باريس الأسبوع الماضي.

وكانت المفوضية الأوروبية قد خفضت تقديراتها لإنتاج القمح والشعير والذرة في دول الاتحاد الأوروبي الـ 27. وكانت أكبر التخفيضات لإنتاج الذرة الشامية، لكن توقعات التصدير لم تتغير إلا قليلاً.
وتبدو نتائج القمح الفرنسي المؤقتة جيدة، لكن النتائج الألمانية المبكرة تسلط الضوء على انخفاض إنتاجية القمح ومحتوياته من البروتين.
وكانت أسعار الحبوب قد ارتفعت بشكل حاد الأسبوع قبل الأخير من شهر يوليو/تموز مع رد فعل العالم على انسحاب روسيا من مبادرة البحر الأسود، ولكنها تراجعت في نهاية الأسبوع بسبب جني الأرباح من قبل التجار المضاربين، وظلت عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من شهر، حسب تقديرات "بار تشارت" الأميركية.

على المدى الطويل، يتوقع تقرير متخصص أن يساهم التغير المناخي في ارتفاع أسعار الحبوب. ويقول التقرير الصادر عن مصرف "مورغان ستانلي" الأميركي، إنّ الزراعة تُعَدّ من بين القطاعات الأكثر تأثراً بالتغير المناخي.

وقدر البنك أن ما لا يقل عن 44% من إنتاج القمح، و43% من الأرز، و32% من الذرة، و17% من إنتاج فول الصويا يأتي من المناطق المعرضة لمخاطر التغير المناخي.

ويقول: "يمكن للكوارث الناجمة عن تغير المناخ أن تعرّض ما لا يقل عن 314 مليار دولار من الإنتاج السنوي للحبوب للخطر".

يتفاقم انعدام الأمن الغذائي بسبب نقص المياه، إذ تمثل الزراعة نحو 70% من استهلاك المياه العذبة على مستوى العالم

وأصبحت الشركات التي تنتج تحليلات مفصلة للمخاطر المناخية متنبهة بشكل متزايد لاحتمال حدوث زيادات حادة في أسعار السلع الزراعية في السنوات الأخيرة.

وتشير تقديرات "يونيليفر" الأميركية إلى أن الظواهر الجوية قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار زيت النخيل بنسبة تراوح بين 12% إلى 18% بحلول عام 2050، اعتماداً على مدى إمكانية الحد من ارتفاع درجات الحرارة، وأسعار المكونات الغذائية والسلع الأساسية الأخرى.
وترى أن بعض البلدان الباردة ستكون أكثر إنتاجية من الدول ذات الطقس الحار. وقد انتقلت بالفعل زراعة بعض المحاصيل شمالاً إلى مناخات أكثر برودة. وجعلت درجات الحرارة المرتفعة من روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم في العقد الماضي.

ويتفاقم انعدام الأمن الغذائي بسبب نقص المياه، إذ تمثل الزراعة نحو 70% من استهلاك المياه العذبة على مستوى العالم.

المساهمون