أسعار القمح العالمية تصعد لأعلى مستوى في 13 عاماً: مصر والجزائر في مأزق

27 أكتوبر 2021
مزارع مصري يحصد القمح في قرية بمحافظة المنوفية شمال القاهرة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

تقفز أسعار القمح في السوق العالمية إلى مستويات قياسية، وسط موجة تضخم تضرب أسواق العالم بفعل ارتفاع الطلب على السلع الأساسية وأزمة سلاسل التوريد، فضلاً عن تصاعد أسعار الطاقة التي أضحت تؤثر بتكاليف الحصاد والنقل في مختلف بقاع الأرض، الأمر الذي يضع الدول المستوردة للقمح وغالبيتها من البلدان العربية، ولا سيما مصر والجزائر، في مأزق يتعلق بإبرام صفقات وفواتير الشراء.

وسجلت أسعار القمح في بورصة "يورونكست" مكاسب جديدة، اليوم الأربعاء، لتصل إلى أعلى مستوياتها في 13 عاماً، بفعل مخاوف تتعلق بنقص محتمل في الإمدادات العالمية، خاصة من أميركا الشمالية.

ويراقب المتعاملون مستويات الأسعار ليروا ما إذا كان المستوردان الرئيسيان، مصر والجزائر، سيعودان قريباً إلى إصدار مناقصات شراء، ما يزيد الطلب ويرفع الأسعار.

وتعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ تصل الواردات إلى 12 مليون طن سنوياً، حيث يتجاوز الاستهلاك نحو 20 مليون طن سنوياً، بينما يراوح الإنتاج المحلي بين 8 و9 ملايين طن سنوياً، وفق تصريحات لوزير التموين والتجارة الداخلية على المصيلحي في مايو/أيار الماضي.

كذلك تعد الجزائر من أكبر مستوردي القمح في العالم بعد مصر، وبينما لا تكشف السلطات عن حجم الواردات السنوية، إلا أن وزارة الزراعة الأميركية قدرت في تقرير حديث لها حجم استهلاك الجزائر من هذه السلعة لموسم 2020/2021 بين 10.7 ملايين طن و11 مليون طن، ما يشير إلى استيراد ما يصل إلى 6 ملايين طن سنوياً.

وارتفعت عقود القمح تسليم ديسمبر/ كانون الأول 2.75 يورو، أو 1%، لتبلغ عند التسوية 284.75 يورو (331.39 دولار) للطن، وهو أعلى مستوى منذ مارس/ آذار 2008، وفق وكالة "رويترز".

وتدخل الأسواق العالمية فصلها الأخير من عام 2021، محملة بأعباء تضخمية ثقيلة يتوقع ازدياد حدتها في ظل اتساع أزمة الطاقة التي يتزايد الطلب عليها لتسجل قفزات غير مسبوقة في الأسعار، لتلقي بالمزيد من الضغوط على تكاليف الإنتاج في مختلف القطاعات، ولا سيما الغذاء، الذي يشهد قفزات غير مسبوقة في الأسعار وتعد الأعلى في نحو 60 عاماً، ما دعا منظمات دولية أخيراً إلى التحذير من كلف سياسية لا تقتصر على الدول الفقيرة فحسب، بل قد تطاول البلدان الغنية أيضاً.

وتُحلّق أسعار الغذاء والوقود عالياً في مختلف أنحاء العالم، وسط توتر في سلاسل التوريد بفعل استمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا، ما يؤدي إلى زيادة الضغوط نحو مزيد من ارتفاع الأسعار ويلهب فواتير البقالة التي بدأ المستهلكون في الاقتصادات الكبرى يئنون منها بالأساس، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والصين واليابان وكوريا الجنوبية، بينما خارت من قبلهم القدرات الشرائية لمواطني الدول الفقيرة، خاصة العربية المستوردة للغذاء والطاقة.

وتنعكس أسعار الطاقة بشكل مرعب على تكاليف مختلف السلع، ولا سيما الأغذية، إذ باتت حتى المحاصيل الزراعية مهددة في ظل الغلاء الذي يطاول الأسمدة وتكاليف الزراعة والحصاد، فضلاً عن شحن البضائع التي تشهد بالأساس تكاليف متزايدة بفعل اختناق سلاسل التوريد.

وفي الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تهدد مشكلة الطاقة بإطلاق موجة ارتفاع جديدة في أسعار المحاصيل وأسعار الغذاء العالمية، لأنها تعني أن البلاد على وشك استقبال موسم حصاد ضعيف من الذرة وفول الصويا والفول السوداني والقطن، بينما استوردت الصين على مدى العام الماضي كمية قياسية من المنتجات الزراعية بسبب نقصها في الداخل، ما دفع أسعار الغذاء وتكاليفه العالمية إلى أعلى مستوى في عدة سنوات.

وارتفع مؤشر الأمم المتحدة لأسعار الغذاء بنسبة 33% على مدى الاثني عشر شهراً الماضية. وفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) الصادرة نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أصبحت تكاليف الغذاء أعلى بالفعل حالياً مما كانت عليه في أي وقت تقريباً خلال 60 عاماً الماضية.

ولم تعد المتاعب تلاحق البلدان الفقيرة فحسب، وإنما الدول الغنية أيضاً، وفق ما نقلت وكالة "بلومبيرغ" في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عن أليستر سميث، الزميل الأول في مجال التنمية المستدامة العالمية بجامعة "وارويك" في بريطانيا، مضيفاً: "الغذاء أغلى اليوم مما كان عليه مقارنة بالغالبية العظمى من التاريخ المسجل الحديث".

وأصبح شراء الطعام الآن أصعب مما كان عليه في دول ثورات الربيع العربي في 2011، كما تعاني البلدان الغنية من المتاعب أيضاً، حيث تؤثر تداعيات جائحة كورونا بمصادر دخل الأفراد. ففي الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، قال 8.6% من الأشخاص إنهم في بعض الأحيان أو في كثير من الأحيان لم يتوافر لديهم ما يكفي من الطعام خلال الأسبوع السابق، في استطلاع انتُهي منه في 30 أغسطس/ آب الماضي، وفق "بلومبيرغ".

المساهمون